تقرير| أزمات فرنسا مع الحجاب مسلسل لا ينتهي

صورة موضوعية
صورة موضوعية

فرنسا.. في هذا البلد الذي يجذب العالم بأناقته ويثير الجدل بقراراته، إذ تمتزج الجاذبية الفنية بالتقاليد الراقية التي تعكس الجمال والأناقة، يتصارع التاريخ مع الحاضر في معركة لا تنتهي حول حرية اختيار الملابس.

بدأت فرنسا في فرض حظر ارتداء الحجاب في المدارس الحكومية قبل عشرين عامًا، وتحديدًا في عام 2004، كان هذا الحظر جزء من قانون يُعرف بـ حظر الرموز الدينية في المدارس العامة، والذي يمنع ارتداء الرموز الدينية بما في ذلك الحجاب، وتم اعتماده في أواخر عام 2003 وبدأ تنفيذه في سبتمبر 2004.

اقرأ أيضًا: استمرت 60 عامًا.. وقائع اختطاف الأطفال تجربة مريرة في إسبانيا

وفي عام 2010، فرضت فرنسا حظرًا على ارتداء النقاب في الأماكن العامة، ومع تغير السكانية في فرنسا على مر السنين، قامت الحكومة بتحديث قوانينها لتشمل الرموز الدينية لجميع الأديان.

وفي يونيو الماضي من عامنا الحالي، أعلن مجلس الدولة الفرنسية، عن قرارًا يقضي بالإبقاء على حظر ارتداء الحجاب في الساحة الرياضية، مما أثار تساؤلات واستفسارات كثيرة حول الحريات الفردية مقابل مفهوم الحياد في الرياضة.

ويشير هذا القرار إلى أن اللاعبات في كرة القدم يُعتبرن مستخدمات في خدمة الجمهور والعامة، وبناءً على ذلك، ليس عليهن واجب "الحياد" الذي قد تفرضه بعض القوانين واللوائح، إلا أنه يُسمح للاتحاد الفرنسي لكرة القدم بوضع القوانين التي يرونها ضرورية لضمان حسن سير المباريات ومنع أي تصاعد للتوتر أو التصادم.

هذا القرار يتزامن مع تطور النقاش حول مفهوم التوازن بين القيم الدينية والقوانين الوطنية، وطعنت مجموعة من النساء المسلمات، المعروفات بـ "المحجبات"، في القوانين التي تمنع ارتداء الحجاب ورموز دينية أخرى في كرة القدم، واعتمدت هذه المجموعة بشكل خاص على توجيهات الفيفا التي سمحت للاعبات بارتداء الحجاب في المسابقات الدولية منذ عام 2014.

بين مؤيد ومعارض للحظر

وبالرغم من تلقي هذه المجموعة دعمًا إيجابيًا من المستشار القانوني لفرنسا، إلا أن هذا القرار الأخير أثار موجة من الجدل، حيث تباينت الآراء بين مؤيد ومعارض للحظر، مما يجعل هذه القضية محورًا للنقاش المستمر في المجتمع الفرنسي وخارجه.

ورفض عدد كبير من المسؤولين والسياسيين في فرنسا فكرة ارتداء الحجاب في مجال الرياضة، وأكدوا على ضرورة الحفاظ على مبدأ الحياد والعلمانية في الملاعب، وقد أعرب وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانان، المعروف بتطبيقه القوانين والأنظمة بصرامة، عن أمله الكبير في أن يلتزم القضاة بالحياد في مجال الرياضة.

وركز دارمانان على أن اللاعبات يجب أن يكون لديهن حق التنافس في مجال الرياضة، وأن ارتداء الملابس الدينية أثناء ممارسة الرياضة ليس ضروريًا، وأن الأمور الدينية لا تلعب أي دور في المجال الرياضي.


جلسات حوار مع الفتيات المحجبات 

ومع تصاعد الجدل حول قضية ارتداء العباءات في المدارس الفرنسية، أعلن وزير التعليم الفرنسي أن نحو 300 تلميذة ذهبن إلى مدارسهن في بداية الفصل الدراسي الجديد، وهن مرتديات العباءة التي تم حظرها في المدارس، ومع تطور الأحداث، وافقت معظم الفتيات بعد جلسات الحوار التي أُجريت معهن على تبديل ملابسهن بملابس أخرى تتوافق مع المعايير المحددة.

وبحسب الإحصائيات الرسمية، فقد حضرت 298 فتاة، معظمهن في سن 15 عامًا أو أكبر، إلى المدرسة مرتديات الزي المحظور، ووفقًا لتوجيهات وزارة التعليم، أجري موظفي المدارس جلسات حوار مع كل فتاة، ووافقت معظم الفتيات بعد جلسات الحوار على ارتداء ملابس مختلفة تُمكِّنهن من استكمال التعليم، ولكن 67 فتاة رفضن الامتثال للأوامر، مما استدعى إعادتهن إلى منازلهن.

الأمم المتحدة تدعم الرياضيات

ردت الأمم المتحدة، على قرار فرنسا بمنع الرياضيات الفرنسيات من ارتداء الحجاب خلال دورة الألعاب الأولمبية المقبلة، وقالت إنها ترفض فكرة فرض ملابس معينة على النساء أو حظرها، وتدعم حرية اللبس كما أعربت في عام 2021 على ذات القرار. 

ويعكس هذا الجدل الراهن تصاعد النقاش حول حقوق حرية اللبس في الساحة الرياضية الفرنسية وما إذا كان يجب فرض قيود على ذلك أم لا.