كمال الطويل .. .. مئوية مبدع الأغنيات الوطنية

كمال الطويل
كمال الطويل

محمد‭ ‬كمال

جاءت ثورة يوليو 1952  لتعلن عن دخول مصر عهد جديد، ليس فقط على المستوى السياسي والاجتماعي والاقتصادي، لكن أيضا على المستوى الفني، حيث خرج جيل جديد من كنف الحراك السياسي ليعبر عن روح العهد الجديد برؤية معاصرة مواكبة للتوجه الجديد المبني على العدالة والمساواة، فقد وجدت الثورة ضالتها في عبد الحليم حافظ ذو الملامح المصرية التي تنتنمي للريف المصري الأصيل، ليتحول العندليب الأسمر إلى أهم مطرب في تلك الفترة، ومعه ظهر وتألق عدد من الملحنين الشباب الذي جاءوا بفكر موسيقي جديد ولون مختلف، وهم الرباعي محمد الموجي ومنير مراد وبليغ حمدي وآخرهم كمال الطويل الذي نحتفل حاليا بمئويته.

ولد كمال الطويل في 11 أكتوبر عام 1923 في طنطا واسمه بالكامل كمال محمود زكي الطويل، وكانت أسرته تنتمي سياسيا لحزب الوفد، درس الطويل في معهد الموسيقى العربية الذي تخرج منه عام 1949، بعد التخرج تم تعيينه مفتشا للموسيقى بوزارة المعارف، ثم بعدها مديرا لإدارة الموسيقى والغناء، وقدم وقتها برنامج أركان الإذاعة.

تعلق كمال الطويل بالموسيقى منذ صغره، وكان يهوى الغناء والتلحين، وبدأ بارتجال بعض الألحان التى ذهب بها إلى الشيخ زكريا أحمد ليسمع رأيه فيها، كان الطويل يود أن يسمع بعض الثناء والتشجيع من الشيخ الكبير، لكن الشيخ زكريا باغته بنصيحة قاسية، قال له “اذهب لتتعلم العود أولا”.

مسيرة طويلة

امتدت مسيرة كمال الطويل لأعوام طويلة حتى وفاته في 9 يوليو 2003 ، لكن تظل تجربته مع عبد الحليم حافظ هي الأشهر، فقد كان أكثر مطرب تعاون معه الطويل في العديد من الأغنيات وصل عددها إلى  56أغنية، فقد كانت البداية في أغنية “ياضنين الأمس”، ثم توالت الأعمال في أغنيات أخرى مع الشاعر مرسي جميل عزيز، مثل “الحلو حياتي”، “هيّ دي هيّ”، “قولوله الحقيقة”، “بتلوموني ليه”، “في يوم في شهر في سنة”، “جواب”، “راح..راح”، “الحلوة” وأغنية “بلاش عتاب” التي تعد التعاون الأخير بين عبد الحليم والطويل، ومع الشاعر مأمون الشناوي في أغنيات مثل “كفاية نورك”، “حلفني”، “بيني وبينك إيه”، “صدفة”، “في يوم من الأيام” و”بعد إيه”.

 لم تكن مسيرة الطويل مع أم كلثوم طويلة مقارنة مع مطربين أخرين لكنها كانت مؤثرة على المستوى الفني، فقد قدم الطويل لكوكب الشرق خمسة أغنيات تأتي في مقدمتهم “واللة زمان يا سلاحي” التي قدمت عام 1958  بعد انتهاء العداون الثلاثي وقام بتأليفها صلاح جاهين والتي أصبحت النشيد الوطني لمصر منذ هذا العام حتى 1977 ، والأغنيتين الشهيرتين مع الشاعر طاهر أبوفاشا وهما “لغيرك ما مددت يدا”، و”غريب على باب الرجاء”.

الأغنيات الوطنية

يعتبر الملحن كمال الطويل أبرز الملحنون في تاريخ مصر الذين برعوا في تقديم الأغنيات الوطنية، فتعد تجربته هي الأبرز بجانب الأغنية التي تحولت للنشيد الوطني، لديه العديد من الألحان الأخرى خاصة  مع عبد الحليم حافظ التي دعمت وتغنت بالتجربة الاشتراكية مثل “صورة”، “ذات ليلة”، “بلدي يا بلدي”، “إحنا الشعب”، “بالأحضان”، “المسئولية”، “يا أهلا بالمعارك”، “حكاية شعب”، و”مطالب شعب”، وأيضا فترة الستينيات خاصة بعد هزيمة يونيو مثل “ناصر يا حرية” التي قدمت بعد قرار التنحي، والأغنيات التي قدمت مع الشاعر عبد الرحمن الأبنودي مثل “إنذار”، “راية العرب”، “احلف بسماها”، “بالدم”، “اضرب”، “بركان الغضب”، “ابنك يقولك يابطل”، ثم أغنية “صباح الخير يا سينا” التي جاءت عام 1974  بعد انتصار أكتوبر، كما قدم الطويل أغنية وطنية لدولة الكويت عام 1970  تحمل اسم “يا كويت يا حبيبة” في الفترة التي شغل فيها منصب المستشار الفني لوزارة الثقافة والإرشاد بالكويت بداية منذ عام 1966، وفي عام 1971 قدم لحن بعنوان “اتحاد الجمهوريات العربية”.

خاض كمال الطويل تجربة تقديم الموسيقى التصويرية مع المخرج يوسف شاهين في فيلمين الأول “عودة الابن الضال” عام 1976 والذي قدم خلاله أيضا ألحان أغنيات الفيلم التي غنتها ماجدة الرومي وكتب كلماتها صلاح جاهين، ويعود بعد الاعتزال الذي دام لخمسة عشر عاما من أجل عيون يوسف شاهين أيضا ليقدم معه الموسيقى التصويرية لفيلم “المصير” عام 1997، وأيضا اللحن المميز للأغنية الشهيرة “علي صوتك” التي غناها محمد منير ضمن أحداث الفيلم، وبعد رحيل كمال الطويل عام 2003، كان يوسف شاهين يقوم بتنفيذ فيلمه “إسكندرية نيويورك” والذي أصر خلالها تكريما لوفاة الطويل بإعادة استخدام الموسيقى التصويرية بفيلم “المصير” في فيلم “اسكندرية نيويورك” وقدم الفيلم والموسيقى إهداء إلى كمال الطويل.

يعتبر كمال الطويل من الفنانين الذين لديهم تجربة سياسية من خلال التواجد كأعضاء في مجلس النواب المصري، فقد نجح كمال الطويل في الدخول للبرلمان على قائم حزب الوفد في الثمانينات.

يمتلك كمال الطويل العديد من الألحان البارزة للعديد من المطربين مثل فايزة احمد التي قدم معها “يا ما قلبي قاللي لأ” ووردة الجزائرية في أغنية “بكرة يا حبيبي” الورد - أصلك تتحب - إسأل الحلوين” ولمحمد قنديل لحن “يا رايحين الغورية”وسعاد حسني لحن لها أغاني فيلمي “خلي بالك من زوزو” و”أميرة حبي” ولحن لها أغاني مسلسل “أنا وهو وهي”.

ولمحمد عبد المطلب لحن “الناس المغرمين”، ومع نجاة قدم أغنيات “في الشوق والحب”، “استناني” و”لو يطول البعد” وآخر أغنية قدمها الطويل بعد العودة من الاعتزال كانت قصيدة “درس خصوصي” التي كتبتها الشاعرة السعودية سعاد الصباح.

قدم الطويل العديد من ألحان الأغنيات في عدد من الأفلام مع العندليب الأسمر في “لحن الوفاء” ، “أيامنا الحلوة” و”ليالي الحب”، “موعد غرام” و”الوسادة الخالية” و”دليلة”، “يوم من عمري” و”معبودة الجماهير”، وأفلام أخرى مثل “ألمظ وعبده الحامولي”، “الزوجة 13””، “مولد يا دنيا”، “فيفا زالاطا”.

حصل الطويل على العديد من الأوسمة، منها جائزة وسام الجمهورية للآداب والفنون من الدرجة الأولى من الرئيس جمال عبد الناصر وشهادة تقدير من دولة الكويت عام 1962 ووسام من دولة موريتانيا عام 1966.

اقرأ أيضًا : أمسية فى حب كمال الطويل بصالون مقامات

;