أطفال تحت القصف.. كيف يواجه صغار غزة غارات إسرائيل؟

أطفال غزة تحت القصف
أطفال غزة تحت القصف

في ظل الأزمة الإنسانية الخانقة في قطاع غزة، حيث يتجاوز عدد الأطفال مليوني نسمة، يتعرض هؤلاء الصغار لمواجهة صعبة ومريرة تتمثل في الغارات الإسرائيلية المتكررة، حيث إنهم يعيشون حياةً مليئة بالتحديات والمخاطر، ويُجبرون على مواجهة ضجر الحياة تحت الحصار وعبء القصف العشوائي.

هؤلاء الأطفال يكونون شهودًا على الدمار والخراب الذي يُخلّفه القصف، وعلى رؤية منازلهم ومدارسهم وملاعبهم تتحول إلى ركام، يعيشون بين لحظة وأخرى وهم في حالة طوارئ دائمة، يتعلمون كيف يبحثون عن الأماكن الآمنة وكيف يتعاملون مع الخوف والقلق.

وفي هذه الفترات الصعبة، يظهر دور الأمهات القوي في مواجهة الظروف القاسية ومساعدة أطفالهن على تجاوز أثار الحروب، وفي هذا التقرير، تستعرض لكم «بوابة أخبار اليوم» بعض الروايات والقصص لأطفال تحت القصف والحصار في غزة تُروى من خلال أعينهم.


إما نحيا أو نموت سويًا تحت سقف واحد

شاركت بقصتها حنان أبو دغيم، الصحفية التي ألقت بمهنتها جانبًا في هذه الظروف الصعبة، تقول: إن "بيتي في حي الرمال تعرض لأضرار كبيرة، ولذلك نزحت منه منذ أيام إلى بيت أخي، حيث يشارك ثلاث عائلات السكن، وعندما يشتد دوي القصف، يصبح الأطفال مذعورين، وفي تلك اللحظات، أقوم بجمع الأطفال وأحاول تشجيعهم على اللعب معًا".

وتابعت الصحفية، على الرغم من أني أشعر بالحاجة الماسة للدعم النفسي في هذه اللحظات الصعبة، نحن نكافح جميعًا للتغلب على هذا الوضع الصعب، ونحاول مساعدة الأطفال عبر التأكيد عليهم بأن ما نمر به هو أزمة ستمر، وأن الله معنا.

وأعربت حنان عن قناعتها بأن سلامة أسرتها تأتي في المقام الأول، وتضيف: "أؤكد لك أن سكان القطاع متحدون حول فكرة واحدة، وهي أنهم يفضلون أن يناموا جميعًا في نفس الغرفة، حتى إذا تعرض منزلهم لقصف، يموتوا جميعًا معًا، حتى لا يتبقى أحد على قيد الحياة يعاني من خسائرهم".

وروت سحر كمال، التي تعيش في منطقة خان يونس جنوب القطاع، ولديها طفلان، أنه عندما يشتد القصف، تبدأ ابنتها ريتال، التي تبلغ من العمر 4 سنوات، بالشكوى من الصوت المزعج للقصف الذي يسبب لها ألمًا في الرأس، وتقدم سحر لابنتها هدية جميلة بمجرد هدوء الأوضاع، شريطة أن تهدأ، وتحاول أيضًا سحر إصدار أصوات مضحكة لجعل ابنها البالغ من العمر عامين يضحك هو الآخر.


الأطفال يشعرون أن الصواريخ تطاردهم

وقالت ليلى محمد، امرأة في الثلاثينيات وأم لخمسة أطفال، إنها "تعيش حالة من الخوف الشديد على أطفالها، وتحاول حمايتهم داخل المنزل، حيث تعتبر الخروج والتجوال خارجًا منزلها أمرًا صعبًا للغاية".

وأضافت ليلى: "في هذه الحرب، ليس هناك مأمون، أتذكر تجربة التشريد خلال الحروب السابقة، ولكن ابنتي سلمى لا تزال تتذكر تلك اللحظات وتخاف من الخروج من المنزل، لديها شعور بأن الصواريخ تطاردها في الشوارع، وتخاف من هذا بشدة، وفي الليل تعاني من حالات شديدة من الذعر بسبب صوت الطائرات."

شاركت الأم إيمان بشير، ما يمر به أطفالها الثلاثة في قطاع غزة من خلال صفحتها على موقع إكس "تويتر"، من تفاصيل مؤلمة منها القصف الذي طال حيها ومجتمعها قبل أيام، حيث قالت، إن "الوضع الحالي للحرب لا يشبه ما شهدناه في القطاع من حروب سابقة".

وتتبنى إيمان، بعض الاستراتيجيات الشخصية التي تستخدمها لمساعدة أطفالها نفسيا خلال الحروب، تضمنت قراءة القصص لأطفالها أثناء القصف، وتشغيل مكبرات الصوت بأغاني الأطفال عندما يكون القصف مكثفًا للمساعدة في تغطية أصوات الصواريخ في الخارج.


كل أم في غزة تُجهز حقيبة الإخلاء السريع

"أشعر بأن جسدي كله يؤلمني بسبب إخفاء حزني وبكائي عن أطفالي"، هذه الكلمات الصادقة من سعاد جبر، أمٌ شابة تعيش في مخيم جباليا شمال قطاع غزة، تمثل هذه العبارة مشهدًا مؤثرًا لواقع الأمهات خلال الحروب، حيث تجتهد في كبح مشاعرها وأحزانها أمام أطفالها. 

أعربت سعاد عن تلك الصراعات النفسية التي تعانيها وتشعر بأن جسدها يتألم من تكبيل مشاعرها، وتقول: إنني "أشعر بأن الطاقة السلبية تسبب التشنج لعضلات جسمي وتتلف أعصابي، وأحاول أن أكون قوية أمام أطفالي، وهذا يأتي بثمن جسدي وعاطفي".

وأضافت سعاد، أن كل أم في غزة تحاول أن تتجهز وتحضر حقيبة تحتوي على الأوراق الضرورية لتتمكن من الإخلاء السريع مع أطفالها خلال القصف، وأن هذا ما حدث معها عندما تعرض منزلها للقصف واضطرت للخروج مع أطفالها، لكن العودة لمنزل تضرر بسبب الحرب أصبحت خيارًا بدلاً من اختيار".


سيدة أصيب منزلها بالغارات

وشاركت السيدة سميرة قصاب، التي تعيش في مدينة رفح جنوب قطاع غزة، تفاصيل ليلة مروعة كادت أن تلتهمها هي وأطفالها، كانت تطل من نافذة بيتها الذي تأثر بالغارات الجوية الإسرائيلية، ورؤيتها لمشهد الدمار الهائل جعلها تدرك خطورة اللحظة.

وأعربت سميرة عن مشاعرها القوية وألمها الشديد من هذه التجربة المروعة، وتطرح أسئلة محورية حول مصيرها ومصير أطفالها في وجه هذا الصراع المدمر، وتظهر قوة إرادتها وإصرارها على البقاء في أرضها على الرغم من التحديات الهائلة والصعوبات التي تواجهها.

وعلى الرغم من هذا الدمار الكبير، قررت سميرة أن تعود للمنزل بعد الهجوم، معتبرة بأنها لن تترك بيتها الذي شهد ألوان السعادة والحزن وأوقات عائلية سعيدة، وقالت: "أين أذهب؟ لن أترك بلدي، سأبقى هنا حتى أخر نفس في جسدي، إن الليلة الماضية، نمنا في الشوارع، والأوضاع كانت صعبة للغاية".

وقالت، "إني أعاني من أمراض مزمنة مثل مشاكل القلب وارتفاع ضغط الدم ومرض السكري، لكنني اضطررت لإخلاء منزلي مع بزوغ الفجر مع أطفالي، لم يكن هناك مأوى آمن يمكننا اللجوء إليه، ألا يخافون الله!، لماذا يجب على أطفالي الأبرياء أن يعيشوا هذا الكابوس؟".


الأطفال يحتاجون للإسعافات النفسية

وتقول أم أخرى تدعى منال سالم، إنها تجلس مع أبنائها في الغرفة ويقومون بترتيب الألعاب لكي لا ينتبهوا إلى صوت القصف.

وتضيف منال: "ابني الأكبر، فارس، الذي يبلغ 8 سنوات، يتوجه إلى الحمام بشكل متكرر، وفي بعض الأحيان يصاب بالتبول على نفسه نتيجة للخوف الشديد، إنه يكره صوت الطائرات، إنني أنتظر حتى تهدأ الأوضاع قليلاً لكي أبحث عن مساعدة من أخصائي نفسي لعلاج أطفالي ومساعدتهم على التغلب على هذه الحالة".