في حواره مع بوابة أخبار اليوم..

رئيس الاتحاد الدولي للكتاب السياحيين: هناك ضرورة لإنشاء استراتيجية عربية موحدة

«بوابة أخبار اليوم» تحاور رئيس الاتحاد الدولي للكتاب السياحيين في تونس
«بوابة أخبار اليوم» تحاور رئيس الاتحاد الدولي للكتاب السياحيين في تونس

منظمة السياحة العالمية «بيروقراطية» .. والمنافسة عربياً تضر الجميع
مصر خطت خطوات جيدة في السياحة البينية
الوجهات السياحية العالمية دخلت في منافسة «غير بريئة»
تجربة كورونا تمكننا من مواجهة أخطار الأوبئة مستقبل


السياحة واحدة من مصادر الدخل القومي للعديد من الدول على مستوى العالم، خاصة وأنها تعد أحد الركائز الأساسية التي تعتمد عليها مؤشرات التنمية العالمية، ومع تعاظم دور السياحة يقفز إلى السطح عدد من الأسئلة عما تحقق من مستهدفات هذا القطاع عالميًا وإقليميًا وعربيًا؟.


ويعاني قطاع السياحة في العديد من الدول، حين أصبح بين شقي الرحى، الحرب الروسية –الأوكرانية من جهة وماتلاها من تداعيات تعوق حركة السفر، وعلى الجهة الأخرى التحذيرات المتكررة من شبح الأوبئة.


فكيف ينجح القطاع السياحي في تحقيق المعادلة الصعبة.. هذا ما يجيب عنه رئيس الاتحاد الدولي للكتاب السياحيين، التونسي التيجانى حداد في حواره مع «بوابة أخبار اليوم»..


-منذ بداية الألفية والحديث لا ينقطع عن دور السياحة في الحد من الفقر عبر التوسع في البرامج السياحية المستدامة ورغم هذه المدة لازال الأثر السياحي محدود.. أسباب ذلك وكيف يمكن التغلب على هذه التحديات؟.


يرجع ذلك لاحتكار السياحة من قبل طبقة محددة، ورغم قيام هذه الطبقة بدورها الاقتصادي بالنسبة للإطار العام إلا أننا لازلنا في حاجة لتداخل تلك الطبقة مع الإطار الشعبي لكي لا نخلق قطيعة بين أصحاب الفنادق ووكالات السفر والمستفيدين من القطاع السياحي، لاسيما وأن ارتكاب بعض الأفراد تصرفات مضرة بالسياحة تنعكس على المقصد السياحي بأكمله، لذا نجد أن العالم يتجه نحو تعزيز السياحة المستدامة لضمان تعميم الاستفادة السياحية لتشمل كافة الشرائح فضلاً عن الحفاظ على الموروث الثقافي والحضاري خاصة لدي دول حوض البحر المتوسط، التي تعد قبلة الحضارات، إذ أنها كانت ولازالت ممر للعديد من الشعوب وحاملي الحضارات لذا يجب على تلك الدول أن تبدأ في وضع خطط سياحية أكثر استدامة لتعزيز العوائد السياحية.


سياحة أكثر استدامة


ذكرت الاحتكار الذي تواجهه دول عدة في صناعة السياحة، من وجهة نظركم كيف يمكن التغلب على هذه الظاهرة وما هي معوقات التحول نحو سياحة أكثر استدامة؟


المعوقات كثيرة منها على سبيل المثال عدم الاعتناء بمكتسبات الوجهة السياحية من تراث ثقافي وحضاري، بالإضافة إلى عدم الاهتمام بالبيئة التي تمثل عنصر هام للغاية للسياحة، لاسيما وأن وجود بيئة غير متوازنة (بحرية- جبلية-ثقافية-حضارية) يضر بالمجهودات السياحية التي يبذلها المسؤولين عن القطاع. وفيما يخص الاحتكار، يجب أن يعي المحتكر أهمية المصلحة العامة للسياحة، إذ أن الاحتكار يقتصر على زمن محدد غير أن مصلحة السياحة عامة وجامعة ولا تتوقف عند عدد من متعهدي القطاع.


-في ظل الاضطرابات التي ضربت عدد من الدول العالمية بات الحديث أن القواعد المنظمة للتنافس السياحي عديمة الجدوى.. في تقديرك كيف يمكن تحقيق هذه المعادلة الصعبة؟


هناك تنافس غير برئ بين الوجهات السياحية العالمية وحتي العربية، إذ تتبع كل دولة سياساتها الخاصة لتحقيق مصالحها، لكن لابد أن نعي جميعاً أن المصلحة مشتركة، على سبيل المثال التنافس بين الوجهات السياحية العربية يضر بمصلحة جميع الأطراف في نهاية الأمر، لذا هناك ضرورة ملحة لإنشاء استراتيجية عربية موحدة للقطاع السياحي في إطار جامعة الدول العربية ومجلس وزراء السياحة العرب، بما يضمن تنشيط تلك الكتلة للقيام بدورها في التنسيق بين الدول العربية ومقاصدها المختلفة حتي لا تطمس بهذا التنافس غير البرئ.


-ما مدى مساهمة منظمة السياحة العالمية في تشجيع تنمية سياحية مسؤولة ومستدامة للمساهمة في النمو الاقتصادي العالمي؟


منظمة السياحة العالمية تابعة للأمم المتحدة، ودورها الأساسي تيسير السياحة داخل أي وجهة في العالم إلا إنها مع الأسف باتت منظمة بيروقراطية بمعني الكلمة لا تستفيد منها أي وجهة سياحية في العالم سواء عربية أو غير عربية، إذ أصبح تأثيرها ضعيف، لذا هناك ضرورة لإعادة هيكلتها وإحياء دورها تجاه جميع الوجهات السياحية.


رفع الوعي بأهمية السياحة 


شغلتم منصب مستشاررئيس منظمة السياحة العالمية في وقت سابق، من وجهة نظرك كيف يمكن إحياء دور المنظمة؟


منظمة السياحة العالمية يجب ألا يقتصر دورها على جمع المعلومات وتوزيعها على الوجهات السياحية فحسب، بل يجب أن يمتد لإقامة برامج ومدارس وجامعات سياحية عالمية، فضلاً عن إمكانية إقامة منتديات ولقاءات والإطلاع على ما يدور داخل الوجهات السياحية المختلفة، غير أن المنظمة لديها بعض الجوانب الإيجابية لا يمكن إغفالها، لاسيما وأنها تمتلك آلية لتحديد مردود السياحة على أي وجهة سياحية في العالم من ناحية العملة الصعبة والدخل القومي، الأمر الذي يدفع نحو رفع الوعي بأهمية السياحة لدي القائمين على الصناعة، على سبيل المثال قبل استحداث تلك الآلية من قبل منظمة السياحة العالمية كان هناك اعتقاد بأن السياحة في تونس تمثل ما يقرب من %8 من إجمالي الدخل القومي، إلا إنه بعد استخدام تلك الآلية أصبحنا نعلم أن السياحة تمثل %12 من الدخل القومي في تونس.


في ظل التحذيرات المتكررة من منظمة الصحة العالمية عن مخاطر الأوبئة التي تلوح في الأفق .. هل يمكن القول أن القطاع السياحي استوعب درس كورونا أم أن الأوبئة لازالت الخطر الأكبر أمام نمو القطاع ؟


قطاع السياحة واجه 3 سنوات عجاف خلال أزمة كورونا، إلا أننا نمتلك الآن تجربة تمكننا من مواجهة أخطار مماثلة، غير أن هناك ضرورة لتكثيف المجهودات بما يضمن قدرة القطاع على صد ضربات مماثلة، وأريد أن أنوه بأن الموجة الأخيرة من وباء كورونا لم تؤثر على معدلات نمو القطاع السياحي حتى تاريخه.


السياحة البينية 


للأسف الشديد لازالت السياحة البينية بين الدول في منطقة الشرق الأوسط حبر على الورق .. في تقديرك لماذا لم ينجح هذا النوع من السياحة؟ 


للأسف نحن لم نعتن بتلك المسألة رغم أهميتها، إذ تركزت الدعاية لدينا على الدول المقابلة لتكون حسب مقتضياتهم ومطالبهم وغفلنا داخل البيت العربي، لذا فإن الوقت قد حان لإحداث انسجام في السياسة السياحية لتعزيز السياحة البينية العربية والتي تعد أقرب لبعضها البعض، الأمر الذي يتطلب إيجاد أرضية مشتركة بين الدول العربية فيما يخص تأشيرات الدخول تضمن تذليل كافة العقبات بما يصب في مصلحة السياحة العربية أجمع، وهنا أود أن أشير إلى أن مصر ومن بعدها المملكة العربية السعودية خطت خطوات جيدة في هذا الأمر عقب أن يسرت لحاملي تأشيرة «شنغن» دخول البلاد بإجراءات بسيطة وأتمني أن يتبعهما كل الدول العربية لاسيما وأن الأمر يصب في النهاية في مصلحة الشعب العربي كله.


منتجات سياحية جديدة 


من أهم التحديات التي تواجه التنمية السياحية في منطقتنا، اعتماد الدول العربية على المنتجات السياحية الموروثة، مما أثر على تطوير منتجات جديدة تدعم ديمومة السياحة.. تعقيبك على ذلك؟


هذه مشكلة من المشكلات التي تواجهها السياحة العربية بشكل خاص، لأن الدول الأوروبية لديها منتجات سياحية حديثة للغاية بداية من دور الضيافة مروراً المقاصد السياحية الجماعية وصولاً إلى تشجيع السياحة الشبابية، غير أن الدول العربية للأسف لم تجتهد بالقدر الكافي للخروج من عباءة الموروث التقليدي للسياحة، إلا أن هناك بعض الدول اتخذت خطوات لإدخال السياحة الطبية والعلاجية ومنها تونس التي بدأت في إنشاء مقاصد خاصة لاستجلاب المتقاعدين وخاصة من أوروبا، بسبب انخفاض تكلفة المعيشة مقارنة ببلدانهم بالإضافة إلى اعتدال الطقس.


شنغن سياحية عربية


كثيرون يرون أن اقرار تأشيرة " شنغن سياحية" بين الدول العربية خطوة تأخرت كثيرا ومن شأنها تحقيق المستهدفات من القطاع.. هل تؤيد هذا الطرح ؟


هذا أمر وارد، لاسيما في ظل ما يتمتع به وزراء الداخلية في كافة الدول من تقنيات حديثة تمكنهم من تحليل كافة المعطيات في دقائق، ولابد من التعاون الدائم وتذليل العقبات التي تعرقل صدور التأشيرة بين الدول العربية وبعضها البعض، لاسيما مع دخول العديد منها مجال السياحة بقوة خلال الفترة الماضية، إذ تسعي المملكة العربية السعودية لإقامة منتجعات على طول ساحل البحر الأحمر.


من السياحة العربية إلى المصرية.. ماذا عن أبرز المعوقات التي تواجه القطاع  في ظل التنافس المحموم إقليميا؟


مصر لديها منتج سياحي لا يوجد لدي أي دولة في العالم، غير أن هذا الموروث وحده لايكفي فلابد من إيجاد مكونات سياحية من شأنها تنشيط السياحة داخل مدن أخرى مثل الساحل الشمالي، والذي يعد وجهة بحرية تضاهي وجهات كثيرة على البحر الأبيض المتوسط، لاسيما وأن الموروث الحضاري المصري بات معلوم لعدد غير قليل لذا فإن استحداث وجهات جديدة يساعد في جذب الشريحة التي أطلعت على الموروث الحضاري المصري بالفعل.