الدور الألمانى لاستقلال أوروبا من التبعية

 نادر رياض
نادر رياض

لا شك فى أن العالم بمنطق القوة والهزيمة والنصر يقف مفتقداً للمنطق والمعيار القابل للقياس عليه عندما يرى دولة ألمانيا اليوم مقارنة بالأمس.


 فدولة ألمانيا التى انهزمت واستسلمت دون قيد أو شرط وسمحت لأربعة جيوش لدول مختلفة أن تحتل عاصمتها برلين وتقسمها إلى أربعة أجزاء تدير فيها شئونها كيفما شاءت وأينما أرادت .. فينهبون من ثرواتها عقاباً لها وتنكيلاً بها ، وقد سجل التاريخ أن فرنسا سمحت لنفسها بمصادرة ٢ مليون عمود حامل للكابلات الكهربائية من مخازن السكك الحديد الألمانية ونقلها إلى فرنسا .. والقائمة طويلة يضيق عنها المجال.


 أما دولة ألمانيا اليوم التى نراها وقد تفوقت على ثلاث دول أوروبية كانت محتلة لها بعد هزيمتها أمامهم فى الحرب العالمية الثانية وذلك باستخدام القوة السلسة ألا وهى قوة العمل والإخلاص للدولة الألمانية التى وظفتها قوى الشعب العاملة بإصرار ممتد منذ اليوم الأول لما بعد الاستسلام لاستعادة  دولتهم وذلك بالانخراط فى العمل كهدف أسمى التفوا حوله وحولوه إلى أداة بناء فاقت كل آليات الدمار التى لحقت بألمانيا .


 فها هى الوحدة الألمانية بعد مرور 33 عاماً وقد فرضت نفسها على القوى العظمى ما لبثت أن حولها هيلموت كول إلى وحدة أوروبية ..وبتحرير شهادة ميلاد الاتحاد الأوروبى حررت فى ذات اللحظة شهادة وفاة الاتحاد السوفيتي، وها هى ألمانيا تقود المجتمع الأوروبى بل وتقوم بتوحيد أوروبا فى اتحاد أوروبى قوى تقف عملته الموحدة موقف الندية أمام باقى العملات القوية المستقرة.


ولا يخفى على أحد أن العالم فى واقعه الحالى يحتاج إلى ثورة صناعية بعد أن انحسر المد عن عصر البخار وعصر الكهرباء ودخلنا فى عصر الإلكترونيات والتى فى واقعها لا تصنع ثورة صناعية حقيقية ، إذ إنها بحاجة لقوى محركة تعتمد على التكنولوجيا الحديثة .


 ولعل البعض يتفق معى فى أن ألمانيا المستقبل هى الأكثر تأهيلا لسبر أغوار الثورة الصناعية الجديدة التى يحتاجها العالم لصناعة مستقبل يشارك فيه دول العالم الثالث بدور إيجابى يفسح المجال له للقيام بصناعات مغذية يحتاجها العالم المتقدم للإمداد بها بأسعار اقتصادية تساعده على المنافسة ، مما سيقرب بين دول العالم الثالث ودول التكتلات الاقتصادية ويضيق الفجوة بينهم .إذ أننا نحيا عالماً واحداً ولا تبتعد كثيراً مقدمته عن مؤخرته ، فكل منهما يحتاج الآخر .
 وها نحن نحيا الآن الصراع الدائر بين روسيا وأوكرانيا الذى هو فى واقع الأمر الصراع من أجل إعلان ميلاد كتلة منافسة للقطب الأوحد الأمريكى لظهور تعددية قطبية جديدة منافسة . وهنا فان الفرصة ستكون متاحة أمام الاتحاد الأوربى بقياده ألمانيا للتقدم بخطوه للأمام أتوسمها ضرورية لتقف بين التكتلات البازغة الجديدة باعتبارها كتلة مستقلة من تكتل مجموعة عدم الانحياز.


 ولا شك أن العالم سيؤيد الكتلة الأوروبية الاقتصادية الجديدة بقلبه وعقله متمنياً لها النجاح فى مقصدها باعتبارها الكتلة الديمقراطية المستقلة التى ليست لها أطماع استعمارية أو احتكارية على أية مستوى من المستويات .


 فلننتظر انتهاء الصراع الروسى الأوكرانى والذى سينتهى عما قريب والذى سيمهد لميلاد عالم جديد أكثر تعددية وأرحب توازناً وأقل استقطاباً للاحتكارات الدولية وأكثر قدرة على إرساء مفاهيم الحق والعدل والشرعية والديمقراطية التى طال التشدق بها دون تطبيق فعلى لها على أرض الواقع .. وإن غداً لناظره قريب .
 رجل صناعة ورئيس مجلس الأعمال المصرى الألمانى