تناقضات أمريكية.. هارفارد تضطهد طلابا حمّلوا إسرائيل مسؤولية الحرب في غزة

أعلام أمريكا
أعلام أمريكا

حرية التعبير، حرية الأديان، الحق في التجمعات، حرية الصحافة، تلك هي التعديلات التي أضيفت على الدستور الأمريكي، ويتغنى ويتشدق بها القاصي والداني بالولايات المتحدة الأمريكية ويحلم الآلاف من البشر في كل بقاع العالم من الحصول على الجنسية الأمريكية من أجل تلك الحريات.  

وبوصفهم القوى العظمي التي تحترم حق الإنسان في التعبير، وتحث العالم على أن يتبع تلك الخطوات، بل تحولت أمريكا إلى شرطي العالم الذي يعاقب ويلاحق كل من تسول له نفسه في كبت تلك الحريات. والسؤال الآن هل تسير الولايات المتحدة على نفس الدرب.

من الناحية الشكلية، نعم هناك كل تلك الحريات من حق التعبير وحق التظاهر وحرية الصحافة وحرية التدين أو حتى عدم اتباع أي دين.. ولكن على أرض الواقع هناك أسلوب آخر يتبعه أفراد المجتمع الأمريكي، وما به من تكتلات معقدة ومتعددة تناقض كل ما جاء في الدستور.

والأمثلة متنوعة، ولكن سأكتفي بعرض قضيتين توضح مدي التعارض مع مبادئ الدستور الأمريكي. وهو ما حدث في جامعة هارفارد العريقة إحدى قلاع العلم والحريات، جامعة الساسة والحكام السابقون والقادمون.

ويكفي أن نشير هنا أن من بين خريجي جامعة هارفارد هناك ثمانية رؤساء أمريكيين، و188 مليارديرا، و79 حائزًا على جائزة نوبل، والقائمة طويلة ولهذا فإن تصنيفها دائما الأول علي مستوي العالم.

عقب عملية السابع من أكتوبر والمعروفة بـ “طوفان الأقصى". نشر ائتلافا من طلاب هارفارد يضم أكثر من 30 طالبا، رسالة مفتوحة ليلة الهجوم الذي شنته حماس، عبر وسائل التواصل الاجتماعي معبرين عن رأيهم في مجريات الأمور، قائلًين إن إسرائيل "مسؤولة بالكامل" عن أعمال العنف التي انتهت بمقتل أكثر من 1400 شخص، معظمهم من المدنيين. ولم تضم الرسالة أسماء الطلاب.

وهنا، قامت الدنيا ولم تقعد بعد. في غضون أيام، تعرض هؤلاء الطلاب إلى عمليات ملاحقه واستقصاء، وتم نشر معلوماتهم الشخصية عبر الإنترنت. وتعرض ذويهم للتهديد. 

ووضعت شاحنة في ميدان هارفارد، تحمل لوحة إعلانية رقمية دفع ثمنها مجموعة متشددة، موضحة صور وأسماء الطلاب الـ 30، مع عبارة “قادة معاداة السامية في جامعة هارفارد".

ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، بل امتد إلى أن طالب المسؤولون التنفيذيون في وول ستريت قائمة بأسماء الطلاب لمنع توظيفهم وتدمير حياتهم المهنية.

ومن المعروف أن قيمة المنح التي تقدمها جامعة هارفارد تبلغ بـ 41,9 مليار دولار كل عام، مما يجعلها أكبر مؤسسة أكاديمية في قبول الطلاب. وهو ما زاد الطين بلة، لأن الخريجين ذوي المكانة البارزة والمؤثرين، والمانحين وأصحاب النفوذ يمارسون أقصى قدر من الضغط على الطلاب والإداريين في الوقت نفسه. 

فنجد ضغوطا على كل من رئيس ورئيس مجلس الإدارة جامعة بنسلفانيا، من أجل استقالتها بعد أن دعيا إلى مؤتمر للكتاب الفلسطينيين في الحرم الجامعي، واتهامهما بمعاداة السامية.

واستقال زوجان من المليارديرات من مجلس الإدارة جامعة هارفارد. كما قام آخر بسحب أموال للزمالات الممنوحة للجامعة. وانتقد رئيس جامعة هارفارد السابق، القيادة الحالية بسبب ردها " المتأخر " على هجوم حماس ورسالة الطلاب.

وهذه ليست المرة الأولى التي يتبنى فيها طلاب جامعة هارفارد وجهة نظر لا تحظى بقبول شعبي. إذ خاضت الجامعات من قبل صراعا لفترة طويلة مع حرية التعبير. ما هو المقبول وما الذي يعبر عن خطاب الكراهية؟ ولكن الحرب بين إسرائيل وحماس أثارت المشاعر، وهددت بتمزيق ثقافات الحرم الجامعي. 

ويري قادة الطلاب المؤيدة للفلسطينيين في جامعة هارفارد أنهم نشطاء من أجل الأشخاص المهمشين. وكانت الرسالة التي نشروها على الفيسبوك وإنستجرام ليلة 7 أكتوبر تقول “نحن، المنظمات الطلابية الموقعة أدناه، نحمل النظام الإسرائيلي المسؤولية الكاملة عن كل أعمال العنف التي تتكشف". وبعد انتشار الرسالة على نطاق واسع، اندلع الغضب ضدهم. 

وستكشف الأيام القادمة ما سوف يحل بهؤلاء الطلاب بعد نشر أسمائهم والمطالبة بتدمير مستقبلهم، وهي إشارة واضحة لعودة القوائم السوداء في عهد مكارثي.

أما الشكل الآخر من تكميم الأفواه وعدم التعبير بحرية، وهو ما قامت به شركة فيسبوك   Facebook وإنستجرام  Instagram عندما منعت مستخدميها في فلسطين والعالم من المشاركات بخصوص القضية الفلسطينية، من حذف صور المسجد الأقصى عبر تطبيقها وحذف كل الفيديوهات التي تثير التعاطف مع الوضع في فلسطين، وغلق صفحة فلسطين لايف، وهو نوع آخر من تكميم الحريات وحرية التعبير علي الطريقة الأمريكية.