«متحف ديليسبس».. دلالة عشق المهندس الفرنسي لمدينة الإسماعيلية

متحف ديليسبس
متحف ديليسبس

كتب | فتحي البيومي 

لم تكن مهمة المهندس الفرنسي فرديناند ديليسبس - من وجهة نظره - إتمام حفر قناة السويس أعظم شريان ملاحي بالعالم بل كانت أحلامه أن يقوم بتخطيط مدينة جميلة على ضفاف قناة السويس وتكون محط أنظار العالم وتنال إعجابهم وانبهارهم.

زيارة الخديوي إسماعيل لباريس ورغبته في إنشاء مدينة مصرية على غرارها تلاقت مع أحلام المهندس الفرنسي فيرديناند ديليسبس ولعل أهم ما تركه المهندس الفرنسي عاشق مدينة الإسماعيلية خلفه هو "متحف ديليسبس.

اقرأ أيضا| تفاوض بشأن إنشاء المنطقة الصناعية الألمانية بـ «اقتصادية قناة السويس»

موقع متحف ديليسبس

وعن موقع متحف دي لسبس يقول الباحث والمؤرخ "أحمد فيصل" يقع متحف ديليسبس في وسط مدينة الإسماعيلية، ويطل قصر الدبلوماسي الفرنسي الذي حصل على امتياز حفر قناة السويس من الخديوي سعيد باشا على شارع محمد علي، وقد شيد القصر مع بدايات حفر قناة السويس وعاش فيه قرابة الربع قرن هو وزوجته "لويز هيلين أوتار"، التي عاشت معه في هذا المنزل الكلاسيكي الشهير وشهد أحداثا تاريخية، ويضم قطعاً أثرية نادرة، وصورا تعد شاهدا على عصر تشييد قناة السويس كما يعد جزء من تاريخ دي لسبس.

الطراز المعماري للمتحف 

وعن شكل القصر والطراز المعماري له يقول "فيصل" لقد تميز القصر بالطراز المعماري الفرنسي الشكل والمضمون، حيث يضم حديثة كبيرة وملحقات خدمية، منها المطابخ وأماكن إقامة الخدم والحرس، وكان دي لسبس يقيم فيه مع زوجته، وبعد ١٥ سنة قرر دي لسبس التوسعة ليشعر بأنه يتحرك في منزل كبير، وقبل التوسعة كان هناك برجان تمت إزالة البرج الأيمن وفي مكانه تمت أعمال التوسعة، وترك البرج الأيسر، وقبل تأميم القناة بحوالي ١٥ سنة شيد المبنى الثالث المجاور للمدخل الرئيسي للمتحف.

ويضيف "فيصل" وتم تقسيم القصر لطابقين بهما غرف نوم وصالونات، وفي الجانب الأيمن توجد "كارتة" ديليسبس بالإضافة إلى ترمومتر صغير عمره ١٥٠ سنة، ويعمل بالزئبق الفرنسي بدقة عالية، ومثبت في الشرفة الأرضية للقصر، بالإضافة لنموذج مصغر لمركب بضائع يحمل السجائر الصغيرة ماركة "سيجاريللوس" والذي كان يقدمه دي لسبس لضيوفه، أما في حجرة دي لسبس نجد صورة له هو وزوجته، والمهندس نيجريللي منفذ مشروع قناة السويس.

مقتنيات متحف ديليسبس

وعن مقتنيات متحف دي لسبس يقول المؤرخ إن دي لسبس كان قريبا للملكة أوجيني إمبراطورة فرنسا وصديقا لأسرة محمد علي لذا تجد صورته ومن حوله صور لمحمد على وأنجاله، ومن خلال صداقته لأسرة محمد على استطاع الحصول على امتياز حفر القناة بموافقة سعيد باشا.

وتابع: وهناك إطار يحمل الصورة الأصلية لصفحة من عقد الامتياز بـ "الفرنسية"، والمعروف أن دي لسبس لم يكن مهندسا، بل كان دبلوماسيا في القنصلية الفرنسية بالإسكندرية، وعندما حصل على امتياز حفر القناة استعان بمهندس نمساوی متخصص "نيجريللي" لتنفيذ المشروع.

وهناك صورة لبيت دي لسبس فى فرنسا، وأخرى له بين أصدقائه بالزي العربي، إضافة إلى سريره الصغير، والناموسية الأصلية، و"طشت" تحت السرير كان يستحم فيه دي لسبس باستخدام الإبريق الموجود في إحدى زوايا الغرفة، فضلاً عن مكتبه ويعلوه نسخة عتيقة من الإنجيل باللغة اللاتينية وقلمان "ريشة" كان يكتب بهما، وزينت غرفته بورق الحائط الفرنسي، وتأثر الجزء السفلى من الورق بالرطوبة، واستدعت وزارة الثقافة أحد الرسامين وقلد النقش الرئيسي للورق على ورق جديد بدلا من الجزء التالف أما الستائر فهى متآكلة، ويعلو أرفف الدولاب الموجود فى الغرفة مقتنيات فريدة، منها فرشاة الحلاقة الخاصة به وموس الحلاقة أشبه بسكين صغير، والحجر الأسوانى لسن الموس، ومجموعة من الكروت المقواة كانوا يسمونها التاروه، وهي أشبه بكروت الكوتشينة، وكل ورقة عليها برج الحظ الخاص بكل مولود فضلا عن قطع الدومينو والشطرنج، وكيس قماش به عملات نادرة عثر عليها أثناء الحفر.

كما توجد لوحة كنفاه تحتفظ برونقها وكأنها مصنوعة بالأمس، وعليها أول حرفين من اسمى دي لسبس وزوجته، وشغلت زوجته هذه اللوحة، ومجموعة من القارورات الزجاجية الزرقاء الصغيرة متفاوتة الأحجام للعطور، وفى القاعة الرئيسية الملاصقة لغرفة نوم دي لسبس هناك مكتبتان صغيرتان على الجانبين الأيمن والأيسر، وفى المكتبة اليسرى نری کتاب وصف "مصر" بحجمه الأصلى وطوله متر وعرضه نصف متر ويلزمه رجلان لرفعه، وهو أحد أجزاء كتاب وصف مصر للحملة الفرنسية، ويضم رسومات أصلية للمعالم مصرية والأثرية.

وهناك أيضا مدفأة كلاسيكية فرنسية الطراز بجوار الصالون الكبير، ومقاعد مصنوعة منذ ١٥٠ سنة وصورة نادرة توضح قصر دي لسبس وحيدا فى الصحراء، حوله قوافل جمال البدو، وهناك أيضا جرامفون، يعمل بالبطاريات.