غزة تتمسك بالأمل رغم الدمار

النساء يفترشن الطرقات لإعداد الخبز.. والابتسامة تعود لـ «الطفل المرتجف»

الطفل المرتجف
الطفل المرتجف

أطفال العرب يتضامنون مع القطاع برفع الأعلام وارتداء العقال الفلسطينى
معبر رفح رمز للإنسانية.. والاعتداءات الإسرائيلية تعيد إحياء القضية 

الأمل وحده هو الذى يجعلنا نتشبث بالحياة، ورغم المجازر الوحشية التى يرتكبها العدو الصهيونى المتغطرس بحق المدنيين العزل فى غزة، إلا أن أهالى القطاع يتمسكون بالأمل فى مستقبل مشرق خال تماماً من كيان مغتصب ، يحاول العدو الصهيونى بث مشاهد القتل والدمار والخوف فى قلوب الأطفال والنساء والشيوخ إلا أنهم صامدون، فقد أعلنوا جميعاً أنه لا تفريط فى الأرض.

مشاهد الموت والخراب والدم لم تسلب من الأهالى حق التمسك فى الحلم بحياة أفضل ومستقبل كله حرية، «الأخبار» ترصد صور ومظاهر الأمل داخل قطاع غزة، وكأنها لوحة فنية صممها أهل غزة للبحث دائماً عن الحياة.

وهكذا يظل أهل غزة رمز التحدى والصمود، ونموذجاً للعزة والكرامة والتضحية فداء للأرض، كل شىء فى القطاع يُبشر بالنصر رغم المآسى، فلا يأس مع الحياة ولا حياة مع اليأس ، يعرف الأهالى جيداً أنه سيأتى اليوم الذى يرفعون فيه أعلام النصر وأكاليل الغار، ذلك اليوم الذى سيتم فيه تحرير غزة وفلسطين بأكملها من سطوة الاحتلال الإسرائيلى الغاشم، وسيقولون للعالم أجمع: «لن نفرط فى أرضنا واستعدناها من فم كائنات صهيونية شرسة لا تعرف إلا قتل الأطفال والنساء والشيوخ» .

الحياة مستمرة

النساء فى شوارع غزة يبعثن الأمل فى النفوس رغم استشهاد ذويهن سواء كانوا أزواجهن أو أبناءهن أو أخوانهن ، هؤلاء النساء يفترشن شوارع غزة من أجل إعداد الخبز لأهاليهن المتبقين على قيد الحياة ، فى إشارة إلى استمرار الحياة واستمرار الدفاع عن قضيتهم الأزلية بأنه لا تفريط لا فى الأرض ولا العرض رغم ترسانة الكيان الصهيونى المحتل وآلاته ومعداته الحربية التى يستخدمها لقهر أهل غزة ولكن هيهات.

الصبية من الأطفال يلتفون حول النساء اللاتى أشعلن المواقد فى شوارع غزة لإعداد الخبز « العيش « ، فالعيش دائماً مقرون بالحرية ، والحرية هى الهدف الأسمى داخل قطاع غزة ، حرية من الاحتلال الصهيونى وغطرسته وقمعه وبطشه وتجرده من كل معانى الإنسانية .

مشهد آخر يثبت أن أهل غزة لازالوا متمسكين بالأمل فى غد أفضل وفى صباح مشرق يحررهم من الطغيان الإسرائيلى واستبدادية الصهيونية ، فعلى الأنقاض أقامت بعض الأسر الفلسطينية حفلات أعياد ميلاد لأولادهم الذين لم يستشهدوا ولم يكونوا فى عداد الموتى ، حفلات الهدف منها هو رفع الروح المعنوية لدى هؤلاء الأطفال الصغار الذين لا حول لهم ولا قوة وكتب عليهم رؤية مشاهد القتل والدمار والعنف والتخريب غير المسبوق من جانب قوات الاحتلال الصهيونى المتغطرس تجاه المدنيين العزل فى قطاع غزة .

أهالى هؤلاء الأطفال أرادوا رفع آثار الصدمة والاضطرابات النفسية التى لحقت بالأطفال عقب رؤيتهم لتلك المشاهد الدموية فى قطاع غزة ، ففكروا فى إقامة حفلات أعياد ميلاد لهم تنسيهم ولو لبرهة من الزمن الويلات التى عاصروها ورأوها بأعينهم من مجازر وحشية تجاه أهالينا فى قطاع غزة .

عزيمة الأطفال

ثمة مشهد آخر يبعث الأمل فى النفوس وهو الطفل الذى ظهر فى أحد الفيديوهات القادمة من غزة عبر وسائل التواصل الاجتماعى وهو يرتجف من شدة خوفه بعد أن شاهد بعينه ضرب الاحتلال الإسرائيلى لمستشفى المعمدانى فى القطاع وكان على مقربة من القصف الصهيونى للمستشفى ..

الفيديو أثار تعاطف الملايين من مستخدمى وسائل التواصل الاجتماعى خاصة وأنه ظهر من خلاله مرتعشاً مرتجفاً غير قادر على الكلام مصاباً بصدمة نفسية من هول ما شاهده من ضرب وقصف للمستشفى تبعها بحور من الدم وأشلاء لأطفال ونساء ومدنيين عزل كانوا يحتمون داخل المستشفى من الضربات الإسرائيلية المتتالية على القطاع ، وفى فيديو آخر بثه والد الطفل محمد منذ عدة أيام ظهر محمد مبتسماً لتعود إليه طفولته التى حاول الكيان الصهيونى سلبها ولكنه فشل ، فابتسامة محمد تؤكد أنه فهم الدرس وأنه استوعب القضية رغم صغر سنه وأنه سيكبر وسيحمل لواء القضية الفلسطينية من جديد وأنه سياخذ بثأر أقرانه الأطفال وأهاليهم الذين استشهدوا أمام عينه ومسمعه .

صورة أخرى تحكى مفردات الأمل وأن أطفال غزة سيعودون فى ريمونتادا قوية من أجل استعادة أرضهم والدفاع عن قضيتهم ، هذه الصورة هى صورة الطفل عمر الذى كان يلقنه شقيقه الشهادة داخل أحد المستشفيات بقطاع غزة بعد أن أصيب بنيران وطلقات الاحتلال الإسرائيلى ، كان أخوه يقول له «اسمعنى ..على صوتك ..ردد الشهادة»، ولأن أطفال غزة يمتلكون الإرادة عن غيرهم تمكن هذا الطفل من العودة مرة أخرى إلى الحياة بعد أن تلقى العلاج وتمت مداواته من الجروح والإصابات التى لحقت به فى عدوان إسرائيلى غاشم .

رفح..الحياة

ثمة شىء آخر يبعث الأمل داخل قطاع غزة وهو معبر رفح ..هذا المعبر الذى أصبح حديث الصباح والمساء فى كل دول العالم ، فهو رمز للإنسانية فى وقتنا هذا خاصة وأنه كان سبباً فى تأكيد موقف مصر من القضية الفلسطينية ودعمها لحقوق الشعب الفلسطينى المشروعة فى إقامة الدولة الفلسطينية على حدود ما قبل 67 ، فمن خلال هذا المعبر رفضت مصر إجلاء الرعايا الأجانب من قطاع غزة إلا بعد دخول المساعدات إلى القطاع ، وبالفعل نجحت مصر فى ذلك ونجحت فى الضغط على إسرائيل بإدخال المساعدات إلى القطاع فى وقت وقف فيه العالم مشلول الأيدى عاجزا عن فعل شىء للقطاع سوى الشجب والإدانة ، ولكنها مصر وحدها هى من استطاعت أن تكون فى أول الصف لنجدة ومساعدة أهل غزة الأمر الذى يؤكد على الدور التاريخى لمصر وموقفها الواضح والثابت من القضية الفلسطينية عبر العقود الماضية وأن هذا الموقف لن يتغير لأن مصر هى قلب العرب واتخذت على عاتقها منذ اللحظة الأولى الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطينى .

ولأن رب ضارة نافعة ، فكثيرون يرون أن الاعتداءات والمجازر الإسرائيلية قد أحيت القضية الفلسطينية من جديد وأعادتها مرة أخرى إلى الساحة الدولية والإقليمية لتتصدر القضايا فى منطقة الشرق الأوسط بعد أن ظلت القضية طوال سنوات سابقة حبيسة لا يحركها أحد والمستفيد الأول من ذلك هو العدو والمحتل الإسرائيلى الغاشم..

ولأن غزة أيضا هى التى تصنع الأمل دائماً فكان من فوائد الحرب على قطاع غزة هى توحد أطفال العرب مع أقرانهم فى غزة ، فأطفال العرب فى المدارس والبيوت وأمام شاشات التلفاز أصبحوا يتابعون القضية الفلسطينية ويسألون عن فلسطين وأصبح عدداً كبيراً منهم يحملون العلم الفلسطينى وآخرون يرتدون العقال الفلسطينى فى إشارة إلى دعم القضية الفلسطينية وحقوق الشعب الفلسطينى .