توقعات بزيادة انخفاضات الخريف واستعدادات لتقليل الأضرار

مصر آمنة من زلازل المغـرب وإعصـار ليبيا

الكوارث الطبيعية خطر يهدد العالم
الكوارث الطبيعية خطر يهدد العالم

بدأت التغيرات المناخية تُكشر عن أنيابها وتفاجئ العالم يوما بعد يوم بظواهر أعنف وأكثر قسوة، فبعد زلزال تركيا والمغرب وإعصار ليبيا أصبح هناك حالة رعب تجتاح العالم بسبب توقعات حدوث كوارث أخرى فى الأيام المقبلة، والتى يجب الاستعداد لها بجدية وبخطوات متسارعة لتقليل تداعياتها قدر الإمكان.. هل هذه الكوارث مرتبطة بأماكن محددة فى العالم أم سيكون لمصر نصيب منها؟! هذا ما تتطرق إليه «آخرساعة» فى هذا التحقيق لمعرفة ما تشير إليه أحدث توقعات خبراء والمعنيين بهذا الشأن وكيفية مواجهة هذه التحديات المستقبلية.

■ السيول تصل لأرقام قياسية مسببة لتلفيات جسيمة

◄ متخصصون يؤكدون عدم إمكانية التنبؤ بالزلزال

الدكتور جاد القاضي، رئيس المعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية، يؤكد أن ما نشهده حاليا من الهزات الأرضية والزلازل فى بعض الدول ما هى إلا ظواهر تحدث على فترات من الزمن بنفس معدلاتها الطبيعية، ولكن السبب فى رؤية الأمر بشكل أكثر عنفا عمّا سبق هو زيادة تواجد محطات الزلازل حول العالم، والتى بإمكانها الرصد والمتابعة المستمرة، والتى جعلت الصورة تظهر بشكل أوسع وأسرع، ما أوحى للمواطنين بزيادة عدد حدوث الزلازل وزيادة قوتها، لكن فى الحقيقة المعدلات طبيعية على مستوى العالم أجمع وبدون أى تغيير فى حدة أو قوة الزلزال، مشيرًا إلى أن ما حدث مؤخرا فى زلزال تركيا والمغرب يحدث بشكل طبيعى على فترات زمنية متباعدة، كونها تعد مناطق تعرف بضعف فى التركيبات الجيولوجية أو الصفائح التكتونية التى تجعلها أكثر عرضة لحدوث الهزات الأرضية.

◄ اقرأ أيضًا | رئيس جامعة الاستغوار المغربية: مخاوف من تكرار الهزات الأرضية الشديدة الأيام المقبلة

◄ التنبؤ  بالزلزال
واستنكر القاضي ما يتحدث عنه البعض بإمكانية التنبؤ بحدوث الزلزال فى أى منطقة بالعالم، مؤكدا أن ذلك لا يخرج عن نطاق الدجل والتنجيم وليس له أى علاقة بالعلم والأبحاث، مطمئنا الشعب المصرى بأن ما حدث من هزات أرضية عنيفة فى تركيا والمغرب ليس له تأثير على الأراضي المصرية، كما أن مصر ليست ضمن نطاق أحزمة الزلازل، وأن أكثر من 90% من الهزات الأرضية التى يتم تسجيلها ومتابعتها بشكل يومي فى مصر لا يشعر بها المواطنون.

◄ التحديات
ويستكمل القاضى حديثه قائلا إنه لا يمكن لأى شخص فى العالم أن يمنع الزلازل من الحدوث، ولكن ما يتم التوجه إليه حاليا هو إيجاد طرق لتقليل تداعيات الزلازل والتقليل من قدر الخسائر قدر الإمكان كما حدث قديما فى زلزال 1992، ويتم ذلك فى مصر من خلال تعاون جهود كل الجهات المعنية بهذا الشأن لتحديث الإمكانيات المصرية عن طريق تعديل كود البناء المصرى وإصدار الدليل الإرشادى لمواجهة خطر الزلازل، وتحديث الاستراتيجية الوطنية لمخاطر الزلازل وتأهيل الدفاع المدنى لتقليل تداعيات الزلازل بالإضافة لتوعية المواطنين لكيفية التصرف فى حالة حدوث زلزال لا قدر الله.

◄ المنخفضات والأعاصير
من جانبها، تتحدث الدكتورة إيمان شاكر، مدير مركز الاستشعار عن بعد فى الهيئة العامة للأرصاد الجوية، عن تأثير التغير المناخى على مصر وعلى العالم فى جعل الظواهر الطبيعية تبدو أعنف من المعتاد وزيادة عدد مرات حدوثها سواء كانت فى شكلها المعروف من عواصف ومنخفضات أو الظواهر المصاحبة لها، فبعد أن كانت هناك كمية محددة للأمطار يمكن أن تحدث فى عام كامل أصبحت تحدث خلال ظاهرة واحدة فقط.. الأمر الذى يؤدى لحالات كثيرة من الوفيات والإصابات وانهيارات المنازل، كما حدث فى عاصفة دانيال على ليبيا ووصول نسبة الأمطار الغريزة لأرقام قياسية حوالى 400 مل على بعض المدن.

◄ توقعات الخريف
وتشير شاكر إلى أن التغيرات المناخية تسببت فى جعل فصل الصيف شديد الحرارة على منطقة الشرق الأوسط ودول أوروبا، الأمر الذى أدى لارتفاع درجة حرارة مياه البحر المتوسط، مما يتسبب فى تولد المنخفضات خلال الفترة القادمة وبالتالى سيكون هناك تكرار لحالات عدم الاستقرار على منطقة حوض البحر المتوسط، فمن المتوقع أن يتسم فصل الخريف هذا العام بزيادة معدلات كميات الأمطار وخاصة فى المناطق الشمالية وأيضا زيادة فى فرص تشكل السيول على بعض المناطق من جنوب البلاد ومنطقة سلاسل جبال البحر الأحمر وجنوب سيناء، ولكن تحديد موعدها لا يمكن التبنؤ به إلا قبل حدوثها بفترة تتراوح من 7 ـ 10 أيام حسب ما تشير إليه خرائط الأقمار الصناعية، ليتم إطلاق البيان التحذيرى قبل موعد حدوثها بـ72 ساعة لتتخذ كل الجهات المعنية استعدادتها من خلال توعية المواطنين واستعداد غرف الأزمات بكل المحافظات وغرفة دعم واتخاذ القرار فى دولة مجلس الوزارء، ورفع درجة الاستعداد القصوى والاستعداد المبكر وتنظيف مخرات السيول وذلك لتقليل الخسائر والأضرار بقدر كبير.

◄ ارتفاع حرارة الأرض ينذر بتأثيرات مناخية أعنف

◄ حرارة الأرض
وفى هذا الصدد، يشير الدكتور علي عبد النبي، خبير الطاقة ونائب رئيس هيئة المحطات النووية سابقا، إلى أن السبب الرئيسى فى حدوث التغيرات الجوية بشكل أعنف هو وجود الغازات الدفيئة فى الغلاف الجوى والذى أدى ذلك إلى تغير المناخ، والذى بدوره أدى إلى زيادة تكرار حدوث الظواهر الجوية وزيادة شدتها فى جميع أنحاء كوكب الأرض.

وأصبحت موجات الحرارة غير المسبوقة على الأرض وفى المحيطات، والأمطار الغـــزيرة والفيضانات الشديدة وحالات الجفاف المستمرة لسنوات، وحرائق الغابات الشديدة والفيضانات واسعة النطاق أثناء الأعاصير أكثر تكراراً وأكثر شدة، ومن المتوقع حدوث تأثيرات أكبر كلما زاد ارتفاع درجة حرارة الأرض.

منوها إلى أن وضع مصر بالنسبة للزلازل فهى تقع فى منطقة منخفضة الزلزالية وهى فى منطقة آمنة، أما بالنسبة للتغيرات المناخية وحدوث الظواهر الجوية الشديدة، فهى تشمل جميع أنحاء كوكب الأرض، وبالتالى فإن مصر يمكن أن تتعرض لكوارث جوية شديدة، وخاصة المدن الساحلية، مثل المدن التى تقع على ساحل البحر الأبيض المتوسط ومنها مدينة الإسكندرية.

 

■ صورة للعالم موضح بها أكثر المناطق عرضة للزلازل

◄ تنبؤات كارثية
فيما يقول سمير حلمي، الاستشارى البيئى وخبير السلامة والصحة المهنية، إن هناك عددا من التقارير والدراسات الصادرة عن الأمم المتحدة التى تحذر من دمار شامل ينتظر البشرية بسبب تأثيرات البيئة والمناخ والاحتباس الحرارى وتصفها بـ«الكارثية»، وتنبؤات بزوال مدن بأكملها وهلاك مئات الآلاف بل ملايين من البشر وانقراض أنواع من الكائنات الحية. فقد أصبحت الدول العربية فى بؤرة خطر الزلازل حيث إنه توجد علاقة بين استخراج النفط فى منطقة ما وحدوث اهتزازات زلزالية، حيث يؤدى استخراج النفط إلى تضاغط طبقات القشرة الأرضية مما يحدث شيئا من التصدع فينجم عنه الهزات الأرضية. غير أن أغلب شركات النفط تحاول التغلب على هذه المشكلة بتعويض ما تستخرجه من نفط بضخ مياه البحار مكانه.

◄ القشرة الأرضية
ولا يمكن للإنسان أن يتنبأ بوقوع الزلزال بطريقة يقينية علمية صحيحة، ولكن هناك عدة طرق يستطيع عن طريقها التنبؤ - إلى حد ما - بأن شيئا ما خطيرا سيحدث للقشرة الأرضية. ومن هذه الطرق أجهزة الرصد الزلزالي «سازموغراف» التى تقيس باستمرار وعلى مدار الساعة أى اهتزازات فى سطح القشرة الأرضية حتى لو كانت ناجمة عن حركات القطارات أو الشاحنات.

وعن طريق هذا الرصد يمكن ملاحظة أى تغيرات تنبئ بقرب وقوع هزة أرضية، وأيضا ظهور بعض المنحدرات أو الشقوق أو التصدعات فى جزء من القشرة الأرضية فى منطقة ما، ويستدل العلماء بقرب وقوع هزات أرضية عن طريق اختلاف مقادير المياه فى الآبار أو الخلجان، وأيضا عن طريق تصاعد بعض الغازات مثل غاز «الرادون» لا سيما فى المناجم والمحاجر، وأخيرا هجرة بعض الحيوانات بطريقة مفاجئة.

◄ أحزمة الزلازل
وبإطلالة سريعة يمكن توضيح أماكن أحزمة الزلازل المخيفة والمتمثلة فى حزام النار وهو حزام الزلازل المار بجنوب أوروبا ويمتد حتى الصين، وحزام التلاقى بين أوروبا وأفريقيا حيث يعبر شرق البحر الأبيض المتوسط بدءا من سواحل تركيا وبلاد الشام مرورا بمصر ودول المغرب العربي، وأيضا حزام الأخدود الأفريقى الشرقى الذى يمتد من سوريا ولبنان وفلسطين والأردن وسلاسل جبال غرب البحر الأحمر حتى إثيوبيا والكونغو، والحزام الآسيوى الأوروبي ويمتد بين جبال الهملايا والألب مارا بباكستان وإيران والعراق وجمهوريات الكومنولث الآسيوية حتى يصل أوروبا، وأخيرا الحزام الأخطر ويعتبر أخطر أحزمة الزلازل فى العالم أجمع ويمر حول المحيط الهادى من الشرق إلى الغرب، أو من اليابان إلى سواحل الولايات المتحدة، وهو المتسبب فى ثلاثة أرباع ما يقع فى العالم من زلازل. مما يتضح أن أكثر الدول العربية معرضة لمخاطر الهزات الأرضية ولكن بدرجات ونسب مختلفة. وتتعرض هذه الدول بالفعل بين الحين والآخر لزلازل مدمرة.

◄ تأثر المياه
من جهة أخرى، فإن الزلازل ليست شرا محضا كما يظن الكثيرون، والأمر يتوقف على زاوية النظر إليها، فلولا هذه الهزات الأرضية التى تحدث لانفجرت الأرض كقنبلة نووية هائلة، فهى نوع من تنفيس الطاقة الزائدة فى داخل القشرة الأرضية وما دونها. وتشير تقديرات الأمم المتحدة إلى أن 1.1 مليار إنسان يعانون فى العالم الآن ندرة مياه الشرب الصحية سيصبحون مستقبلاً فى أوضاع بالغة الصعوبة، لأن استمرار التغيرات المناخية سيسهم فى تزايد اضطراب دورات ومعدلات سقوط الأمطار وشح الموارد المائية بشكل خطير. وأوضحت أن النقص الكبير فى مياه الرى والشرب سيؤدى بدوره لخسائر فى المحاصيل الزراعية خاصة بالدول النامية، وانتشار المجاعات على نطاق واسع وارتفاع أعداد المصابين بالأعراض القاسية لسوء التغذية من 850 مليون إنسان حالياً إلى الضعف خلال سنوات قليلة.

لكن مازالت هناك فرصة للنجاح فى التصدى للتغيرات المناخية إذا واجهتها الدول والمنظمات العالمية جماعياً وتعاملت مع تداعياتها كخطر يهدد البشرية كلها، وأوصت بتأسيس منظمة دولية مستقلة لحماية البيئة وتعديل السياسات البيئية الحالية للحد من انبعاث ثانى أكسيد الكربون والغازات الصناعية حتى عام 2050 بنسبة 50% مما كان عليه عام 1990. لذا يجب إنشاء نظام دولى للإنذار المبكر من الكوارث الطبيعية وتطوير آلية جديدة، وسن اتفاقية دولية للتعامل مع موجات الهجرة واللجوء فى مناطق هذه الكوارث.