أبو الغيط: إسرائيل تطبق «سياسة الأرض المحروقة» باستهداف محطات المياه والصرف فى غزة

المشاركون فى أسبوع القاهرة السادس للمياه يقفون دقيقة حدادًا على أروح شهداء فلسطين
المشاركون فى أسبوع القاهرة السادس للمياه يقفون دقيقة حدادًا على أروح شهداء فلسطين

انطلق اليوم أسبوع القاهرة السادس للمياه وذلك تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسى بحضور 64 كيانًا إقليميًا ودوليًا ينظمون جلسات وورش عمل ضمن فعاليات الأسبوع، ووزراء الري والخارجية والشباب والتعاون الدولى واحمد ابو الغيط الامين العام للجامعة العربية.

وتعقد الفعاليات تحت عنوان «العمل على التكيف فى قطاع المياه من أجل الاستدامة».

 شكرى: منع المدنيين فى غزة من الوصول للمياه مخالف للقوانين الدولية 

وأشار وزير الخارجية سامح شكرى فى كلمته إلى تمكن مصر خلال رئاستها لمؤتمر المناخ COP27 من إدراج المياه في القرار الجامع الصادر عن المؤتمر للمرة الأولى فى تاريخ مؤتمرات المناخ الأممية، منوهاً أيضاً بالتوصل لاتفاق تاريخى بإنشاء صندوق للتعامل مع الخسائر والأضرار المناخية فى الدول النامية، وهو ما تتجلى أهميته على ضوء ما شهدته السنوات الماضية من توالى موجات الجفاف والحرارة الشديدة والفيضانات المدمرة.

وأوضح المتحدث الرسمى لوزارة الخارجية، أن شكرى شدد على إيمان مصر بأهمية التعاون فى أحواض المياه العابرة للحدود لضمان استيفاء حق الإنسان فى المياه، والذى يعد بدوره شرطاً لا غنى عنه لضمان حق الإنسان فى الحياة، منوهاً بحالة الندرة المائية الفريدة من نوعها دولياً التى تعانى منها مصر، واعتمادها شبه المطلق على المياه العابرة للحدود من نهر النيل، الذى يعد المصدر الأول والأهم لأمن مصر الغذائى عبر الزراعة، مشيراً لمعاناة مصر من عجز مائى كبير يصل إلى 55% من احتياجاتها.

وشدد الوزير شكري أيضاً على أن مصر باعتبارها دولة المصب الأخيرة بحوض النيل، فإنها الأكثر تأثراً بتبعات أية ممارسات غير تعاونية بالحوض، فضلاً عما قد يعتريه من تغيرات مناخية، وبالتالى فإن تكريس التعاون المائي الفعال العابر للحدود يعد بالنسبة لمصر أمراً وجودياً لا غنى عنه.

وأوضح وزير الخارجية أيضاً أن مصر تستمر فى سياساتها الرامية لتعزيز سبل التعاون المائى العابر للحدود إقليمياً ودوليًا، انطلاقاً من قناعتها بإمكانية الموازنة بين مصالح الأطراف المتشاطئة على أحواض الأنهار، فى حالة اقتران ذلك بالنوايا الحسنة والإرادة السياسية الصادقة، والالتزام بأفضل الممارسات الدولية والتطبيق المتكامل غير الانتقائى للقانون الدولى والقبول بأحكامه.

وأشار وزير الخارجية إلى أهمية مناقشة السبل المثلى لضمان الحق فى المياه كحق إنسانى أصيل، لا سيما لمن يواجهون ظروفاً استثنائية كاللاجئين والنازحين داخلياً، والأشخاص تحت الاحتلال، وعدم مشروعية حرمان المدنيين من هذا الحق خلال النزاعات المسلحة، وهو الأمر الذى يكتسب أهمية بالغة فى اللحظة الراهنة نظراً للانتهاكات غير المسبوقة التى يواجهها المدنيون الفلسطينيون فى غزة عبر الأيام الماضية.

وقال أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية إننا نجتمع اليوم وقلوبنا جريحة لما يحدث فى قطاع غزة من دمار وعنف.

أضاف خلال الجلسة الافتتاحية لاسبوع القاهرة السادس للمياه أن إسرائيل تسعى لدفع سكان غزة المنكوبين للهجرة خارج القطاع بقصفهم عشوائيًا، وحرمانهم من أدنى حقوقهم الأساسية وهو الحق فى المياه والغذاء والعلاج وغيرها من الحقوق الأخرى.

وقال أبو الغيط: سيسجل التاريخ مرة أخرى أن اسرائيل تطبق بلا رحمة «سياسة الأرض المحروقة» عبر استهدافها المقصود لمحطات المياه والصرف الصحى والمستشفيات فى غزة، من شمالها إلى جنوبها، بأسلحة شديدة التدمير لتهجير الفلسطينيين بشكل قسرى، سعياً منها لتصفية قضيتهم على حساب حقوقهم وعلى حساب دول الجوار.

أكد أن ما يحدث من إسرائيل رغبة مقيته منها لنشر اليأس عبر سياسة العقاب الجماعى ما يدفعهم للاستسلام وترك أراضيهم والهجرة من أراضيهم وهو ما لم يحدث أبدا.

تابع أن الاعتداء فضح أولئك الذين يكيلون بمكيالين ويصفون القتل والتدمير باعتباره دفاعًا عن النفس، وهو ما يحدث كذلك فيما يتعلق بالازدواجية فى التعامل مع قضايا المياه العربية، ومن بينه ما تطالب به مصر من حقوقها فى المياه والمتعلق بخلافها مع إثيوبيا.

وقال د. هانى سويلم وزير الموارد المائية والرى فى كلمته فى الجلسة الافتتاحية إن هذا المؤتمر الدولى الهام يُعد فرصة للقاء أشقائنا من مختلف دول العالم والمنظمات ذات الصلة بقضايا المياه لتوحيد الرؤى والجهود العالمية حيال دمج قضايا المياه بملف التغيرات المناخية، وتعزيز أواصر التعاون والتبادل العلمى والتقنى بين الدول ورفع الوعى المجتمعى بقضايا المياه وتشجيع الأفكار المبتكرة لمواجهة التحديات المائية بدءاً من طلاب المدارس وصولاً إلى الخبراء والعلماء والسياسيين والتنفيذيين.

واضاف إن لقاءنا اليوم يأتى فى وقت يواجه فيه العالم تحديات متزايدة لتوفير احتياجات المياه وضمان استدامتها، خاصة مع النمو السكانى المتزايد واستمرار التطور الإنسانى وما يستتبعه من زيادة الطلب على المياه، ولا يقتصر الأمر على الزيادة السكانية والحضرية فحسب، ولكن ما يواجه العالم من تغيرات مناخية أصبحنا نشهدها فى العديد من الظواهر التى تؤثر على قطاع المياه فى كافة دول العالم مما كان له العديد من التداعيات الاقتصادية والاجتماعية..

وأشار إلى أنه لا يمكن أن نغفل آثار الحروب على إمداد السكان بالاحتياجات الضرورية للحياة فيما يتعلق بإمدادات المياه والغذاء والكهرباء مثلما هو الوضع فى قطاع غزة المنكوب، فبالإضافة إلى ما خلفه العدوان الجارى على الأراضى الفلسطينية المحتلة والذى حصد أرواح ما يزيد على ٧٠٠٠ شخص فى غضون ثلاثة أسابيع فقط، فإن تدهور الأوضاع الإنسانية وفقدان الاحتياجات الأساسية للحياة يجعل هذا الرقم قابلًا للزيادة بصورة كبيرة.

وقال إن اختيار موضوع أسبوع القاهرة السادس للمياه «العمل على التكيف فى قطاع المياه من أجل الاستدامة»... للبناء على مخرجات وتوصيات أسبوع القاهرة الخامس للمياه العام الماضى ،المياه فى قلب العمل المناخى» ليعكس تلك التحديات والعمل على لفت أنظار المجتمع الدولى وحشد جهوده لوضع ملف المياه على رأس العمل المناخى العالمى.
وقال: لعل مصر خير مثال للدول التى تعانى من العديد من التحديات المترتبة على ندرة المياه وتغير المناخ، حيث تأتى مصر على رأس قائمة الدول القاحلة والأقل من حيث معدل الأمطار التى لا تتجاوز ١.٣٠ مليار متر مكعب سنويًا، مع الاعتماد شبه المطلق على نهر النيل بنسبة ٩٨% والذى يأتى من خارج حدود الوطن.

وقال: يتعاظم التحدى مع التأثيرات السلبية للتغيرات المناخية التى تؤثر على مصر سواء من خلال ارتفاع درجات الحرارة وما ينتج عنها من زيادة الاستخدامات المائية أو من خلال السيول الومضية التى صارت أكثر تطرفاً أو من خلال ارتفاع منسوب سطح البحر والنوات البحرية التى تؤثر سلباً على المناطق الساحلية على الرغم من تناقص هطول الامطار بنسبة تتجاوز الـ ٢٠% خلال الثلاثين عامًا الماضية، بالإضافة لتأثر مصر بالتغيرات المناخية بسائر دول حوض النيل باعتبار أن مصر هى دولة الأخيرة فى المصب بدول حوض نهر النيل.

وأوضح أن مصر تبذل مجهودات ضخمة ومتواصلة على كافة الأصعدة الوطنية والإقليمية والدولية، فعلى الصعيد الوطنى.. تبنت مصر سياسة مائية تقوم على الاستخدام الرشيد والمستدام لمواردها المائية مع الاعتماد المتزايد على الموارد المائية غير التقليدية، وذلك على التوازى مع سياسة غذائية توازن ما بين إنتاج الغذاء محليًا واستيراده لتوفير الأمن الغذائى.

كما تقوم بتنفيذ استثمارات هائلة لرفع كفاءة منظومة المياه لديها، من خلال تطوير منظومة المراقبة والتشغيل بالسد العالى، وأعمال تطهير وتأهيل الترع والمصارف، حيث تم حتى الآن تأهيل ٧٢٠٠ كم، وجار العمل فى تأهيل ٣١٠٠ كم، كما تقوم الوزارة بتأهيل محطات الرفع وإحلال وتجديد ٤٥ محطة تخدم ١.٧٠ مليون فدان، وتحديث ٦ محطات للطوارئ.
وأشار إلى تأهيل المنشآت المائية المقدرة بما يزيد عن ٤٧ ألف منشأ بمختلف انحاء الجمهورية، هذا بخلاف التحول لأنظمة الرى الحديث بالأراضى الرملية ومزارع قصب السكر والبساتين، وتحقيق الإدارة الرشيدة للمياه الجوفية غير المتجددة، وتنفيذ ١٦٠٠ منشأ للحماية من أخطار السيول و حصاد المياه، كما تهتم الوزارة بمشروعات حماية الشواطئ المصرية، والتى تمتد على مدى ١٢٠ كم لحماية استثمارات مقدرة ب ٢.٥٠ مليار دولار واستعادة ١.٨٠ مليون متر مكعب، مع التوسع فى إعادة استخدام المياه عدة مرات لسد جزء من الفرق بين الموارد والاحتياجات المائية مثل محطات المعالجة الكبرى فى بحر البقر والحمام وبذلك يبلغ اجمالى استثمارات الدولة المصرية فى مجال المياه خلال السنوات التسعة الماضية ٤.٤٠ مليار دولار.

واوضح انه على ضوء ما تقدم، فإن وجود تعاون مائى فعَّال عابر للحدود يُعد بالنسبة لمصر أمر وجودى لا غنى عنه، ولكى يكون هذا التعاون ناجعاً فإن ذلك يتطلب مراعاة أن تكون إدارة المياه المشتركة على مستوى «الحوض» باعتبار الحوض وحدة متكاملة، بما فى ذلك الإدارة المتكاملة للمياه الزرقاء والخضراء، كما يتطلب ذلك مراعاة الالتزام غير الانتقائى بمبادئ القانون الدولى واجبة التطبيق، لا سيما مبدأ التعاون والتشاور بناء على دراسات فنية وافية، وهو المبدأ الذى يُعد ضرورة لا غنى عنها لضمان الاستخدام المنصف للمورد المشترك وتجنب الأضرار ما أمكن.

وتابع قائلا: اتصالاً بذلك تبرز أخطار التحركات الأحادية غير الملتزمة بتلك المبادئ على أحواض الأنهار المشتركة، والتى يُعد أحد أمثلتها السد الإثيوبى الذى تم البدء فى إنشائه منذ أكثر من ١٢ عاماً على نهر النيل دونما تشاور ودون إجراء دراسات وافية عن السلامة أو عن آثاره الاقتصادية والاجتماعية والبيئية على الدول المتشاطئة، وتستمر عملية البناء والملء بل والشروع فى التشغيل بشكل أحادى، وهى الممارسات الأحادية غير التعاونية التى تشكل خرقاً للقانون الدولى بما فى ذلك اتفاق إعلان المبادئ الموقع فى عام ٢٠١٥، ولا تتسق مع بيان مجلس الأمن الصادر فى سبتمبر عام ٢٠٢١، وهو ما يشكل استمرارها خطراً وجودياً على أكثر من مائة مليون مواطن على أرض مصر.

وأضاف الوزير أنه على الرغم مما يتردد من أن السدود الكهرومائية لا يمكنها أن تشكل ضرراً، لكن حقيقة الأمر أن مثل هذه الممارسات الأحادية غير التعاونية فى تشغيل هذا السد المبالغ فى حجمه يمكن أن يكون لها تأثير كارثى، ففى حالة استمرار تلك الممارسات على التوازى مع فترة جفاف مطول قد ينجم عن ذلك خروج أكثر من مليون ومائة ألف شخص من سوق العمل، وفقدان ما يقرب من ١٥% من الرقعة الزراعية المصرية، بما يترتب على ذلك من مخاطر ازدياد التوترات الاجتماعية والاقتصادية وتفاقم الهجرة غير الشرعية، كما يمكن أن تؤدى تلك الممارسات إلى مضاعفة فاتورة واردات مصر الغذائية.

وتابع أنه على الرغم من ذلك تستمر مصر فى مساعيها الحثيثة للتوصل فى أقرب فرصة إلى اتفاق قانونى ملزم بشأن قواعد ملء وتشغيل السد المذكور، على النحو الذى يراعى مصالحها الوطنية ويحمى أمنها المائية مع الحيلولة دون إلحاق الضرر به وبما يحقق المنفعة للدول الثلاث، وهو الأمر الذى يتطلب أن تتبنى جميع أطراف التفاوض ذات الرؤية الشاملة التى تجمع بين حماية المصالح الوطنية وتحقيق المنفعة للجميع.

وأضاف أن مصر تحرص على تعزيز أواصر التعاون والتكامل مع دول حوض النيل ونقل الخبرات المصرية لها فى كافة المجالات، وهو ما يتمثل فى العديد من مشروعات التعاون الثنائى التى تنفذها الدولة المصرية فى دول حوض النيل مثل مشروعات مقاومة الحشائش المائية بالبحيرات العظمى والمساهمة فى الحد من مخاطر الفيضان والحفاظ على القرى والمدن المطلة على البحيرات من أخطار الفيضانات، وكذلك إنشاء خزانات حصاد مياه لأغراض الشرب والاستخدامات المنزلية وإنشاء محطات مياه الشرب من المياه الجوفية.