السفير فهمي فايد: التعليم هو العنصر المحوري والحاسم في بناء المجتمعات

السفير فهمي فايد
السفير فهمي فايد

قال السفير فهمي فايد لأمين العام للمجلس القومي لحقوق الإنسان، أن التعليم يعد العنصر المحوري والحاسم في بناء المجتمعات، حيث يعمل يداً بيد مع الأسر لتشييد البناء النفسي والشخصي والعلمي والفكري للأطفال واليافعين والشباب، واللذين يمثلون القوة الأساسية لمجتمعاتنا، واللبنة الأولى لبناء المستقبل. وفي مصر على سبيل المثال يمثل طلاب المدارس ربع السكان، مما يضفي مزيدا من الأهمية على هذا المحور الهام.


جاء ذلك خلال المنتدى الحواري الإقليمي حول " مستقبل التربية والتعليم والتثقيف على حقوق الإنسان في المنطقة العربية".

وعلى خطورة دوره، قال فايد، انه لا يمكن إنكار التحديات التي يواجهها التعليم في عالمنا العربي، سواء ما يتعلق بالأبنية التعليمية والمرافق ومشكلات التكدس، أو ما يتعلق بالخدمات التعليمية، والمناهج، والمدرسين،إلى جانب مشكلات التسرب وغيرها، فضلا عن أزمة وباء كورونا التي مر بها العالم، وما صاحب ذلك من ترقب وارتباك ، وجهد مضني أضيف إلى عاتق أولياء الأمور وقطاع التعليم، مما وضع مزيدا من التحديات أمام القدرة على توفير التعليم الجيد للجميع .

أقرأ أيضا :- القومي لحقوق الإنسان يوضح ضوابط حرية الرأي والتعبير | خاص

التعليم وحقوق الإنسان 
وأضاف فايد، أنه لا يمكن إغفال دور التعليم في التربية على حقوق الإنسان، وترسيخ مفاهيمها في نفوس الطلاب منذ الصغر فقد اهتمت الدساتير والوثائق الدولية واتفاقيات حقوق الإنسان بالنص على تضمين المناهج المدرسية قيم ومباديء حقوق الإنسان.

وتابع: كما نص الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة 2030 على ” ضمان التعليم الجيد المنصف والشامل للجميع وتعزيز فرص التعلّم مدى الحياة للجميع"، بينما اختص مقصده السابع بالإشارة إلى "ضمان أن يكتسب جميع الدارسين المعارف والمهارات اللازمة لدعم التنمية المستدامة، وذلك بجملة من السُبُل من بينها التعليم لتحقيق التنمية المستدامة واتّباع أساليب العيش المستدامة، وحقوق الإنسان، والمساواة بين الجنسين، والترويج لثقافة السلام ونبذ العنف والمواطنة العالمية وتقدير التنوع الثقافي وتقدير مساهمة الثقافة في التنمية المستدامة، بحلول عام 2030". 

وكما نص الدستور المصري على أن التعليم حق لكل مواطن، وأن أهدافه تتضمن إرساء مفاهيم المواطنة والتسامح وعدم التمييز. 

واختص البند الثاني من المحور الرابع من الاستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان ب" إدماج مكون حقوق الإنسان في مراحل التعليم المختلفة"، 


الممارسات الجيدة: تجربة المجلس القومي لحقوق الإنسان 
في إطار الدور المنوط بالمجلس القومي لحقوق الإنسان في نشر ثقافة حقوق الإنسان، والذي اعتبره دوما أولولية له في سبيل تحقيق وإرساء حقوق الإنسان على أرض الواقع، وحيث يؤمن المجلس بدور التعليم والمناهج الدراسية كأحد أهم عناصر التنشئة الاجتماعية وأحد الوسائل الهامة للتربية على حقوق الإنسان، فقد أولى المجلس منذ نشأته اهتماما كبيرا للمناهج الدراسية بهدف تعظيم الاستفادة منها في ترسيخ قيم حقوق الإنسان ومبادئها في وجدان الطفل المصري. 

فقد قام المجلس في سنواته الأولى بتشكيل لجنة متخصصة برئاسة الدكتورة زينب رضوان -عضو المجلس في ذلك الوقت- لمراجعة المناهج الدراسية، حيث تم تشكيل فريق عمل متخصص من الأساتذة والباحثين، وتم بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم إعداد مراجعة علمية شاملة للمناهج المدرسية من منظور حقوق الإنسان، لمراحل التعليم البتدائي والإعدادي والثانوي.


وأثمر هذا الجهد عن إنتاج ما يلي: 
إعداد بحث حول خصائص ومفردات خطاب حقوق الانسان بالكتب المدرسية بمرحلة التعليم الالزامي، في فبراير 2006. 
إعداد بحث حول خصائص ومفردات خطاب حقوق الإنسان في الكتب المدرسية لطلاب المرحلة الثانوية، في سبتمبر 2006. 

وقد تضمنت الأبحاث قياس مدى معالجة الكتب المدرسية لقضايا حقوق الإنسان ومدى نجاح المادة في توصيل القيمة للطفل واستيعابها، على المستويين: الكمي و الكيفي.  

وقد تم إرسال الأبحاث إلى الجهات المعنية وعلى رأسها وزارة التعليم، والتي قامت بالفعل آنذاك بإجراء تعديلات بالمناهج بناء على توصيات المجلس. 

واستكمالا لهذا الجهد الهام، قام المجلس بإعادة المشروع مرة ثانية في عام 2020 بعد مرور سنوات طرأت خلالها تغييرات على المناهج، حيث أشرف على المشروع كل من الدكتورة نيفين مسعد عضوة المجلس، والدكتور ياسر عبد العزيز عضو المجلس السابق، وتم مراجعة المناهج الدراسية للمرحلتين الابتدائية والإعدادية على يد فريق متخصص، وإعداد دراسة شاملة تحت عنوان: "أطر ومستويات تضمين قضايا ومفاهيم وقيم حقوق الإنسان بالكتب المدرسية بمرحلة التعليم الأساسي: الابتدائي والإعدادي". ويعتزم المجلس في القريب العاجل عقد ورشة عمل بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم لمناقشة أثر الدراسة وتوصياتها على المناهج الحالية. 

تدريب طلاب المدارس من خلال الأنشطة اللاصفية
نظرا لأهمية الأنشطة العملية اللاصفية ودورها المكمل والمعضد لدور المناهج الدراسية، وحيث أثبت العلم فعالية التعلم بالاستمتاع، قام المجلس على مدار سنوات، وبالتعاون مع جهات مختلفة، بتنفيذ برنامج لتدريب طلاب المدارس على حقوق الإنسان من خلال ورش العمل التي تتضمن الألعاب والفنون والمناقشات. 

و تعتمد ورش العمل على منهجية المشاركة بهدف تعزيز السلوك الإيجابي، حيث يشترك الأطفال بشكل فعال في عملية التعلم لتتاح لهم الفرصة لاكتشاف أهمية السلوك الإيجابي بأنفسهم ووضع استراتيجيات لممارسته وإدماجه في حياتهم، عن طريق الخطوات التالية: التجربة الحية للأطفال من خلال المشاركة في لعبة ثم مناقشة بين الميسر والأطفال بحيث يقومون بعملية تفكير نقدي. 


حقوق الإنسان والتربية الإيجابية   
ومن الأهمية بمكان دمج حقوق الانسان في البيئة المدرسية قيماً وفكرا وممارسة ، وهذا الأمر لا يستقيم دون أن يكون المدرسون على دراية بحقوق الطفل والتي تتشابك وتتداخل بشكل وثيق مع أسس التربية الإيجابية. 

وقد تزايد مؤخرا الاهتمام بالتربية الإيجابية كأسلوب تربوي لما لها من قيمة كبيرة في تنشئة أجيال سوية، منتجة، ومسؤولة، تؤمن بحقوق الإنسان فكرا وممارسة، وحيث تهدف التربية الإيجابية إلى إقامة علاقات قائمة على الاحترام المتبادل في المنزل والمدرسة والمجتمع وبناء مجتمع إيجابي، وتساعد على تعليم الأطفال المهارات الاجتماعية والحياتية الهامة مثل مهارات ضبط النفس، وتحمل المسؤولية والتعاون، وقبول الآخر واحترام الاختلاف، وحل المشكلات، وغيرها، وذلك بطريقة تعتمد على الاحترام والتشجيع للأطفال والكبار.