«أسعد زوج في العالم».. قصة قصيرة للكاتب علاء عبدالعظيم

علاء عبدالعظيم
علاء عبدالعظيم

كانت ليلة طويلة في القطار قبل أن يصل إلى الأقصر في الصباح، حيث تعارف المسافرون، واشتركوا جميعا في أحاديث مختلفة حتى انتهى بهم الكلام إلى مناقشة موضوع الزواج.

 

وقال أحد المسافرين: نعم أنا سعيد بزواجي، لكن يجب أن اعترف بأن هناك بعض المضايقات التي يجب أن احتملها في صبر.. فزوجتي تحب النظام الدقيق، وهي مولعة بأن تعيد كل شيء إلى موضعه.. فكل مساء أقرب مصباح النور من مقعدي حتى أستطيع القراءة، وتعيده هي كل صباح بعيدا عن المقعد بأربعة أمتار، وإذا سألتها لماذا تبعدين المصباح عن المقعد تقول لي في حزم: "لأن موضعه هناك".

 

فهي لا تهتم بمنظره في المكان المناسب الذي اختارته له.

 

وجاء دور أحد الأشخاص الذي يبدو انه رياضيا، مفتول العضلات وكان متزوجا حديثا فقال:

 

ماكنت اظن ان زوجتي أعجبت بعضلاتي وجسمي الرياضي لتستخدمني أسوأ استخدام، فهي لا تضيع ليلة دون أن تنقل قطعة من اثاث البيت من مكانها، فهذا المقعد مكانه غير مناسب، وهذا الدولاب يجب أن ينقل إلى الجدار الاخر، والاريكة يجب ازاحتها إلى الصالة، والمائدة يجب أن تنتقل من مكانها لبضعة سنتيمترات، وطبعا أقوم بعملية حمل الاثقال، وما كاد أن يفرغ من كل شيء، حتى تتنهد في أسى وتقول، لو نقلت هذه السجادة من هذه الغرفة، ومعنى هذا انني يجب أن ارفع كل الأثاث.

 

واستمر كل واحد من الجالسين في القطار يذكر متاعبه في الزواج حتى التفتوا إلى شاب أنيق الثياب، تعلو وجهه ابتسامة يقول لهم:

 

كلما سمعت ما تذكرونه أدركت سعادتي بزوجتي التي لا مثيل لها.. فهي لا ترتكب مثل هذه التفاهات أبدا، أو تمسك بهاتفي المحمول تبحث عن جريمة خيانة زوجية، أو تفتش في جيوبي بحثا عن أي نقود، كما أنها ليست ثرثارة، وإذا خرجت معي تظل قلقة طول الوقت خشية أن تكون المكواة متصلة بالكهرباء، وإذا صحبتها بشراء بعض الحاجات تختار ما تريد في سرعة، وقد أعطيتها مرة بعض النقود لتشتري حقيبة يد، فاشترت واحدة رخيصة وجميلة، وردت الي باقي النقود.

 

ولم يحدث أبدا أنها اتصلت بي في مقر عملي مهما كان الأمر، كما أنها دقيقة جدا في مواعيدها فلا تتركني انتظر بالساعات وهي واقفة أمام المرآة تعدل من وضع وشاح فوق كتفها أو حول خصرها.

 

وبابتسامة عريضة يستكمل الشاب الوقور حديثه قائلا: لقد سمعت أحد منكم يقول: ليس ما يضايقه في زوجته أنها تتأخر بالساعات الطوال بقدر ما يضايقه بأنها تقول له في براءة وسذاجة بعد انتظاره الطويل الممل.. هل عطلتك يا حبيبي؟

 

ويلتفت الشاب حوله فيرى المسافرين معه يستمعون إلى حديثه في دهشة وعجب.. حيث يقول لهم: يجب أن تشرفوني في بيتي يوما من الأيام، وستعد لكم زوجتي طعاما شهيا تجيد صنعه على طريقتها الخاصة، وسترون كيف ستقوم على خدمتكم.

 

وفي النهاية ألا توافقوني على أن زوجتي هي زوجة مثالية، وأنه يكاد من المستحيل أن يجد رجل واحدة مثلها.

 

لعل هذا هو السبب في أنني صممت على البقاء أعزب مدى الحياة.