عاجل

تقرير خاص| «طب الحروب» في غزة.. من يموت أولًا؟

معاناة أهالي قطاع غزة
معاناة أهالي قطاع غزة

أونروا: ملاجئنا في غزة تحوي 4 أضعاف طاقتها الاستيعابية

مدير مستشفى الشفاء بغزة: الاحتلال يستخدم أسلحة مُحرمة لقصف المدنيين والأطفال

وزير الصحة: توقعات بانتشار الأوبئة في قطاع غزة بسبب ارتفاع عدد الوفيات

تصور نفسك طبيبًا وأمامك عشرات المصابين وسرير واحد، فكيف تختار أيهما يبقى على قيد الحياة؟ هذا ما يحدث الآن في قطاع غزة، خرج الوضع عن السيطرة لكثرة المصابين والجرحى، وفقًا لتصريحات، د. محمد أبو سليمة، مدير مستشفى الشفاء بغزة الذي قال باكيًا، اضطررننا في غزة إلى اللجوء إلى «طب الحروب» بسبب نقص المخزون الطبي ونقص الإمدادات، وذلك بسبب استهداف جيش الاحتلال الإسرائيلي المستشفيات بوحشية غير مسبوقة، مجازر عديدة ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي منذ يوم السابع من أكتوبر الجاري وحتى اليوم وكان أكثرها دموية ما شهدته مستشفى المعمداني في قطاع غزة..

تجاوز الوضع الصحي والإنساني في قطاع غزة المحتلة حدود المنطق والمعقول وتجاوز حتى كل الأعراف والتقاليد المتبعة في مثل هذه الظروف، حيث يتعرض القطاع بكل منشآته وبنيته التحتية إلى التدمير الكامل والشامل، أما على مستوى السكان العزل والمدنيين المسالمين فقد تحول الأمر من مجرد حرب ضد الفصائل الفلسطينية التي تدافع بشكل مشروع عن أرضها إلى حرب إبادة جماعية للسكان، بعد استهدافهم عن عمد واستهداف النساء والأطفال والعزل بشكل مخزٍ، وسط صمت كامل وتام من المجتمع الدولي، رغم تجاوز المحتل الإسرائيلي كل القوانين الدولية، تعاني غزة الآن من حصار تام وكامل ونقص في الإمداد والوقود والمستلزمات الطبية بما يهدد حتى الجرحى والمرضى.

◄ أسلحة محرمة دوليًا
من جانبه، قال دكتور محمد أبو سلمية مدير مستشفى الشفاء في غزة، إن جيش الاحتلال يستخدم أسلحة غير مسبوقة في قصف المدنيين في غزة، والإصابات بالغة الخطورة، وعشرات الشهداء يصلون دفعة واحدة، والآن نضع الجرحى على الأرض وفي الطرقات، وجميع الجرحى من النساء والأطفال مضيفًا، نواجه نقصًا كبيرًا في الأدوية والمستلزمات الطبية بالمستشفيات في قطاع غزة، والمجمع الطبي لا يمكنه استيعاب الأعداد الكبيرة من المصابين، مفجرًا مفاجأة مأساوية وهي أن العمليات الجراحية تجرى بدون استخدام البنج، وهناك إصابات تأتي فيها نسبة الحروق 80%، وهذا لم يكن يحدث مع الأسلحة القديمة، والآن نفاضل بين جريح وجريح ومن منهما يمكنه الانتظار، مشيرًا إلى أنه أطلق نداء استغاثة لمحطات الوقود في قطاع غزة بضرورة إمداد المستشفيات بالوقود اللازم لتشغيلها، وإذا توقفت ستقع كارثة كبيرة.

وأضاف أبو سليمة، اضطرتنا قوات الاحتلال للجوء إلى «طب الحروب»، ولمن لا يعرف فإن «طب الحروب» هو أن يختار الأطباء من يعيش ومن يموت، حيث يتم وضع التنفس الاصطناعي لمن هو أصغر سنًا ويتم نزعه من الأكبر سنًا، أو أن يتم منح الأولوية في الإمدادات الطبية لإنقاذ من تعتبر نسبة شفائه أكبر من غيره، أما الأخر فيترك ليموت، وجاء ذلك عقب انهيار النظام الصحي في غزة.. 

◄ طب الحروب 

ويمثل «طب الحروب» أعلى درجات الاستعداد القصوى داخل المنشآت الصحية التي تعلنها الدول في حالتين الأولى عندما تكون في حالة حرب مع عدو كما هو الحال الآن في قطاع غزة، والثانية إذا كانت الدولة تواجه وباء خلف ضحايا بالآلاف ولم تعد المستشفيات قادرة على مواجهة الطلب على الخدمة وهو ما حدث مثلا في بعض الدول أثناء انتشار وباء كورونا وفي هذه الحالة يصبح من حق الطبيب أن يختار من يموت أولا؟

تعتبر هذه المواجهة هي الأسوأ للأطباء مع الجرحى والمصابين في قطاع غزة، لمنح الحياة للأصغر سننُا، أو لمن نسبة إنقاذه أكبر من غيره، بعد عجز المستشفيات عن مواجه الطلب على الخدمات الصحية والطبية، حيث أضطر الأطباء في قطاع غزة إلى اللجوء لهذا الأمر عقب انهيار النظام الصحي بفعل القصف المتكرر من قوات الاحتلال للمستشفيات ومساكن المدنيين، ما تسبب في امتلاء المستشفيات بالجرحى والمصابين وافترشت الطرقات بالجثث نتيجة الحصار أيضًا التي فرضته سلطة الاحتلال على الإمدادات والمساعدات الطبية حيث تجاوز أعداد الجرحى والمصابين قدرة النظام الصحي على استيعابه.

اقرأ أيضا: محمد صبحي يبكي خلال حديثه عن غزة: ستقام دولة فلسطين في هذه الحالة

◄ منع الأطقم الطبية 

من جانبها قالت، مي كيلة وزيرة الصحة الفلسطينية في تصريحاتها، أنَّ قوات الاحتلال تعوق الأطقم الطبية من ممارسة عملها، كما أن مستشفيات غزة في حاجة ملحة للتجهيزات الطبية، مشددة على ضرورة توفير الحماية للمنشآت والأفراد العاملين في المجال الطبي، لافته إلى أن كل دقيقة وثانية يرتفع أعداد الشهداء والجرحى ارتفاعا مطردا، وهناك نحو مئات الشهداء وآلاف المصابين، وهي أعداد كبيرة للغاية وتزداد في كل لحظة، والمستشفيات أصبحت غير قادرة على استقبال الكثير من الجرحى، وذلك بسبب الضغط الكبير على المستشفيات، ويتوالى المصابون والجرحى في ظل وضع صحي صعب يعيشه قطاع غزة، ومنذ 17 عامًا والحصار مفروض على القطاع، وهناك نقص في الأدوات الطبية وأجهزة الطوارئ، مشيرة إلى ارتفع عدد شهداء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ليتجاوز حاجز الـ8000 شهيد، حتى صباح اليوم، بلغت نسبة الأطفال منهم أكثر من 40%، مشيرة إلى تلقي أكثر من 1870 بلاغًا عن مفقودين (تحت الأنقاض) بينهم 1020 طفلًا.

◄ كارثة إنسانية في غزة

من جانبه قال سليم عويس مسؤول الإعلام الإقليمي باليونيسيف، إن الأوضاع في قطاع غزة مازالت كما شهدنها خلال الأيام الماضية بل وأصبحت أكثر كارثية، والمساعدات التي تصل بداية مبشرة لكنها نقطة في بحر الاحتياجات، لافتًا أن المستشفيات في خطر كبير، والتي تضم حضانات الأطفال التي تحتاج للكهرباء، والأمهات الحوامل في خطر، والأدوية والمستلزمات الطبية في مستشفيات غزة على وشك النفاد، خصوصًا أن الأرقام تشير إلى مقتل أكثر من ألفي طفل وإصابة أكثر من 4 آلاف طفل، ولا يجب أن نعتبر هذه المأساة مجرد رقم، هذه الأطفال كانت لهم أحلام ومستقبل انتهى مُبكرا بسبب العنف الشديد، مشددًا على ضرورة وقف العنف، أو على الأقل وجود هدنة إنسانية، ووقف إطلاق عاجل للنار لتتمكن الفرق الإنسانية من الدخول للمناطق المنكوبة وإيصال المساعدات للمحتاجين، فهي عملية خطرة الآن.

اقرأ أيضا: غزة نموذج حي على ازدواجية المعايير الغربية| تقرير

◄ خطر الأوبئة يهدد غزة

من جانبه قال الدكتور خالد عبد الغفار وزير الصحة والسكان في مصر، أن وزارة الصحة  مستعدة لتقديم كامل الدعم الطبي لجرحي غزة، مؤكدا أن معدل انتشار الأوبئة في غزة وارد بسبب ارتفاع معدلات الوفيات، ومصر مستعدة للترصد وتقديم كامل الدعم  الطبي والوقائي لأهالينا بقطاع غزة.

◄ الأونروا تستغيث

من جانبها حذرت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) من أن ملاجئها في غزة مكتظة للغاية لدرجة أنها تحوي 4 أضعاف طاقتها الاستيعابية، مشيرة إلى أن ما يقرب من 600 ألف شخص يحتمون في 150 منشأة، من بينها مدارس ومواقع الرعاية الصحية، مشيرة إلى أن الكثير من المواطنين ينامون في الشوارع لأن الملاجئ لا تستطيع استيعاب المزيد.

◄ دعم غربي

ويتواصل العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والأراضي المحتلة منذ يوم 7 أكتوبر وحتى كتابة هذه السطور، ما ساهم في وقوع مزيد من الشهداء والجرحى في صفوف الفلسطينيين، والدمار في منازلهم وممتلكاتهم، وبالمؤسسات العامة والخاصة، وينفذ جيش الاحتلال عملية "السيوف الحديدية" ضد قطاع غزة، التي قال إنها تأتي ردًا على عملية طوفان الأقصى التي نفذتها فصائل المقاومة الفلسطينية وخلّفت مئات القتلى والجرحى والأسرى، خصوصًا بعد زيادة معدلات العنف الإسرائيلي مع الأيام، خصوصا مع الدعم الأمريكي الأوروبي الذي وفر الغطاء الدولي للعصابات الصهيونية بممارسة مذابحها ومجازرها ضد الفلسطينيين بلا خوف من العقاب أو الملاحقة الدولية، لذا زادت الوحشية الإسرائيلية.