رحلة في عالم «الجبنة»!

تذوق الجمهور لأنواع الجبن
تذوق الجمهور لأنواع الجبن

الجبنة ومنتجات الألبان من أهم الصناعات التى تشهد تطورا لإنتاج كل ما يخدم السوق المحلى ويلبى احتياجات المواطنين، ويحرص المصنعون على الابتكار وتنويع المنتجات لتغيير المفهوم التقليدى عنها والمساعدة فى النهوض بالقطاع للأفضل، وفى هذا الإطار تم إطلاق "المهرجان المصرى الثانى للجبن ومنتجات الألبان" فى الفترة من 4 إلى 8 أكتوبر الجاري، بهدف تبادل الخبرات بين العاملين والخبراء والباحثين فى مجالات التصنيع الغذائى المختلفة، والإنتاج الزراعى عمومًا، وللوقوف على أهمية مثل هذه الملتقيات لعرض المنتجات والأفكار والرؤى والخروج بتوصيات تسهم فى تطوير الصناعة وتحسين جودة المنتجات المصرية.

وخلال المهرجان، تحدثت «آخر ساعة» مع عدد من العارضين فى هذا المجال للتعرف على قصص وحكايات الجبنة وبعض منتجات الألبان الأخرى التى استطاع الإنسان تطويرها على مر التاريخ حتى وصل بها لأشكال منوعة كما نرى فى الأسواق.

■ د. محمد عيد

◄ لكل نوع حكاية

اكتشاف الجبنة يعود لأكثر من 5000 سنة قبل الميلاد، وجاء ذلك عن طريق المصادفة، فقد كان اللبن قديما يوضع فيما يعرف بـ«القربة» التى تصنع من جلود ومعدة الحيوانات التى تحتوى على بقايا إنزيم المنفحة – الذى يستخدم حاليا فى صناعة الجبنة - وأثناء قيام أحد الرحالة بالانتقال من مكان لآخر وضع اللبن فى هذه القربة ومع حرارة الجو اجتمعت العوامل التى أدت لتجبن اللبن وتخثره وتحوله لجبنة، لتتوالى بعده الصناعات المتنوعة.

يقول الدكتور محمد زكي عيد، باحث فى قسم تكنولوجيا الألبان بمعهد بحوث الإنتاج الحيواني: من الحكايات التى تؤكد أيضا عراقة وتمكن الإنسان المصرى القديم من صناعة الجبنة هى وجود بعض النقوش الفرعونية التى يظهر من خلالها استئناس الحيوانات وحلبها، كما تم اكتشاف بقايا للجبنة من العصر الفرعونى وكذلك ظهرت فى بعض الحضارات القديمة الأخرى، حيث يوجد أكثر من 1000 نوع جبن حول العالم تمكن العلماء من وصف وشرح أكثر من 400 نوع جبنة وهناك علماء آخرون تمكنوا من تصنيف أكثر من 500 نوع. 

وعن أكثر أصناف الجبنة شهرة يقول: لعل أبرزها الجبنة "الشيدر" التى اشتقت اسمها من اسم المدينة التى أُنتِج فيها لأول مرة بإنجلترا، وهى مدينة "شيدر" بمقاطعة سومرست، وهى جبنة جافة مصنوعة من لبن البقر الهولندى وتنال شهرة كبيرة عالميًا، وتشير مصادر تاريخية إلى أن الرومان كانوا أول من جلب وصفات صنع الشيدر من منطقة كانتال بفرنسا.

أما "البارميزان" فيتم إنتاجها فى إقليم بارما بإيطاليا، وتشتهر بتخزينها لفترة طويلة وتقطيعها لشرائح رقيقة، واسمها مشتق من كلمة "Parmigiano"، التى تشير لمنطقة "بارما" وهى من الأنواع شديدة الجفاف، ويعود تاريخ صناعة البارميزان لعام 1200 ميلادية، ومازالت هذه الجبنة تُصنع بطريقة يدوية من طرف صنّاعها المحترفين بنفس الجودة والدقة التى كانت منذ أكثر من 800 سنة، وهى جبنة طبيعية 100%، ولا تتطلب مواد اصطناعية لتحضيرها، لذا فإنها تشمل عدة عناصر مغذية تعطيها رائحة ومذاقًا مميّزين.

أما "الريكفورت" فهى أحد الأصناف الفرنسية الشهيرة، وتصنع من لبن الأغنام ومن سلالة معينة تسمى "لاكون" ويتم إنتاجها فى منطقة "روكفور" بفرنسا، حيث يتم تسويتها فى كهوف تُعرف باسم كهوف جبل كومبلو، ويُستخدم فى صناعتها فطر Penicillium requeforti المتسبب فى ظهور العروق الزرقاء فى الجبنة.


■ أصناف مصرية وصلت للعالمية

◄ أصناف مصرية وصلت للعالمية

أنواع وأصناف الجبنة المصرية محدودة والطلب على الأنواع المستوردة دائم وفى زيادة مستمرة، لذا قرر المهندس ميلاد وهيب، مدير إحدى شركات تصنيع الجبن، أن ينقل الخبرات العالمية للمصانع المصرية وأن يفى بمتطلبات السوق دون الحاجة للاستيراد ذى التكلفة العالية، بالإضافة لخلق فرص عمل للشباب وكذلك فرص استثمار فى مجال منتجات الألبان وتحقيق عائد اقتصادى مثمر.

ويقول ميلاد إنه يستهدف أن تكون المنتجات المصرية بديلة بشكل كامل لنظيرتها المستوردة وبأيادٍ عاملة مصرية، ويظهر ذلك فى إنتاج الجبنة الموتزاريلا بكافة أنواعها سواء المبشورة أو الأصابع، بالإضافة للأصناف الجديدة المستحدثة فى السوق المصرى مثل "البافلو"، فضلا عن الأنواع الهولندية كالبارميزان والفلامنك، مشيرا إلى أن كل هذه الأنواع وغيرها أقل تكلفة عن غيرها من المستوردة بنسبة تصل إلى 40 ـ 50 %، لافتًا إلى أن أبرز المنتجات التى تشهد طلبا دائما من الأسر المصرية هى الجودة والفلامنك والبارميزان والموتزاريلا، ما يجعله يسعى لتوفيرها طوال العام وبسعر مناسب للجميع، مؤكدًا على زيادة القوى العاملة للضعف للقدرة على تلبية جميع الاحتياجات.


■ الجبنة الرومي

◄ تراجع استهلاك المصريين للجبنة الرومي!

رغم كون الجبنة ملكة المائدة عند الأسر المصرية فى وجبتى الإفطار والعشاء، فإن ارتفاع أسعارها قد أثر فى حركة البيع والشراء بشكل سلبي، ووفقا للمهندس عبدالمنعم قتيلو، رئيس شعبة الألبان بالغرف التجارية فى دمياط، فإن مصر تمتلك نحو 4200 مصنع ووحدة إنتاج مقيدة بسجلات الغرفة التجارية، ولكن مازال نصيب الفرد من الألبان ومنتجاتها قليلا، إذ لا يتعدى استهلاك الفرد 40 لترا سنويًا مقارنة بمتوسط استهلاك الفرد عالميا من الألبان ومنتجاتها الذى يصل لنحو 180 لترا سنويا، أما متوسط استهلاك الفرد فى المجتمع المصرى من الجبنة فيصل لحوالى 7 كيلو جبنة بيضاء سنويا وكيلو واحد من الجبنة الرومي، بينما فى المجتمع الأوروبى يصل متوسط استهلاك الفرد من الجبنة لنحو 25 كيلو سنويا.

ويضيف: فى الفترة الأخيرة وصلت تداعيات أزمة العلف إلى زيادة سعر اللبن المستخدم فى صناعة الجبنة بنسبة 30%، ما أثر فى أسعار الجبنة ومنتجاتها بنسبة 20%، ولا يُتوّقع حدوث انخفاض فى الأسعار مستقبلا، وأدى ذلك لقلة نسبة الطلب على شراء الجبنة الرومى بنسبة 15% والجبنة البيضاء بنسبة 10%، موضحا أن حصة مصر فى التصدير للعام الثالث على التوالى لم ترتفع كما كان من قبل. ويتم استيراد أنواع قليلة من منتجات الألبان من الخارج، أبرزها الألبان المجففة، ما يجعل تطوير الصناعة وتحسين جودة المنتجات أمرا حتميا لزيادة الإقبال على هذه المنتجات وتعميق الصناعة المحلية لتنافس الأسواق العالمية.


■ منتجات تحفظ في شرش اللبن

◄ «شرش اللبن».. غذاء للرياضيين

«شرش اللبن» من المواد الأساسية التى تفرز عند صناعة الجبنة والزبدة، وأحيانا تتخلص منه ست البيت اعتقادا منها بأنه مجرد سائل ليس له فائدة تذكر، بدون أن تعى بأنها تترك وجبة غذائية هامة يمكنها التنوع فى استخدامها فى مختلف أطباقها يوميا.

تقول يسرا منصور، مسئولة بأحد مراكز تصنيع الألبان: إن «شرش اللبن» من أهم المواد الغذائية التى تحتوى على العديد من الأحماض الأمينية الأساسية التى يحتاجها الجسم من مصدر خارجى ولا يستطيع تصنيعها بنفسه، لذا يجب على ست البيت أن تعى جيدا أهمية ذلك والاحتفاظ بـ«شرش اللبن» أيا كانت كميته لاستخدامه فى صنع المخبوزات والكيك أو التتبيلات والأطعمة الأخرى التى تحتاج لمنتجات ألبان أثناء طهيها وكذلك استخدامه فى صنع المخللات. بالإضافة لإمكانية الاحتفاظ به فى زجاجات فى الثلاجة وتشجيع الأطفال والرياضيين على تناوله بشكل دائم كونه يمدهم بالعديد من الفيتامينات والبروتينات والمعادن الهامة لقوة الجسم.


◄ اقرأ أيضًا | صدفة تسببت في صُنع الجبنة من 5000 سنة| فيديو


■ المِش مبستر

◄ «المش» مبستر «مش من البلاص»

«الجبنة المِش» من أهم أنواع الجبنة التى يفضلها الكثير من الأسر المصرية، خاصة فى الأرياف، ولكن قد تجد بعض الأسر صعوبة فى الحصول عليها بالطعم الأصلى المتعارف عليه قديما، وتكون نظيفة وخالية من أى حشرات يمكن أن تصيبها بسبب التخزين لفترات طويلة.

وهذا كان السبب فى ابتكار نوع جديد من «المِش» المبستر الذى يخلو من كل ما سبق ويغير الفكرة التقليدية عن «المِش»، حيث تقول المهندسة نسمة سعيد، إحدى المهندسات المشاركات فى تصنيع «المِش» المبستر: إن عملية التصنيع تتم من خلال لبن طازج معقم ويحتوى على نسبة عالية من البروتين الخاص بتصنيع الجبنة بالإضافة لزيادة نكهتها بقطع من الفلفل الحار ونسبة ملح مناسبة للجميع حتى يتم تناوله بأمان. وأوضحت أن أهم ما يميز «المِش» المبستر أنه كريمى القوام وسهل الفرد ويمكن الاحتفاظ به فى الثلاجة لفترة طويلة دون أن يجف أو يفسد.


■ السوبيا للأكل

 «السوبيا».. وجبة غذائية متكاملة

تعتبر السوبيا من المشروبات التى تدخل منتجات الألبان فى تصنيعها بشكل أساسي، ومن المعروف أنها المشروب الأكثر تداولاً فى شهر رمضان الكريم وفى أيام الصيف، ولكن هل تعلم أنه يمكنك تناولها طوال العام فى شكل وجبة غذائية متكاملة؟

يقول محمد رمضان، مدير بإحدى شركات تصنيع المشروبات، إنه تم تغيير مفهوم السوبيا التقليدى المتعارف عليه وتحويله من شكله السائل إلى وجبة غذائية يمكن تناولها كطبق حلوى مفيد وشهى مصنوع من مزيج الأرز واللبن والسكر وجوز الهند والقشدة، بالإضافة لنوع آخر مثلج وبنسبة تحلية أقل ليمكن تناوله فى شكل «آيس كريم» مع إمكانية إضافة نكهات أخرى طبيعية له بدون مواد حافظة أو دهون تضر بالجسم.