«دراسة» تكشف أسرارا عن شعور الإنسان بالوحدة

 الوحدة
الوحدة

يشعر البعض بشعور الوحدة والرغبة في البقاء وحيداً بعيداً عن الآخرين، ويمكن اعتبار الوحدة بأنّها عاطفة إنسانية يصعب فهمها، فهي قد تختلف من شخصٍ لآخر، وهي شعور سيئ وفي نفس الوقت لها آثارها التي تنعكس سلباً على الشخص المصاب بالوحدة.

سواءً من الناحية الصحية كالتغيّر في وظائف المخ، والإصابة بمرض الزهايمر، والإصابة بأمراض القلب، والسكتة الدماغية، أو من الناحية السلوكية؛ كإدمان تعاطي المخدرات أو الكحول، وزيادة مستويات التوتر، كما قد تصل الأعراض إلى الاكتئاب، ممّا يستدعي ضرورة البحث عن طرق للخروج من الوحدة في حال مرّ الشخص بذلك الشعور.

الوحدة تسهم في مجموعة من المشكلات الصحية، بما في ذلك القلق وأمراض القلب والخرف، "الوحدة قاتلة".. عبارة عادة ما نسمعها لكن قد لا نفهمها، إلا أن الدراسة التي نحن بصدد عرضها تنذر بأن الوحدة فعلا قد تؤدي للموت.

فقد كشفت دراسة حديثة أن الشعور بالوحدة ليس مجرد حالة عاطفية، بل يمكن أن تذهب أبعد من ذلك وربما تشكل مسألة حياة أو موت.

احذر.. «العزلة الاجتماعية» تهدد بالوفاة المبكرة

وأكدت الدراسة التأثير العميق للعزلة الاجتماعية على معدل الوفيات، وبحسب ما أوردته صحيفة "وول ستريت جورنال" Wall Street Journal، فقد لفتت الدراسة إلى وجود علاقة بين الوحدة والعزلة الاجتماعية وزيادة خطر الوفاة لأسباب مختلفة.

وأكدت الدراسة أهمية الحفاظ على روابط اجتماعية قوية من أجل الرفاهية العامة. وأوضحت أن الأفراد الذين يعانون من الوحدة التي تحددها عوامل مثل قلة زيارات العائلة والأصدقاء والعيش بمفردهم والافتقار إلى الأنشطة الجماعية الأسبوعية، يواجهون خطراً مرتفعاً للوفاة لأي سبب.

الدراسة، التي أجراها باحثون في "جامعة جلاسكو" ونشرت في مجلة BMC Medicine، تناولت بيانات أكثر من 450 ألف مشارك في قاعدة بيانات البنك الحيوي في المملكة المتحدة على مدى أكثر من عقد من الزمن.

وذكرت أن "الوحدة لا تتعلق فقط بالشعور بالوحدة، فهي تشمل عدم القدرة على الثقة في رفيق مقرب والتفاعلات الاجتماعية النادرة، وغياب الأنشطة الجماعية الأسبوعية، حيث تمتد عواقب الوحدة إلى ما هو أبعد من الاضطراب العاطفي، حيث تسهم في مجموعة من المشكلات الصحية، بما في ذلك القلق وأمراض القلب والخرف".

كما أكدت الدراسة أن الذين لم تتم زيارتهم من قبل العائلة والأصدقاء مطلقاً، يزيد خطر الوفاة لديهم بنسبة 37%، مقارنة بأولئك الذين يقومون بزيارات يومية.

ووجد الباحثون أن الزيارات الشهرية لها تأثير وقائي، حيث تقلل من خطر الوفاة.

كما تعمقت الدراسة في العواقب الفسيولوجية للوحدة، فالوحدة المزمنة تعطل أنماط النوم وترتبط بالالتهابات الجسدية، وهي مقدمة لأمراض مختلفة.

لماذا نشعر بالوحدة؟

يوجد العديد من الأسباب التي تؤدي إلى الشعور بالوحدة، وفيما يلي بعض أبرز تلك الأسباب:

- التعرّض للإساءة أو الرفض من قبل الآخرين: قد يتعرّض البعض إلى العديد من الاعتداءات اللفظية والنفسية مثل؛ تكرار الكذب عليه، أو السخرية والاستهزاء به، أو التعبير عن رفض أفراد العائلة أو الأصدقاء له، فيشعر بأنهم لا يريدون التواصل معه، وغيرها من الاعتداءات التي تدفع الشخص للدفاع عن نفسه من خلال عزل نفسه عن أولئك الأشخاص، وكذلك عن الأشخاص الذين يهتمون لأمره.

-عدم القدرة على التكيُّف: أحياناً يشعر الشخص بأنّه مختلف عمّن يحيطونه، وبأنّ أفكاره لا تتناسب مع أفكارهم، فيصبح غير قادر على التكيّف معهم، أو يتعرّض للرفض بسبب ذلك.

- فقدان شخص عزيز: قد يؤدي الانفصال عن شخص عزيز أو فقدانه، أو الطلاق إلى الشعور بالوحدة، خاصةً عند الانفصال عن شخص مهم ومميّز، فتلك المشاعر القوية كفيلة بأنّ تُشعر الشخص بالوحدة.

عوامل داخلية: يمكن أن تؤدي بعض العوامل الداخلية للشخص نفسه؛ كتدني احترام النفس أو تدنّي الثقة بالنفس إلى الشعور بالوحدة، فأولئك الأشخاص يعتقدون بأنّهم لا يستحقون احترام الآخرين أو اهتمامهم، وذلك بدوره يؤدي إلى الانعزال عن الآخرين والشعور بالوحدة.

- التعرّض لظروف جديدة: يتعرّض الجميع للعديد من الظروف المستجدّة عليه، كتغيير المدرسة أو الجامعة، أو مكان العمل، أو الانتقال إلى مكان جديد للعيش فيه، أو تجربة العيش بشكل منفرد لأول مرة، وغيرها من الظروف التي قد تزيد من مشاعر الوحدة لدى الشخص وخاصةً في حال عدم قدرته على التكيّف معها.

- الافتقار إلى الروابط الهادفة: فقد يمتلك الشخص شبكة اجتماعية واسعة، إلّا أنّه يشعر بالوحدة بسبب عدم قدرته على تكوين روابط وعلاقات هادفة أو ذات معنى مع الآخرين.

- التعايش مع المشاكل الصحية: قد يؤدي تعايش الشخص مع المشاكل الصحية سواءً البدنية أو العقلية إلى الشعور بالوحدة، بسبب عدم امتلاك طاقة لممارسة الأنشطة الجماعية والتي تتطلّب طاقة عالية لدى الشخص، فيضطر إلى إلغاء العديد من تلك الأنشطة الجماعية والبقاء وحيداً.