العميد أحمد عثمان أحد أبطال معركة لسان بور توفيق:

عندما قدم القائد الإسرائيلى التحية العسكر ية للقائد المصرى بعد استسلامهم

مدرسة الصاعقة
مدرسة الصاعقة

حسام عبدالعليم

العميد أحمد عثمان شولاق، أحد أبطال عملية حصن لسان بورتوفيق فى حرب أكتوبر، أحد حصون خط بارليف، تخرج فى الكلية الحربية دفعة 58، فى شهر أكتوير 1970. وحصل على فرقة معلمى صاعقة رقم 161، وتخرج فى مدرسة الصاعقة فى ديسمبر 1970، ليلتحق بقوات الصاعقة المصرية. 

فى البداية، قال البطل أحمد عثمان”لاتزال كل لحظة عشتها خلال هذه الملحمة محفورة فى ذاكرتى، لم أنسها أبداً، كنت وقتها ضابطًا برتبة ملازم أول، قائد فصيلة إشارة بالكتيبة 43 من مجموعة 127صاعقة.

يعود البطل أحمد عثمان  بذاكرته إلى عام 1970 بعد تخرجه فى الكلية الحربية، قائلاً “ خلال فترة حرب الاستنزاف، كنت كقائد فصيلة وزملائى نقوم بعمل كمائن فى فترات الليل بمنطقة وادى حاجول والبحرالأحمر، لاصطياد الإسرائيليين الذين كان يتم إنزالهم جواً  بالجانب الغربى من القناة، من أجل القيام بأى عمليات هجومية فى العمق.” كانت حياتنا خلال تلك الفترة لم يكن فيها أى مظاهر ترف، فكنا نعيش فى ملاجئ حديدية تحت الأرض، متحملين تلك الظروف الشاقة والصعبة التى تعودنا عليها كقوات صاعقة خلال عمليات التدريب، فى انتظار لحظة العبور واسترداد أرضنا.

وأضاف البطل “ خلال تلك الفترة كنت أستشعر بأنه ليس هناك حرب، لكن فى نفس الوقت كنا نتدرب تدريبات مركزة على أعلى مستوى، ونتنقل لمناطق مختلفة بمحافظات مصر. فكل عام ننتقل من موقعنا الثابت إلى منطقة معينة ولمدة شهر للقيام بعمل تدريبات قوية ومركزة وجادة، فعلى سبيل المثال، كانت مجموعتى تنتقل إلى منطقة الخطاطبة حيث بها ترعة كبيرة، وكنا نتدرب على  قفزة الثقة والعبور فى هذه الترعة.

وبسعادة وفخر يحكى بطل أكتوبر تفاصيل يوم المعركة وعملية لسان بورتوفيق، قائلاً: كانت مهمة الكتيبة 43 صاعقة، هى عبور قناة السويس والسيطرة على منطقة لسان بورتوفيق وتطهيرها من العدو الإسرائيلى الذى كان يحتمى بمواقع حصينة خرسانية وحديدية تحت الأرض، على أن تبدأ الكتيبة بعبور القناة الساعة (سين) وتوقيتها الساعة 5 مساءً أى بعد انطلاق الحرب بثلاث ساعات.  

وأضاف” كان العدو الإسرائيلى يرانا من خلال قيامنا بعمليات التجهيز وإعداد القوارب المطاطية على ضفة القناة، استعداداً للعبور والسيطرة على هذا الموقع الحصين من حصون خط بارليف ويقع منتصف اللسان فى مواجهة بورتوفيق، كانت المياه تحيطه من ثلاثة جوانب.

وفى التوقيت المحدد، بدأنا العبور تحت ستر نيران المدفعية وأسلحة الضرب المباشر من قبل العدو الإسرائيلى، ليستشهد عدد كبير من الأبطال، إلى أن نجحنا  بفضل الله فى الوصول للبر الشرقى من القناة نردد “ الله أكبر”، وقمنا بمحاصرة موقع العدو الإسرائيلى من جميع الجهات. كما قمنا بعمل كمائن القطع خارج وداخل اللسان، ورص حقلين مضادين للدبابات لمنع الدخول والخروج من اللسان.

وعلى الرغم من محاولات العدو الإسرائيلى من الهجوم المضاد علينا من موقعه الحصين، إلا أنه لم ينجح فى ذلك، كما حاولت طائرات العدو كسر هذا الحصار، فقامت بعض طائرات العدو من طراز فانتوم بشن غارات جوية عنيفة على كمائن القطع عند مدخل اللسان، لإجبارنا على التخلي عن موقعنا، ولكن مجموعات القطع ظلت متمسكة بمواقعها رغم ما لحق بها من خسائر.

وأضاف البطل أحمد عثمان” بعد 6 أيام من الحرب، وتحديدًا فى يوم 13 أكتوبر، استسلم العدو الإسرائيلى بعد أن أدرك إصرارنا على الاستيلاء على الموقع ومحاصرته من كل الجهات، وتم استلام الموقع عن طريق الصليب الأحمر الدولي ورفع العلم المصري عليه، وأسرنا 37 اسرائيلياً منهم 5 ضباط.

ويروى” لا أستطيع أن أصف فرحتى وكل زملائى، خلال تسليم العدو الإسرائيلى للموقع لقائد الكتيبة  43 صاعقة الرائد زغلول فتحى، وهم فى قمة الانكسار والهزيمة، حيث أعطى ملازم أول شلومو أردينست قائد الموقع العلم الإسرائيلي إلى قائد الكتيبة 43 صاعقة، وقدم له التحية العسكرية وقد سُجلت تلك اللحظة الرائعة فى عدة صور فوتوغرافية شهيرة وكذلك فيلم تسجيلى، وتم رفع العلم المصري فى الموقع. قائلاً” كان لى الشرف بأننى من قمت بتجهيز العلم المصرى ووضعه فى السارى.

ويستطرد “ كان الأسرى الاسرائيليون يملؤهم الرعب والخوف بشكل كبير، حيث ظنوا أنهم لو وقعوا فى أيدينا “ هنأكلهم”، ولكن خاب ظنهم، فقد عاملناهم معاملة إنسانية كما يعلمنا ديننا، وقدمنا لهم المياه والسجائر

وأنهى البطل أحمد عثمان حديثه قائلاً” أتمنى أن تتعلم أجيالنا الحالية من روح حرب أكتوبر المجيدة، ففيها اَلاف الدروس والعبر وحب الوطن. كما أتمنى أن تعطى الدراما المصرية اهتماماً أكبر من خلال إنتاج مسلسلات وأفلام سينمائية تحكى هذه اللحظات العظيمة فى حرب أكتوبر، لكى تدرك الأجيال القادمة وتتعلم بأن هذا النصر العظيم لم يكن سهلًا، فقد سبق هذه الحرب سنوات من التدريب والاستعداد فى ظل روح معنوية وإيمان قوى بالله عز وجل بأن النصر سيكون حليفنا فنحن أصحاب الأرض والحق.