أزواج رسبوا في امتحان «الرجولة»

صورة موضعية
صورة موضعية

فى شهر أكتوبر من كل عام تبدأ جميع المؤسسات الصحية والهيئات المعنية بصحة المرأة بتوعية النساء بخطورة الإصابة بسرطان الثدي وأهمية الكشف المبكر الذي يحقق نسب شفاء مرتفعة تصل إلى 99%.

وبمناسبة «أكتوبر الوردي» كما يُطلق عليه، تناقش «آخر ساعة» كل ما يتعلق بأورام سرطان الثدي، بالإضافة للتعرف على قصص بعض الحالات اللاتى مررن بتجربة المرض والعلاج بمفردهن بعد أن تخلى عنهن شريك الحياة.

◄ محاربات يخضن المعركة بمفردهن

قصص المحاربات لا تنتهى وتزدحم بالكثير من التفاصيل التى لا يعلمها سواهن، بداية من اكتشاف المرض مرورا برحلة العلاج وحتى الشفاء.. مراحل تحتاج لقوة وصبر ودعم لتمر بسلام.. لكن للأسف الشديد قد يكتشف بعضهن أنها تحارب بمفردها بعد أن يتخلى عنها شريك الحياة.. هذا ما نتعرف عليه من خلال حكايات بعض السيدات اللواتى مررن برحلة العلاج فى ظل ألم الوحدة والفراق.

◄ المرض أتعبني فارتبط زوجي بأخرى

اكتشفت إصابتها بمرض سرطان الثدى فى نهاية الثلاثينيات من عمرها، حينها كانت الصدمة شديدة لكن وقوف الزوج بجانبها فى البداية هوّن عليها جرعات العلاج الكيماوى حتى بدأت مضاعفاته تظهر على شكلها الخارجى والملامح تتغير والشعر يتساقط ويفقد الجسم قوته، وانتهى الأمر بإجراء جراحة استئصال للثدى.

بدأ الزوج يتغير مع زوجته ويختفى من حياتها حتى أخبرها بأنها أصبحت مهملة وليس لديها القدرة على القيام بمتطلباته، ولذلك فهو يقترح أن يتزوج من أخرى لتقوم بخدمتها وخدمته، لكنها رفضت الفكرة تماما وقررت أن تحارب بكل ما لديها من قوة حتى تم شفاؤها، ورغم ذلك لم يتراجع الزوج عن فكرة الزواج الثاني، واتخذ الخطوة بالفعل، وكان لذلك أثر نفسى كبير على الزوجة الأولى وأدى لإصابتها بسرطان فى الثدى الآخر وهى الآن بحاجة لبدء الرحلة مجددا بمفردها بالإضافة لرعاية أطفالها الصغار.

◄ اقرأ أيضًا | كيف تفادي الإصابة بسرطان الثدي؟.. نصائح للسيدات

◄ اختفى في غمضة عين

بدأت المعاناة عندما شعرت بوجود كتلة فى الثدى، وذهبت لطبيبة أمراض نساء وتم تشخيصها بشكل خاطئ، ما زاد الأمر سوءا، وبعدها ذهبت مع زوجها لطبيب أورام أخبرهما بالحقيقة وأن الحالة تستدعى إجراء استئصال سريع، حيث إنها تعانى نتيجة إصابتها بسرطان ثلاثى سلبى، وهو من أخطر أنواع الأورام، حينها طلبت من زوجها أن يساعدها فى جمع مبلغ العملية، لكنه كان له رأى آخر!.. فالزوج قرر أن يختفى فورا، حتى أنه جمع كل ملابسه وأوراقه واختفى بدون علم أحد.. وظلت تبحث كثيرا لكن دون جدوى، فقررت أن تبدأ علاجها وتمارس حياتها بشكل طبيعى، حتى علمت بأنه سافر للعمل بالخارج دون أن يخبرها بذلك.

◄ الزفاف لم يكتمل رغم تجميد البويضات

كانت تستعد للزواج وقبل موعد حفل زفافها بفترة قصيرة اكتشفت إصابتها بسرطان الثدى، حينها قام فريق الدعم النفسى المسئول عن المرضى بطمأنتها هى وخطيبها بأن بإمكانها الإنجاب فيما بعد من خلال تجميد البويضات قبل تناول جرعات الكيماوى الذى قد يؤثر بشكل سلبى عليها، وبالفعل نفذت ذلك وبدأت رحلة العلاج، لتتفاجأ بعدها أن خطيبها قرر الانفصال وبدأ يبحث عن أخرى. أصيبت الفتاة بحالة نفسية سيئة لكنها سرعان ما استطاعت السيطرة على الأمور وقررت استكمال العلاج.

◄ دعم شريك الحياة مهم للزوجة المريضة

الدكتورة سحر شعبان، أستاذ علم الاجتماع ومؤسس مبادرة «كونى الأقوى» لدعم مرضى السرطان، تقول: إن مريضة سرطان الثدى بمجرد علمها بحقيقة المرض تمر بعدة مراحل أولها الصدمة ثم الإنكار ثم الاستسلام لفكرة المتابعة والعلاج، لذا يجب عليها أن تقرأ وتتعرف على طبيعة المرض بشكل سطحى لتعلم أهمية حالتها النفسية على العلاج، ويمكنها الذهاب لطبيب نفسى أولا ليساعدها على تخطى المرحلة بنجاح، وعليها أن تبتعد عن أى أمر يسبب لها ضغطا نفسيًا وتتجنب الحزن تماما والاندماج مع المجتمع والتعرف على التجارب الإيجابية لآخرين لإعطائها الأمل فى الشفاء..

ومن ناحية أخرى يجب على الزوج أو شريك الحياة أن يتعلم كيفية تخطى هذه التجربة مع زوجته من خلال مشاركته معها فى كل التفاصيل بداية من موعد الجلسات وتشجيعها على استقبال الوضع الحالى وإخبارها بأنها جميلة فى كل حالاتها، وعليه أن يعلم بأن الزوجة تحتاج للدعم الكامل، لذا عليه اختيار العبارات والمصطلحات التى ترفع من حالتها النفسية والتحدث معها كلما سمح له الوقت بذلك.

 

◄ «قذائف سحرية» للسيطرة على المرض!

لأن سرطان الثدي من أكثر أنواع السرطان انتشاراً فى العالم، فإن الأبحاث تعمل باستمرار لاكتشاف كل ما هو جديد فى عالم العلاجات ليسمح بتحقيق أفضل النتائج للمحاربات.

يقول الدكتور أحمد البسطويسي، أستاذ طب الأورام بالمعهد القومى للأورام جامعة القاهرة ورئيس المؤسسة المتخصصة للأورام، إن الإصابة بسرطان الثدى عادة ما تتم نتيجة حدوث اضطراب مفاجئ فى إحدى الخلايا وتكاثرها بشكل غير طبيعى، ولاشك أنه يوجد بعض العوامل المهيئة لذلك مثل التعرض لتغيير بعض الهرمونات بالجسم، أو بسبب تلقى أدوية هرمونية بدون إشراف الطبيب، التدخين والسمنة، العوامل الوراثية، وسوء التغذية والتعرض للتلوث.

ويشير البسطويسى إلى أن هناك بعض العلامات المبكرة التى تنذر المرأة بإصابتها بالأورام فى المراحل الأولى التى يحقق فيها العلاج نسب شفاء مرتفعة، لذا يجب أن تكون المرأة على دراية قوية بما يخبره بها جسدها، فمن العلامات المبكرة لأورام الثدى هى حدوث تغيرات تطرأ على شكل الثدى أو ملمسه أو وجود كتلة فى الثدى أو تحت الإبط وكذلك وجود إفرازات مدممة.

ويطمئن أستاذ طب الأورام، النساء بأنه فى الوقت الحالى أصبح هناك تطور كبير فى علاج أورام الثدى، فهناك علاج يعرف باسم «القذائف السحرية» ويستخدم فى علاج أورام الثلاثى السلبى الذى يعد من أقوى وأشرس أنواع سرطان الثدى، حيث يستخدم هذا العلاج فى توجيه الدواء الكيماوى للخلية السرطانية أو الورم مباشرة دون أن يحدث تأثيرات جانبية ومضاعفات على بقية الخلايا الطبيعية، وقد أحدث هذا العلاج نتائج إيجابية فى كثير من أنواع سرطان الثدى المنتشرة والثلاثى السلبى والموجب للهرمونات وحتى فى المراحل المبكرة للمرض. هذا فضلا عن وجود أنواع جديدة من العلاج المناعى لأورام الثدى التى تصلح لعلاج الأورام المبكرة وأيضا لحالات الاستئصال الجراحى، بالإضافة للعلاج الموجه الذى يمكن تناوله فى شكل أقراص بالفم بعد عمليات الاستئصال وفى الحالات المبكرة التى تتسم بوجود جينات موجبة.

ويختتم د. أحمد البسطويسي حديثه مؤكدا أن جميع العلاجات الحديثة تحقق شفاءً تاما عند الاكتشاف المبكر للمرض، ونسباً مرتفعة فى السيطرة على المرض إذا كان فى مراحل منتشرة أو متطورة، لذا نصح جميع المواطنين بضرورة الاندراج فى برامج الكشف المبكر وخاصة لعائلات المرضى المصابين بالأورام للاطمئنان على صحتهم أولا بأول.