بدون وداع.. «إخوان تونس» خارج خريطة الحياة السياسية

إخوان تونس
إخوان تونس

  في ظل القرارات الجريئة والاستثنائية من السلطة التونسية في تخليص البلاد من براثن حركة النهضة، تتجه تونس الآن إلى خطوة جديدة تقطع فيها أية آمال لعودة الإخوان من جديد من خلال المجالس المحلية، الأمر الذي يراه، المراقبون بأن الإخوان قد انتهوا من الخريطة السياسية، وهو ما أقره العديد من الخبراء السياسيين بتونس؛ بأن المشهد السياسي في تونس لم يعد يحتمل وجود أحزاب ارتكبت جرائم وفظائع في حق الشعب التونسي، ووفقًا للجنة العليا للانتخابات ستنظم الانتخابات في ديسمبر على أن يتم تنصيب المجلس في منتصف أبريل أو في بداية شهر مايو من العام المقبل، في المقابل حاول تنظيم الإخوان منذ أن تم إزاحته من الحكم في 25 يوليو 2021 أن يعيد تونس مرة أخرى إلى مربع الإرهاب، عن طريق مخططات وألاعيب دموية، لكن دائما كان الرئيس التونسي وأجهزة الأمن ومؤسسات الدولة في حالة من اليقظة التامة، حتى لا يعود هذا التنظيم مرة أخرى للحياة السياسية، إذ أصدر أمرًا رئاسيًا لمراجعة الانتدابات في الوظائف الحكومية، كما وجه الأمن التونسي ضربات متعددة للتنظيم وضبط العديد من الخلايا الإرهابية التي استهدفت تدمير وتخريب البلاد.

بداية ومنذ تطهير وزارة الداخلية التونسية من الإخوان وبعض المنتمين إليهم وتحديدا منهم هم قادة وفي أماكن حساسة بالوزارة، وقتها بدأ الوضع الأمني في البلاد يعد أكثر قوة وتحسنا، كما نجح رجال الأمن في تونس من ضبط خلايا إرهابية وبعض المنتسبين إلى التنظيم قبل تنفيذ مخططات وعمليات تخريبية، آخر تلك الضربات الأمنية لبعض المخططات التخريبية، كانت منذ يومين، تمكنت قوات الأمن التونسي، من القبض على خلية إرهابية تتكون من 12 عنصرا في محافظة زغوان الواقعة بشمال شرق تونس، كانت تنوي تنفيذ عمليات تعود بالبلاد إلى خانة العنف والفوضى.

هذا ليس بجديد على تنظيم الإخوان سواء في تونس أو العالم؛ فهم المحبون للفوضى والخراب، الباحثون عن الإرهاب والقتل، لون الدم بالنسبة لتلك الجماعة شيء طبيعي، ولما لا وزعيم إخوان تونس، راشد الغنوشي، قال قبل القبض عليه: «تونس دون الإسلام السياسي والنهضة مشروع حرب أهلية، وأن إجراءات قيس سعيد بحل البرلمان وإزاحة الإخوان يجب أن تٌرمى بالحجارة»، هؤلاء هم الإخوان ليس لديهم بديل آخر غير الحكم أو الدم، والفوضى للبلاد، لا يفضلون شيئا على أنفسهم فقط هم أو القتل والخراب، فالوطن بالنسبة لهم حفنة من التراب من الممكن أن يلقوا بها في الهواء او الرياح العاتية طالما أن جماعتهم ليست على رأس السلطة أومشاركة في الحكم.

رسائل قادة الإخوان في تونس، دائما ما تكون أمر إلى جميع أنصار التنظيم، كغيرهم على مستوى العالم والدول العربية؛ حيث حاولوا مرارًا تفجير الأوضاع في البلاد على غرار ما فعلوه في محافظة القصرين عن طريق ضخ أموال من أجل تنفيذ مخططات للفوضى، ولكن سرعان ما تم اكتشاف الأمر والزج بمنفذي هذه التحركات، خلف القضبان والسجون، كما تم إصدار مذكرة اعتقال دولية في حق نجل راشد الغنوشي الذي كان يقف وراء هذه التحركات.

ووفقا لخبراء سياسيين بتونس، أكدوا على أن الإخوان يلجأون إلى العنف منذ عشرات السنين أو إذا أردنا التعبير منذ نشأتهم، ومؤخرًا الأمن التونسي ويقظة القوات الأمنية التي تفادت عدة مخططات لكانت تونس وقعت في دوامة عنف كبيرة صعب الخروج منها بسبب عنف وإرهاب الإخوان، وأوضح معظم خبراء التونسيين أن الشعب التونسي يدرك جيدا ما فعله تنظيم الإخوان في البلاد خاصة بين سنوات 2011 و2015 من عنف ودعم للجماعات الإرهابية. كما أنهم كانوا لسنوات طويلة جزءً من تيارات الإرهاب والفساد، خاصة وأن القضاء التونسي كشف أكبر ملف تورطوا فيه، وهو ملف تسفير الإرهابيين إلى بؤر التوتر، أضف إلى ذلك أن الجهاز السري المتورط في قضية اغتيال المعارضين شكري بلعيد ومحمد البراهمي عام  2013، مرتبط بشكل مباشر براشد الغنوشي المتورط في عمليات الإرهاب والاغتيالات السياسية، وها هم اليوم يحاسبون على تلك الجرائم.

فتنظيم الإخوان منذ ذلك الحين وهو يعاني حالة من التخبط الكبيرة بعد 25 يوليو 2021، كما أن حالة التخبط دفعته لجر البلاد إلى دوامة من العنف مجددا.

دعوة باليقظة

الحادث الأخير وتحركات الإخوان نحو العنف وارتكاب أعمال إرهابية، واجهتها تحركات من الرئيس التونسي قيس سعيد، وزيارة منذ أيام مضت إلى مقر وزارة الداخلية بتونس العاصمة؛ حيث التقى وزير الداخلية وقيادات أمنية ودعاهم إلى «مزيد من التحلي باليقظة، ومواصلة السهر على حسن تأمين المظاهرات المساندة لفلسطين في كامل تراب البلاد، حتى لا يندس فيها من له غايات أخرى في ضرب الأمن داخل تونس».

وكانت تونس شهدت على فترات متباعدة منذ مايو 2011 عدة هجمات إرهابية تصاعدت وتيرتها في 2013، راح ضحيتها عشرات من عناصر الأمن والعسكريين والسياح الأجانب، ويعمل جهاز الأمن في تونس منذ الإطاحة بهذا التنظيم، على دحر الإرهاب من البلاد وحقق إنجازات كبيرة مكنته من استعادة أمن البلاد الذي تم تخريبه بأياد المجرمين.

ووجه الأمن التونسي ضربات عديدة لتنظيم الإخوان بتونس؛ حيث جرى تفكيك 148 خلية إرهابية في مدن مختلفة خلال الفترة الممتدة بين 25 يوليو 2021 و26 مارس 2022، كانت تخطط للقيام بعمليات إرهابية إحداها كانت تستهدف وزير الداخلية السابق توفيق شرف الدين، وفق ما أعلنته وزارة الداخلية التونسية في وقت سابق، ومؤخرا تم ضبط خلية إرهابية تتبع تنظيم «داعش» وتنشط في محافظة تطاوين جنوب شرقي تونس، تتكون من ستة إرهابيين تعمّدوا استقطاب مجموعة من الشبان لتبني الفكر التكفيري، كما خطّطوا لصناعة مواد متفجرة وسموم لاستغلالها في تنفيذ عمليات نوعية، وفي بداية 2022، تمكنت قوات الأمن التونسي من إلقاء القبض على العنصر الإرهابي «رضا العمري» المكني بـ»أبو عائشة» من كتيبة أجناد الخلافة الموالية لما يسمى بتنظيم «داعش» الإرهابي.

ونجحت الوحدات الأمنية لمحافظة جندوبة شمال غرب تونس، من تفكيك خلية إرهابية تتكون من 11 تكفيريا، كانت بصدد التحضير لارتكاب عملية إرهابية ضد رجال الأمن.

ولم تكن المرأة إلإخوانية في تونس بعيدة عن محاولات التدمير والإرهاب؛ إذ نجح الأمن التونسي من ضبط امرأة تونسية، حاولت تنفيذ عملية إرهابية وكانت هي المخطط الرئيسي لها، بعد تلقيها تدريبات عسكرية في سوريا، وكانت تخطط لاستهداف مناطق سياحية بحزام ناسف.

ليس هذا فحسب بل نجح رجال الامن بتونس في ضبط خلية إرهابية تضم 3 أشخاص تنشط عبر وسائل التواصل الاجتماعي في محافظة بنزرت شمالي البلاد، وكانت تعتزم تشكيل شبكة لتنفيذ عمليات إرهابية واستقطاب تونسيين عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

كما شهدت تونس منذ عام 2011 وحتى عام 2017 موجة من العمليات الإرهابية الخطيرة، تخللتها عمليات اغتيال سياسي ذهب ضحيتها المعارضان اليساريان شكري بلعيد في السادس من فبراير 2013، ومحمد البراهمي في 25 يوليو/تموز من نفس العام.

كما أن الرئيس التونسي قيس سعيد، دائما ما ينتقد تنظيم الإخوان، حتى يكشف عن جرائمه التي اقترفها، طيلة عشر سنوات مضت، وخلال لقائه مع رئيس حكومته أحمد الحشاني، أكد على ضرورة الإسراع في عمليات التدقيق في الانتدابات التي تمت خارج أي إطار قانوني، وأدت إلى الاستيلاء على أموال المجموعة الوطنية»، مشيرًا إلى أنه استولى على أموال المجموعة الوطنية من قبل من اعتبر أن السلطة غنيمة يقتطع منها ما يشاء ويوزع على من يواليه، ويخدم مصالحه الخاصة كما يشاء، وقد أصدر الرئيس التونسي قيس سعيد أمرًا رئاسيًا صدر في 21 سبتمبر الماضي، ودخل حيز التفعيل مؤخرًا، يهدف لمراجعة الانتدابات في الوظيفة الحكومية، وشدد على ضرورة البدء بمراجعة كل الانتدابات التي تمت خلال العشرية السابقة، ضمن جهوده لتطهير مؤسسات الدولة من «الانتدابات العشوائية»، ويهدف قانون مراجعة التعيينات في المؤسسات الحكومية إلى مراجعة التعيينات التي تمت بناء على «الولاءات والشهادات المزيفة»، وتتكون لجنة قيادة عمليات التدقيق من رئيس الحكومة ورؤساء الهيئات الرقابية الحكومية وثلاثة قضاة، وتتولى بدورها تكليف لجان تدقيق تنهي أشغالها في أجل شهرين منذ مباشرتها مهماتها.

وكانت أولى الوزارات التي انطلقت في عمليات التدقيق هي الداخلية، التي تعد من أكثر الوزارات التي تم إغراقها بالمنتفعين مما يسمى بـ»العفو التشريعي العام» خلال العقد الماضي، ومكّن مرسوم عرف بـ»العفو التشريعي العام» صدر في 19 فبراير 2011، حركة النهضة من انتداب نحو 7 آلاف موظف أغلبهم من الإخوان وأنصارهم في المؤسسات الحكومية، في تعيينات استهدفت تطبيق قاعدة نظرية «التمكين» التي تعد من أبرز القواعد المؤسسة في فكر الجماعات الإخوانية. 

اقرأ أيضا : لماذا «إخوان» تونس يتشاءمون من شهر أكتوبر؟!

 

 

;