أوراق شخصية

ما تعرفوش أنا بنت مين؟!

آمال عثمان
آمال عثمان

 ساعات عصيبة ومريرة نقضيها فى عناء نفسى ومشقة، نتحمل فيها سلوكيات بغيضة وتصرفات بذيئة من الآخرين فى الشارع المصري، ونبذل قصارى جهدنا للإفلات مما يمارسه علينا الغير من بلطجة واستفزاز، وسلوكيات غير أخلاقية تستنزف أعصابنا وأموالنا، وتستهلك جهدنا ووقتنا، بصورة باتت فوق التصور والاحتمال. 

 لكن الأمر المفزع حقاً أن نجد فتاة فى نهاية عقد الثلاثينيات، يفترض أنها تنتمى لعائلة ميسورة، دأبت على ممارسة أبشع التصرفات والفظائع اللفظية والاعتداءات المادية، والضلوع فى سلوكيات يندى لها الجبين، تتصرف بشكل هيستيرى بشع منذ نعومة أظفارها، وتتفنن فى ظلم وأذية ناس، أوقعهم القدر فى طريق تلك الإنسانة غير السوية، مرتكنة إلى وظيفة وحماية «أب» يتوجب عليه - بحكم وظيفته السابقة - حفظ الأمن والنظام فى الشارع المصرى، وحماية المجتمع من بلطجة وسوء تربية وأخلاق أمثالها، وتنظيف البلد ممن لا يحترمون قانوناً أو نظاماً، ويمارسون أبشع أساليب الترويع البدنى واللفظى على الكبار والصغار، والتصدى لسلوكيات شخصيات هيستيرية ومرضى نفسيين.

 تمارس الفتاة تلك السلوكيات الشائنة والاعتداءات السافرة، مستخدمة المقولة الشهيرة: «إنتوا ماتعرفوش أنا بنت مين؟!»، ذلك الأب الذى لم يكتف بالتقصير فى تربية ابنته، وتلقينها أبسط  قواعد الأخلاق والأدب، وإنما سخر كل إمكانياته وعلاقاته الوظيفية، وجل أساليب المراوغة والتلاعب والخداع، لحمايتها من الوقوع عدة مرات تحت طائلة القانون، بسبب محاضر اعتداءات وسب وقذف، مسجلة بالصوت والصورة، ضارباً عرض الحائط بتأثير تلك التصرفات، على سمعة الوظيفة التى كان ينتمى إليها قبل تركها، والنوادى المحترمة التى اشتغل فيها بعد ذلك!! 

لذا أقول إن أكبر تحد يواجه بلدنا، هو إعادة بناء منظومة القيم والأخلاق، وإرساء مفاهيم احترام مشاعر وحقوق الآخرين، وتقويم الشخصية المصرية وإعلاء ثقافة احترام القانون والنظام، وبدون ذلك لن نحقق أى ارتقاء أو تقدم، فالأمم لا تتقدم سوى بالعلم والأخلاق، وتحضرنى هنا مقولة شهيرة لعالم الرياضيات «الخوارزمي» حينما سُئل عن الإنسان فأجاب: «إذا كان الإنسان ذا أخلاق فهو يساوى واحداً صحيحاً، وإذا كان الإنسان ذا علم فأضف إلى يمين الواحد صفراً، وإذا كان ذا مال فأضف صفراً آخر، وإذا كان ذا حسب ونسب فأضف صفراً آخر، فإذا ذهب العدد «واحد» وهو «الأخلاق» ذهبت قيمة الإنسان وبقيت الأصفار التى لا قيمة لها».. وللحديث بقية