«ماذا بعد الهدنة المؤقتة؟».. أهالي شمال غزة يتطلعون للعودة لديارهم

أهالي شمال غزة يتطلعون للعودة لديارهم
أهالي شمال غزة يتطلعون للعودة لديارهم

انبثقت مشاهد كثيرة خلال فترة الهدنة المؤقتة في غزة منذ يوم الجمعة الماضية وحتى هذه اللحطات التي تخللتها عدة ألوان في هذا القطاع المنكوب، كانت عودة السكان من جنوب القطاع إلى شماله لها طابع خاص خلال هذه الفترة، فبين الحنين لمنازلهم حتى ولو دمرت والفرح لغياب القصف الإسرائيلي ولو كان لأيام معدودة، وكذلك الحزن لفراق الأحباء، كان الأمل للعودة إلى ديارهم وأحيائهم يطوق أذهانهم بعد فترة طويلة من تغريبهم من أماكن عيشهم وانقلاب حياتهم رأسًا على عقب منذ 7 أكتوبر المنصرم.


جانب مأساوي آخر كشفته أيام الهدنة المؤقتة 

فمنذ اللحظات الأولى لانطلاق الهدنة المؤقتة قبل ثلاثة أيام، عاد مئات الآلاف من سكان القطاع من جنوبه إلى شماله، حيث توجه بعض الأهالي ليتفقدوا منازلهم وممتلكاتهم واخذها معهم، والبعض الآخر، كانوا يتطلعون لاخراج جثامين أحبائهم من تحت الركام خلال هذه التهدئة وآخرون اتجهوا نحو الشمال ليطمئنوا فقط على أقاربهم خاصة مع انقطاع وسائل الاتصالات في القطاع بين حين وآخر.

وكشفت فترة التهدئة في غزة عن جانب آخر مأساوي للواقع الصعب الذي يعيشه هذا القطاع المنكوب، وكانت هذه الفترة مثل نافذة تكشف عن حجم الدمار الهائل الذي خلفه الاحتلال الإسرائيلي بالبنية التحتية والأرواح البريئة التي وصلت حتى الآن إلى 15000 شهيد، وكانت أيام التهدئة الأربع فرصة لمشاهدة معاناة السكان والدمار الذي حل بالمنطقة من جانب آخر. 


آثار الحصار الإسرائيلي على حياة السكان طيلة فترة الحرب

وبسبب الحصار الإسرائيلي الذي استمر لأكثر من شهر ونصف، جرفت الحرب القطاع إلى مشهد مأساوي، وعادت الحياة فيه إلى أساليب بدائية وتقليدية، وتأثرت حياتهم اليومية بشكل كبير، إذ أصبحوا يطهون الطعام المتوفر لديهم على نيران الحطب بعد توقف إمدادات الغاز عن القطاع، وكذلك باتت وسيلة النقل المتاحة هي عربات الكارو التي تجرها الحمير والأحصنة، حتى أرفف المحال التجارية لم تسلم من هذه الحالة المأساوية وأفضت بالفراغ وعانت من ألم الجوع والفقر.

أما عن بيوت السكان التي كانت ملاذًا لهم قبيل اندلاع الحرب، فقد أصبحت هناك نسبة كبيرة من المباني السكنية مدمرة وهالكة جراء القصف الإسرائيلي الذي طال أرجاء القطاع،  حتى بات أكثر من 60 % من المنازل غير صالح للسكن.

وعلى الجانب الآخر، من الواضح أن كل شيء في قطاع غزة يعيش حالة من الندرة والشح، وتحولت الحياة اليومية إلى تحدي مستمر حيث أصبحت السلع الغذائية نادرة، وأسطوانات الغاز قليلة جدًا، مما يزيد من صعوبة محاولة السكان الحصول على احتياجاتهم الأساسية، فضلًا عن انقطاع المياه عن غزة، مما جعل حتى الحصول على مياه الشرب أمرًا صعبًا للغاية وربما مستحيل!!.

وكذلك الحقول الزراعية التي جفت بسبب نقص المياه، أدت بالتأكيد إلى تراجع إنتاج المحاصيل وتفاقمت الأوضاع الغذائية أكثر وأكثر. 

فالطعام والمياه، اللذان كانا يعتبران ذات يوم أمورًا طبيعية ومتاحة للجميع، أصبحا الآن سلعًا نادرة تثير القلق والحاجة الماسة، ليواجه السكان تحديات صعبة تفوق تحملهم.


غلاء المعيشة يفاقم وضع السكان

وحيال ذلك، يعاني السكان بشكل ملحوظ من كل تلك المشاهد القاسية التي حلت عليهم بسبب الحرب التي بدأت في السابع من أكتوبر الماضي، وبات ارتفاع مؤشر غلاء المعيشة مصدر قلق حقيقي، حيث يجد الأفراد أنفسهم يواجهون تحديات كبيرة في تأمين احتياجاتهم الأساسية، في الوقت الذي يعاني فيه السكان بالفِعل من توفير دخل مستقر بعد تشريدهم من أماكن عيشهم وانتقالهم إلى العمل بمهن أخرى لم يعتادوا عليها قبيل الحرب مثل جمع الحطب وبيعه في الأسواق، وصنع وبيع الحلوى للسكان، وحتى بعض التجارات الأخرى التي افترش باعتها الأرض أو حملها على عربات الكارو.

 


 

ماذا بعد التهدئة؟؟.. سؤالٌ يتردد في أذهان أهالي غزة 

وفي ظل غموض المشهد الدائر في القطاع واتجاه الحرب، يظل هناك سؤال محوري يتردد في أذهان وقلوب أهالي غزة خلال فترة التهدئة هذ، وهو، ماذا بعد؟؟

ماذا بعد.. هل هذه الهدنة المؤقتة هي مُجرد مقدمة لوقف إطلاق النار؟؟، هل ستنتهي الحرب؟؟، أم أنهم سيستيقظون بعد انتهاء هذه الفترة على أصوت القصف الإسرائيلي والقنابل مرة أخرى؟؟.

سؤال مجهول يثقل كاهل أهالي غزة في كل لحظة تمر عليهم في هذه الأجواء التي اشتاقوا إليها بدون قصف.. بدون فقدان.. بدون خرابٍ ودمارٍ ورعب، يعيشون في حالة من الخوف والقلق والانتظار، آملين في أن تستمر فترة التهدئة للأبد وليس للحظاتٍ وأيامٍ معدودة.