آخر حادثة| «حفنة من الشياطين»

صورة موضوعية
صورة موضوعية

نبحث دائما عن الجرائم البشعة.. الدموية.. والأكثر قساوة.. ونبعثر أوراق القضية لمعرفة الدافع.. ويكون الحقد والكراهية أولهم وتأتي من بعدهم الغيرة.. الشرف أو الحب الغير مشروع.. قد يكون المال.. وقضايا لا نجد لها دافع وفى بعض الحالات تكون هى الأكثر دموية ما إذا اقترنت بتعاطى المخدرات.. جريمة هذا الأسبوع جمعت كل الدوافع، وكتب بين سطورها تفاصيل لا يستطيع الشيطان بنفسه تخطيطها لوصفها لبشرى.. وقد يقف متفرجا ليتعلم.

شقة في حي المرج بمحافظة القاهرة يعيش فيها «أحمد» 33 عاما، يعمل كفرد أمن في مترو الأنفاق، مع زوجته «هالة» تبلغ من العمر الخمسين... تتكون من غرفتين وصالة، والحالة المادية للزوجين أقل من الحالة الدنيا... حالة من الفقر المضجع... فلا يوجد ثلاجة ولا بوتاجاز ولا صحون بالمطبخ... فقط مرتبتين فى كل غرفة والملابس ملقاه على الأرض وبعض الكراسى المتهالكة بالصالة، وبالرغم من ذلك إلا أنها كانت شقة الأحلام والملاذ الآمن لأحمد... من حسن حظه أنه عثر على هالة وتزوجها، ومن حسن حظها أيضا أنها وجدت أحمد، شاب صغير فى السن جعلها تشعر مرة آخرى بأنوثتها وأن قطار العمر لم تنتهى محطاته ... لم ينتظم الزوج فى عمله وكانت لزوجته الوقت الأكبر من حياته... يمكث داخل الشقة، لا أحد يراه حتى على سلالم البيت... يعيش داخل ملاذه الآمن.

ثلاث سنوات ومن حق الزوج أن ينجب وأراد الله أن تكون هالة عقيمة... ويتسلل الملل بينهم... وتفكر هالة بكل جدية فى اسعاد حبيبها وفى نفس الوقت تريده بجوارها... داخل ملاذها الآمن، فهى لا تريده أن يبحث عن زيجة أخرى ويتركها... تعرض عليه أن يتزوج ولكن بشرط أن يقيما معها فى نفس الشقة.

وبالفعل يتزوج أحمد من ايمان زميلته فى العمل تصغر عنه بعام واحد... ويقيم الثلاثة فى شقة المرج... وحرصت هالة أن تظهر أنها الأقوى فى كل شيء... فهى صاحبة الشقة والمال والقرار، وتوافق الحبيبة الثانية وترضخ لما تأمر به ضرتها... عام وتنجب ايمان «ملك» ويمر عامان وتنجب «جنى»... بدأت الغيرة فواحدة منهن أم البنات والثانية مالكة الملاذ لتشكى حالها لزوجها وأنها لم تعد تحتمل المصاريف فهى كانت تصرف عليه وعلى الأولى ولن تستطيع أن تلبى احتياجات بناتها... طلقها أو اطردها هى وبناتها، وبالفعل يسلم أحمد رسالتها لإيمان وتترجاه الثانية بأن ليس لها مكان آخر... فهو والشقة حلم تحقق...  هما سويا الملاذ الآمن.

وبدأ شهريار بإقناع ايمان بضرورة التخلص من ملك وجنى... والمسألة مجرد وقت حتى تهدأ الأولى... وتملكنا الشقة فقد وعدتنى بذلك كما أنها ستقوم بشراء ميكروباص لى... يجب أن يخلى هذا الملاذ مؤقتا من الأطفال... حتى تهدأ الأمور وننجب أطفالنا ونعيش نحن فقط باقى العمر... فقطار هالة لن يتجاهل محطاته كثيرا.

اتفق أحمد وهالة مسبقا على التخلص من الطفلتين وأن تقوم الأم بالتنفيذ مع تصويرها كأداة تهديد لها... وفى نهار رمضان يهدد أحمد ايمان ولو أرادت ان تكمل حياتها معهم يجب أن تقتل البنات... تفكر هى فى الملاذ الآمن ووعد أحمد لها وكلامه عن مخططهم وأن الخلفة بسيطة... الأهم الشقة والميكروباص وفلوس البنك... وافقت... أحضرت طبق بلاستيكى كبير به مياه وجلست على كرسى صغير داخل الحمام وأحضرت الطفلة الأولى الصغيرة «جنى» سنتان وأغرقت رأسها فى المياه حتى فارقت الحياة ووضعتها بجوارها على أرضية الحمام، وأحضرت كيس أسود ووضعته بداخله ثم سكبت مادة الكلور ومادة البتاس الكاوية، لتخفى معالمها ويأتى دور «ملك» 3 سنوات وتفعل بها المثل.

أخيرا الثلاثة فى ملاذهم الآمن... مجرد محطة أخرى ويقف قطار العمر بهالة... تتمنى ايمان وتنتظر... ويريد الله أن تحمل للمرة الثالثة... وتقرر الشياطين التخلص منه فور ولادته... يصر أحمد وهالة أن تنجب داخل المنزل... وبمجرد قطع الحبل السرى للطفل «الولد» يحضروا نفس الطبق وتغرق ايمان ابنها الثالث ثم البوتاس وفى قطعة قماش سوداء ويلقيه أحمد وهالة بجانب اخوته بأحد الترع.

تصيب ايمان حالة من الاكتئاب... تصبح حالة من التهديد... يبدأ سيناريو من التعذيب الجسدى لها... كى وتقطيع للأيدى... تقييد طوال اليوم... حتى فقء العين... ختمت بتوصيل الأبواب والشبابيك بأسلاك كهربائية حتى لا تجد لها سبيلا.

اكتشفت الجريمة بعد 18 شهرا والبطلة كانت زوج مالك العقار لشكوكها وريبتها الدائمة فى غموض من يسكن فى تلك الشقة... ويريد الله أن تكتشف الجريمة لتنفرد البطلة بالأم القاتلة على السلم فجأة وتبدأ الأخيرة بالانهيار وتحكى كل شيء.

تقرير الطب النفسى والعقلى للمتهمين الثلاث، أثبت لا يوجد لديهما أى أعراض دالة على اضطراب نفسى أو عقلى ناف للمسؤولية الجنائية، وقضت المحكمة بالإعدام للمتهمين الثلاث... ويشاء الله أن يموت أحمد فور الإعلان عن الحكم بسكتة قلبية. ستحتفظ سجلات تلك الجريمة ومرتكبيها بأسرار أخرى لم نصل إليها، واعتبرت جريمة «هالة وإيمان وأحمد» من أكثر الجرائم تجبرا وقهرا وقساوة فى القلب.