بتكلفة مليون ونصف.. تفاصيل حفل افتتاح قناة السويس الأسطوري عام 1869

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

■ كتب: فتحي البيومي

فكرة واحدة سيطرت على عقل الخديوي إسماعيل في ذلك الوقت، وهى إبهار العالم بحفل أسطوري يذكر في التاريخ ولا يمحى أثره عبر العصور، فعلى ضفاف قناة السويس تم التنظيم للحفل ، وبدعوة أكثر من ٦٠٠٠ شخص ما بين ملوك وأمراء ووزراء وصحفيين أقيمت المأدبة .

فمن أجل قناة السويس بنيت الإسماعيلية، ومن أجل العالم شقت قناة السويس ، فقد كان حفل الافتتاح مراسم كبيرة تليق بإنجاز مشروع ضخم لا يضاهيه أي إنجاز في العالم كله .

"بوابة أخبار اليوم" تكشف تفاصيل حفل افتتاح قناة السويس بداية بالقرآن الكريم وصولا إلى ختام الحفل .

◄ التجهيز للحفل ودعوة الضيوف
وعن تجهيزات الحفل ودعوة الضيوف يقول الكاتب والمؤرخ "أحمد فيصل" لقد كانت بداية قناة السويس في عهد الخديوي إسماعيل بداية قوية ومشرفة بافتتاح عمل عظيم شهده عظماء العالم وشهدوا له، فقد شهد الخديوي إسماعيل دخول مياه البحر الأبيض المتوسط إلى البحيرات المرة ووثق إنجاز مشروع حفر قناة السويس، فسافر بعد ذلك في رحلة طويلة إلى أوروبا، بدأها بالإسكندرية في 17مايو 1869 ليدعو الملوك والأمراء ورؤساء الحكومات ورجال السياسة والعلم والأدب والفن لحضور الاحتفال الذي عزم أن يقيمه لافتتاح قناة السويس رسميا يوم 17 نوفمبر 1869، وبعد أن عاد الخديوي إلى مصر بدأ في الإعداد للحفل الكبير فاستخدم خمسمائة طاه وألف خادم من ترستا وجنود ليكونوا في خدمة الضيوف، وطلب من مسيو دي لسبس أن يقوم بالاستعدادات لضيافة ستة آلاف مدعو.

◄ طوائف الشعب على ضفتى القناة
ويضيف" فيصل" لقد كان مهرجانا للأزياء على ضفاف القناة، حيث كان الخديوي إسماعيل قد أوعز إلى مديري الأقاليم بأن يرسل كل منهم جماعة من الأهالي بنسائهم وأطفالهم وأدواتهم البيتية وركوبهم، فانتشروا على طول القناة، فترى خيام الأعراب، وأكواخ السودانيين وعشش الفلاحين، وزرابي الصعايدة وذلك في رسالة منه لتواجد كل فئات الشعب المصري وتعبيرا عن كافة الطوائف ومشاركتهم  الاحتفال بهذا المشروع العظيم، فقد كان إسماعيل حريصا على إظهار علاقة الود والألفة بينه وبين الشعب أمام العالم أجمع.

◄ تنظيم الحفل
وعن تنظيم  الحفل يقول "فيصل" لقد أقيمت ثلاث منصات خشبية كبيرة على شاطئ البحر كأن الواحدة منها إيوان كسرى وكسيت بالحرير والديباج وزينت بالأعلام وفرشت أرضها بالبساط الثمينة ونشرت في أرجائها الرياحين والورود وصفت فيها الكراسي صفا صفا، فأعد أحدها للضيوف، وخصص الثاني للعلماء المسلمين في مقدمتهم الشيخ السقا والشيخ العمروسي والشيخ المهدي العباسي مفتي الديار المصرية، والثالث لأحبار الدين المسيحي ورجال الأكليروس وعلى رأسهم المنسيور كورسيا أسقف الإسكندرية والمنسيور باور الرسول البابوي. 

ونصب على الشاطئ الأسيوي خيالة بورسعيد وعلى الشاطئ الإفريقي المظلات البديعة للجماهير المدعوين، ووقفت السفن بالمرفأ على شكل قوس بديع المنظر وكان عددهم يفوق الثمانين بجانب خمسون حربية منها ست مصرية ومثلها فرنسية واثنتا عشرة إنجليزية وسبع نمساوية وخمس ألمانية وواحدة روسية وواحدة دنماركية واثنتان هولنديتان.

◄ فقرات الحفل
وعن فقرات الحفل يقول "فيصل" لقد بدأ الحفل بفقرة دينيه، حيث وقف شيخ الإسلام محاطا بالعلماء وتلا ما تيسر من القرآن الكريم ثم دعا المولى عز وجل أن يختص هذا العمل العظيم بعنايته ورعايته وأن يهيئ له النجاح في كل زمان.

ثم تقدم المسيو كورسيا يحوطه رجال الأكليروس وتلا صلاة حارة دعا الله فيها أن يكلأ هذا العمل ويباركه بروح من عنده.

◄ اقرأ أيضًا | حكاية عشق الملك فاروق للإسماعيلية.. والعاملون بمستشفى نمرة ٦ ينقذون حياته

ثم تقدم المسيو باور وألقى بصوت جهوري وبعبارة فرنسية بليغة خطابا وجهه إلى الخديوي أولا خصه فيه بآيات الشكر والثناء على قيامه بهذا العمل العظيم الذي أدى إلى تصافح الشرق والغرب.

وعند المساء مدت الموائد متتابعة لستة آلاف مدعو وبها أشهى الأطعمة والمشروبات، حتى إذا حلت الساعة الثانية بدت الأنوار والزينات على ضفتي القناة تجعل الليل البهيم كأنه ضي وضياء.

وظهر يخت الخديوي المحروسة في من الأنوار تتألق على صفحات حلة الماء فتعكس منها كأنها شعلة أو ثريات بدت في كبد السماء وأخذ يطلق مدفع بين دقيقة وأخرى والموسيقى تدوي بنغمات الفرح والسرور وانقضى الليل واختتم الحفل بالألعاب النارية.