بودكاست | من هو وريث أحمد عدوية ؟

من هو وريث أحمد عدوية؟
من هو وريث أحمد عدوية؟

الجيل الأول من الغناء الشعبي كانت له خصائصه التي تميزه. كان الجميع يعرف حدوده، المطربون يغنون في صيوانات وأفراح شعبية خاصة. ظهر أولاً محمد عبدالمطلب، ثم محمد طه وأبو دراع وخضرة محمد خضر، وكان يظهر على استحياء عبدالعزيز محمود مازجاً موسيقى غربية بموسيقى شرقية، وأحياناً يظهر شرقياً شعبياً صرفاً. 

كانت فترة الخمسينيات والستينيات تحت سطوة هؤلاء جميعاً حتى ظهر محمد رشدي، بلونه المختلف، بين الشعبي والشرقي، إلا أن الجميع كانوا يصنفونه لوناً شعبياً، ظهر رشدي بـ «ع الرملة» و«طاير يا هوا» و«عرباوي» وغيرها، ليستحوذ على مملكة الغناء الشعبي في مصر، حتى أن معظم روايات مؤرخي الفن يؤكدون أن العندليب ملك الأغنية الرومانسية كان يغار من نجاح رشدي، فذهب هو الآخر إلى اللون الشعبي في أغنيتي «وأنا كل ما أقول التوبة» و«على حسب وداد» واللتين لحنهما بليغ حمدي، مؤسس امبراطورية رشدي الغنائية.

 

حتى بدأت السبعينيات ليظهر في منتصفها شاب نحيل قصير ذو، بشرته تميل إلى الإسمرار وشعره «كنيش» مثل موضة تلك الأيام، يغني «زحمة يا دنيا زحمة» ليغني المصريون معه جميعاً نفس الأغنية، هذا الشاب كان اسمه عدوية، والذي يقال إنه أهم من غنى الأغنية الشعبية في تاريخها.

نجح عدوية في إزاحة الجميع، نجح حتى في إزاحة نجاحات كبرى لعبدالحليم، الذي حاول بذكائه الخارق أن يؤكد أن لك لونه الخاص، فغنى معه ضاحكاً «حبة فوق.. وحبة تحت»، و«سلامتها أم حسن». كان عبدالحليم يعرف جيداً أن نار عدوية أتت على الأخضر واليابس، وأن نجاحه الساحق لدى الطبقات الشعبية لا يضاهيه نجاح مطرب آخر، حتى لو كان اسمه عبدالحليم حافظ.

كان عدوية ملك السبعينيات والثمانينيات بلا منازع، كان يغني «بنت السلطان» فتقف الدنيا، ويستمر الضجيج بلا حسيب ولا رقيب، يغني «قرقشنجي» فلا يفهم الناس ما يقول، لكنهم يغنون ويسعدون، ويقلدونه في حركته المعتادة التي يبوس فيها كتفيه. كان عدوية هو الملك المتوج للأغنية الشعبية، حتى أتت الرياح بما لا تشتهي سفنه، فظهرت مشكلته الكبيرة مع رجل الأعمال العربي، ليخرج من تلك المحنة التي كان سيفقد فيها حياته، رجلاً صعب الحركة، وفاقداً للقدرة على الغناء والسلطنة التي تميز بها.

 

 

ليبدأ السؤال الأهم في تاريخ الأغنية الشعبية: إذا كان عدوية كان ملك هذا اللون، فمن هو خليفته؟

 

سؤال صعب خصوصاً مع الأجيال التي تلك عدوية، فكان الجيل الأول اسمه حسن الأسمر، نعم، حسن الأسمر هو جيل كامل من المطربين، كان نجاح «كتاب حياتي يا عين» قادراً على تعويض عدوية، كان حسن الأسمر بـ«يا واد يا جن» وغيرها من الأغاني مؤهلاً تماماً لأن يأخذ مكان عدوية، إلا أنه لم يفعل هذا، وصار هوس التمثيل وأفلام المقاولات في نهاية الثمانينيات يمثل له شهوة خاصة، إضافة إلى اشتراكه في العديد من المسرحيات الخاصة التي أفقدته التركيز في الغناء، ليرحل أيضاً صغيراً دون أن يتوج بعرش الغناء الشعبي. كذلك يحدث الأمر ذاته لحمدي باشتان، صاحب «الأساتوك»، لكنه يتوارى بعد أن نجح في أغنية واحدة.

 

صوت الشارع| "أحمد عدوية".. أول حلقات بودكاست أخبار اليوم

 

في تلك الأثناء ظهر حكيم، صاحب الشكل المميز والأداء المبهج. كان يجمع بين الغناء والرقص، وهو ما ميزه عن سابقيه، ومنهم حسن الأسمر، ولكن ظهر من ينافس حكيم بقوة، ظهرت سيارة فيراري سريعة في نجاحها وسطوتها، ظهر عبدالباسط حمودة وظهرت سطوته وقوته في الاستحواذ على أسماع من يفتقدون إلى الغناء الشعبي.

ظهر كذلك سعد الصغير، وظهر أيضاً شعبان عبدالرحيم بتيمته المعتادة المتكررة التي استمر نجاحها حتى وفاته، ظهر أثناء ذلك كله سمسم شهاب ورمضان البرنس وطارق الشيخ وغيرهم، حتى جاء جيل محمود الليثي وشيبة ورضا البحراوي. ولكن وريث عدوية يظل متوارياً غير معروف، ربما يكون هؤلاء جميعاً، لكن عرش عدوية لم يستطع أحد من هؤلاء الجلوس عليه منفرداً.