«الشخصية المصرية» في معركة الوعي وإعادة بناء الدولة

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

■ كتب: هانئ مباشر

بناء الشخصية المصرية الوطنية ومقاومة المحاولات الساعية لزعزعة قيم هذه الشخصية وبث قواعد سلبية بداخلها هى واحدة من أهم التحديات التى تواجهنا جميعا «مؤسسات الدولة وكل أركان وفئات المجتمع وطوائفه»، وهو ما أكد عليه الرئيس عبدالفتاح السيسي، خلال مؤتمر «حكاية وطن».. بين الرؤية والإنجاز» مشيرًا إلى أن كل محاولات المكر والإفك التى حاولت النيل من مصر خلال الـ10 سنوات الأخيرة، ومازالت مستمرة من أجل بناء حالة من عدم الثقة لدى الإنسان المصرى حتى تبقى جزءا من الشخصية المصرية «متشككة وغير واثقة فى نفسها وبلدها» وأن الأمم تبنى بالتنمية والإصلاح فقط وليس بالتشكيك والإهانة!.

◄ ضرورة دعم دور المدرسة والأسرة فى غرس القيم الإيجابية

◄ الرئيس حريص على المصارحة والمكاشفة ونقل الحقائق للشعب

ومع تطور أشكال الحروب الحديثة، والتي لم تعد قاصرة على المفهوم التقليدي للحروب بين الجيوش النظامية، بل امتدت إلى أشكال مختلفة ومن بينها الحروب التكنولوجية ومحاولات بسط النفوذ من خلال الفضاء الإلكتروني بهدف السيطرة على «عقول» أكبر قطاعات من الجماهير وتحريكها من بعد لتدمير أوطانها أو تحقيق أهداف أعدائها، هكذا يبدأ كلام الدكتور نادر مصطفى، وكيل لجنة الثقافة والإعلام والآثار وعضو مجلس النواب عن تنسيقية شباب الأحزاب، حيث يوضح أن مؤتمر «حكاية وطن» ومن قبله الحوار الوطني الذي شارك فيه كل الخبراء والمختصين الذين شاركوا في وضع تصورات الحلول وكذلك المنتديات المختلفة ومن بينها مؤتمرات الشباب والمرأة... إلخ، هي جزء من حلول مواجهة كافة الطرق الساعية الى التلاعب في قيم المجتمع المصري أو التشكيك فيما يحدث، فالدولة هي التي بدأت تحكي الحكاية بشكلها ووضعها الحقيقي ودون أدنى مبالغة وبما لها وعليها وما هو المطلوب من الجميع، وهنا لابد من التأكيد على أن الرئيس عبد الفتاح السيسى حريص على أن ينقل الصورة الحقيقية للشعب، من خلال اتباعه لأسلوب المصارحة والمكاشفة فى جميع المواقف بكل مصداقية، خاصة أن الرئيس يستخدم لغة بسيطة وسهلة وجماهيرية وبالتالى ذلك يكون له تأثير إيجابى للغاية.

◄ رسائل الرئيس
أضاف أن مصر جزء لا يتجزأ من العالم في ظل التداعيات السلبية للأحداث ولذلك تجد رسائل الرئيس دليلاً على النهج المتبع في المكاشفة والمصارحة مع الشعب، وإحاطة المواطنين بكل ما تم ويتم اتخاذه من إجراءات وقرارات ومشروعات، والقول الفصل هو أن الرئيس السيسي يتبع منهج الشفافية والصراحة مع الشعب، والكشف عن التوجهات المباشرة تجاه الملفات التى يتم مناقشتها، بالإضافة إلى الإيضاح للشعب أى شائعات أو أخبار ملونة مثل مواجهة الإرهاب ونقل الصور الحقيقية للعبء الاقتصادي، وذلك يعزز الثقة بين القيادة والشعب، فالمكاشفة هى نوع من أنواع الحصانة والمناعة ضد أى محاولات فاشلة من أجل زعزعة أمن واستقرار هذا البلد، وتعد أيضا هى خط الدفاع الأول ضد أى محاولات لهز الثقة بين الشعب والقيادة.

وقال إن مبادئ التعامل بهذا الأسلوب يجب أن يتبعه الجميع كل في موقعه ويعتبر من دعائم الثقة، وتزيد من المصداقية والشفافية بين الشعب ورئيسه، وهو مايجعل المواطنين يشعرون بالحرية فى التعامل، وأن يسعوا للتكاتف والتعاون بين مختلف فئات الشعب للوقوف خلف الرئاسة والحكومة للوصول إلى الهدف المنشود، خاصة أن الشعب المصري على مدار تاريخه يتميز بالحكمة وثوابته التى لا يحيد عنها، لتكون الحقائق جلية وضوح الشمس وحتى لا يتم العبث بعقول المصريين من قبل خفافيش الظلام، حيث إنه يحدثنا بلغة الأرقام والإحصائيات ليؤكد صدق ما يطرحه، وفى كل مرة يتحدث الرئيس يكون كلامه نابعا من قلبه ويتحدث بكل صدق وأمانة ويفتح قلبه للمصريين، ويكشف لهم كل صغيرة وكبيرة فى كل القضايا التى تهم الوطن والمواطنين.

وأشار إلى إن المواطن المصري أظهر معدنه الأصيل في السنوات الماضية بمواجهته للصعوبات والتحديات سواء كانت سياسية أو اقتصادية أو في مواجهة الإرهاب، وكان يقف وراء الرئيس والدولة ويؤيدها في كل القرارات، لذا هو يعتبر سر النجاح والشريك الأساسي في كل الإنجازات التي تحققت على مر السنوات، ودائما ما يؤكد الرئيس على ذلك وينسب الفضل للشعب المصري.

◄ استراتيجية وطنية
إن «الشخصية المصرية» كان لها سمات واضحة ومميزة منذ فجر التاريخ، ولم تنجح التغيرات الجوهرية التي مرت بها مصر عبر العصور في تغيير هذه السمات، وظلت الشخصية المصرية محتفظة بها، لكن التغييرات السياسية والاجتماعية التي أعقبت ثورة 25 يناير كانت لها آثار جمة على سمات الشخصية المصرية منها ما هو السلبى ومنها ما هو الإيجابي، وهذا ما يقوله الدكتور محمود السعيد، أستاذ العلوم السياسية نائب رئيس جامعة القاهرة لشئون الدراسات العليا، الذي أوضح أن الدولة المصرية دخلت فى مخاض سياسي واجتماعي عسير جدا، وذلك بعد أن تولت «جماعة الإخوان المحظورة» حكم البلاد لمدة عام، قاموا خلالها بإسناد أهم الوظائف في الدولة لمن يحملون نفس فكرهم، ناهيك عن انتشارهم الملحوظ بين فئات المجتمع المصري خلال فترة حكم مبارك من خلال تصدرهم عدة مشاهد هامة في الجامعات والمناطق المهمشة والفقيرة، وقد كان لذلك الأمر تأثيرات سلبية كبيرة على الشخصية المصرية انعكست في أمور ما كان لنا أن نشاهدها على مر حياتنا، مثل ضباط الشرطة الملتحين، وسلوكيات غير منضبطة تمثلت في انفلات الشارع، وبعد إزاحة الجماعة من الحكم، استغلت الجماعة وأهل الشر منصات التواصل الاجتماعي على الشبكة العنكبوتية لمحاولة التأثير في تماسك الشعب المصري وتغيير شخصية وسمات المصري، من خلال التشكيك الدائم في الإمكانيات والقدرات، والحض من مكانة الدولة المصرية، من خلال نشر شائعات مضللة وإحصاءات غير حقيقية وخارجة عن سياقها عبر هذه المنصات، بغرض تأليب الرأي العام على الدولة المصرية وحكومتها وقيادتها، وأصبح المواطن المصري ضحية لسيل الشائعات والمعلومات المغلوطة والتي أثرت فيه سلبا، وغيرت من طبيعته وفقدنا مع الوقت أهم سمات الشخصية المصرية المتميزة، وانتشرت على نطاق واسع ممارسات غير معهودة مثل التحرش والتنمر، واللامبالاة، وعدم احترام خصوصيات الآخر ولا حرماته.

أضاف، أن الشعب المصري الذي ظل محتفظا بسمات إيجابية يشهد لها القاصي والداني وعبر الأزمنة منذ عصر ما قبل الأسرات وحتى نهايات القرن العشرين، أصبح في حاجة ماسة إلى جهود المسئولين لإعادة بناء شخصيته التي تأثرت كثيرا بالسلب وخاصة خلال العقد الأخير، لافتًا إلى أننا بحاجة لاستراتيجية وطنية لإعادة بناء الشخصية المصرية، استراتيجية معتمدة من الدولة، يشارك في تنفيذها وزارات التعليم والتعليم العالي والبحث العلمي والثقافة والشباب والرياضة، كما يشارك فيها الإعلام والأزهر والكنيسة ومنظمات المجتمع المدني، بل وتشارك فيها الأعمال الدرامية بالسينما والتلفزيون والمسرح، استراتيجية تهدف إلى إعادة توجيه الشخصية المصرية نحو تقديس قيم العمل والبناء والحفاظ على المال العام، ووزن ما يعرض عليها من أخبار ومعلومات قبل تصديقها ونشرها.

◄ شخصية عظيمة
الشخصية المصرية، بكل المقاييس هي شخصية عظيمة وعلى قدرة عالية من «التحمل» و«التكيف» مع كافة الظروف، كما إنها بها من السمات «الوطنية» و«التضحية» ما يجعلها قادرة على التكيف مع كافة الظروف بل الواقع يقول إنها على مدار الاثنى عشرة سنة الماضية كانت على قدر ما بها من صفات ايجابية حيث تحملت الكثير من الظروف الاقتصادية والسياسية، وفقًا للدكتورة هالة منصور، أستاذ علم الاجتماع بجامعة بنها، والتي أوضحت أن الشعب المصري يستحق كل التقدير والاحترام في قدرته على تحمل الصعاب وهو ما يحرص الرئيس عبدالفتاح السيسي على تأكيده في كل مرة، صحيح أن هناك بعض الظواهر السلبية قد ظهرت في السنوات الأخيرة لكنها ليست مقصورة على المجتمع المصري وحده بل كل مجتمعات العالم كظاهرة «العنف» الناتجة من بعض الضغوط الاقتصادية أو الإعلامية، لكن في لحظة فارقة ستجده على قلب رجل واحد.

وقالت إن حياة الإنسان عبارة عن مجموعة قضايا اجتماعية تشمل اهتمامنا على اختلاف المستويات الثقافية وعلى اختلاف المراحل العمرية، فكل قضايانا الاجتماعية هي نمط حياتنا اليومي بكل تفاعلاته والوعي بهذه القضايا يجعلنا نستطيع التحكم فيها وتوجيهها الاتجاه السليم في مصلحة الوطن والمواطن، مُضيفة أن قضية الوعي هي الوجه الآخر للمسئولية الاجتماعية ومفهوم أساسي في أي مجتمع إنساني، فالجميع أعضاء في مجتمع واحد ومسئولون مسئولية كاملة عن المجتمع، والمسئولية الاجتماعية ينطلق منها شق مهم جدا من الوعي وهو أن كل شخص يعتبر نفسه مسئولا عن توعية الآخرين ويساعدهم في مناقشة القضايا المجتمعية على قدر من العلم والموضوعية وهذا لا ينطبق على الفرد فقط في موقعه، إنما ينطبق على مؤسسات المجتمع وأهمها الإعلام، فالرسالة الإعلامية هي حلقة الصلة بالقضايا المجتمعية، والأسرة من أهم مؤسسات المجتمع لأنها تقوم على صيانة هؤلاء الأبناء لتمد المجتمع بالعناصر الفاعلة وبالطاقة البشرية القوية، وبالتالي فالأسرة من الأب والأم مسئوليتهم إيضاح وتبسيط وتثقيف وتعليم أبنائهم وارتباطهم بالقضايا المجتمعية وتوجيههم لمن يستطيع أن يغطي تلك الجوانب إذا لم تمتلك الأسرة الإمكانيات الكافية لعمل ذلك، والأسرة عليها أن تراجع دور المدرسة ودور المؤسسة الدينية وتراجع دور تقبل أولادها الإعلام والقضايا الإعلامية والمؤسسات الرياضية، ولذلك فدور الأسرة هو محصلة لأدوار المجتمع وفي نفس الوقت هو حماية أساسية لأبنائها، وقالت إنه إذا كانت كل أجهزة الدولة والمسئولين مطالبين في السير على نهج الرئيس في المصارحة والمكاشفة وإرساء مبادئ وروح القانون فإن جميع طوائف المجتمع والمثقفين كلُ في دائرته مطالب بالمشاركة الوطنية وبلا مقابل، أي منطق «القيادة العنقودية» أي أن كل شخص مسئول عن الذين هم تحت قيادته ومسئوليته.
مطلوب إعادة نظر

وفي ضوء عوامل التغير المختلفة المؤثرة على المجتمع المصري وتداعياتها، يمكن الإشارة إلى عدد من الآليات التى تساعد على تعزيز التغير الإيجابي، والتي يضعها الدكتور عماد مخيمر، أستاذ علم الإجتماع بكلية آداب الزقازيق، ومن بينها مراعاة الجوانب الاجتماعية خلال تنفيذ الإصلاحات الاقتصادية، وتوفير الدعم والحماية للفئات الاجتماعية الأكثر تعرضاً للآثار السلبية لتلك الإصلاحات. وقد تبنت الدولة بالفعل العديد من هذه البرامج.

وكذلك إعادة النظر في دور أدوات التنشئة مثل «الأسرة» و»المدرسة» لغرس القيم الإيجابية المعبرة عن الشخصية المصرية، مع بناء الشخصية المنتجة وإعادة الاعتبار لقيمة العمل الجاد والمتقن، ووضع ميثاق أخلاقي لوسائل الإعلام المصرية المختلفة تكون من أولوياته الحفاظ على الهوية المصرية وحماية القيم المجتمعية، مع الإكثار من الندوات العلمية والبرامج التعليمية الهادفة التي توضح التأثير السلبي لشبكات التواصل الاجتماعي على القيم الاجتماعية.