أمناء دفعـوا ثمنًا غاليًا لتحديهم عربدة الاحتلال

داغ همرشولد، بطرس غالي
داغ همرشولد، بطرس غالي

عرفت إسرائيل صدامات مع عدد من أمناء الأمم المتحدة، ففي بداية عمل الأخيرة رسميا أرسلت السويدي الكونت فولك برنادوت، كوسيط دولي تابع للأمم المتحدة، والذي اتخذ مواقف شجاعة ضد الحركة الصهيونية منها حق الفلسطينيين المهجرين في العودة واستمرار السيادة العربية على القدس، فكانت النتيجة أن اغتالته عصابة (شتيرن) الصهيونية بقيادة إسحاق شامير (رئيس الوزراء الإسرائيلي في ما بعد) في 17 سبتمبر 1948.

وشكلت فترة تولي السويدي داغ همرشولد للأمانة العامة للأمم المتحدة، (1953-1961)، ذروة التوتر بين شاغل المنصب والكيان الصهيوني إذ عرف بمواقفه الصارمة والمتوازنة في ذروة الحرب الباردة بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي، فكان له العديد من المواقف القوية منها رفض العدوان الثلاثي لبريطانيا وفرنسا وإسرائيل على مصر 1956، لذا لم يكن غريبًا أن يعلن ديفيد بن جوريون، رئيس إسرائيل وقتها، أن همرشولد هو عدو إسرائيل الأول بعد روسيا. وزاد همرشولد من الغضب الإسرائيلي برفضه طلبها المشترك مع الولايات المتحدة لنشر قوات على الحدود مع لبنان، وأشار إلى أن بيروت لم تطلب نشر القوات على حدودها، بعدها بسنتين ونتيجة لمواقفه الأخرى الرافضة للاستعمار الغربي قتل همرشولد بعد تحطم طائرته في الكونغو في ظروف غامضة عام 1961.

◄ اقرأ أيضًا | «مهادنون».. صمتوا مقابل البقاء بالمنصب

أما المرة الثالثة فكانت بعد ارتكاب الجيش الإسرائيلي مذبحة في قانا اللبنانية، 18 أبريل 1996، بعدما هرب اللاجئون اللبنانيون إلى أحد مراكز قيادة قوات الأمم المتحدة في جنوب لبنان (قوات اليونيفيل)، هربا من القصف الإسرائيلي على جنوب لبنان، لكن القصف طالهم داخل المقر الأممي فقتل ما لا يقل عن 250 مدنيا لبنانيا، وإزاء هذه العربدة الإسرائيلية، قرر الأمين العام للأمم المتحدة وقتها بطرس بطرس غالي، تكليف مساعديه العسكري والسياسي بإجراء تحقيق موسع لمعرفة ما إذا كان القصف متعمدا أو غير متعمد كما يدعي الجانب الإسرائيلي.

وجاءت نتيجة التقرير واضحة في بيان تعمد الطيران الإسرائيلي استهداف المدنيين، لكن مساعدي بطرس غالي الأمميين طالبوا بعدم تضمين هذه النتيجة في التقرير الرسمي توقعا لما قد يثيره من غضب الولايات المتحدة وتابعتها إسرائيل، لكن المصري بطرس غالي رفض وتحمل مسئولية التقرير بشكل شخصي، وبناء على التقرير تم التصويت في مجلس الأمن على مشروع قرار إدانة لإسرائيل، لكن الولايات المتحدة استخدمت حق النقض (الفيتو)، بينما شنت هي ووسائل الإعلام الإسرائيلية حربا شعواء على بطرس غالي.

وقد جرت العادة على أن الأمين العام يتولى منصبه لدورتين متتاليتين بشكل توافقي من دول العالم، إلا أن أمريكا، استخدمت حق الفيتو ضد ترشيح بطرس غالي لفترة ثانية، وحققت واشنطن المراد بعقاب بطرس غالي على مواقفه الفاضحة للعداون الإسرائيلي.