النباهة والاستحمار

إيهاب‭ ‬فتحى
إيهاب‭ ‬فتحى

‭..‬هذا‭ ‬العنوان‭ "‬النباهة‭ ‬والاستحمار‭"‬خاص‭ ‬بكتاب‭ ‬عالم‭ ‬الاجتماع‭ ‬والمفكر‭ ‬الايرانى‭ ‬على‭ ‬شريعتى‭ ‬الذى‭ ‬اغتيل‭ ‬فى‭ ‬لندن‭ ‬1977‭ ‬وكما‭ ‬يقال‭ ‬فإن‭ ‬من‭ ‬اغتاله‭ "‬السافاك‭"‬أو‭ ‬جهاز‭ ‬مخابرات‭ ‬الشاه‭ ‬ولكن‭ ‬من‭ ‬قرأ‭ ‬مؤلفات‭ ‬واطلع‭ ‬على‭ ‬أفكار‭ ‬شريعتى‭ ‬سيجد‭ ‬أنه‭ ‬كان‭ ‬مهددًا‭ ‬أيضا‭ ‬من‭ ‬غلاة‭ ‬أتباع‭ ‬ملالى‭ ‬طهران‭ ‬والذين‭ ‬استولوا‭ ‬على‭ ‬الحكم‭ ‬فى‭ ‬ايران‭ ‬فى‭ ‬عام‭ ‬1979عقب‭ ‬الثورة‭ ‬وأطاحوا‭ ‬بكل‭ ‬التيارات‭ ‬الأخرى‭ ‬التى‭ ‬شاركتهم‭ ‬فى‭ ‬صناعة‭ ‬الحدث‭. ‬

لن‭ ‬نناقش‭ ‬تاريخ‭ ‬شريعتى‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬كان‭ ‬وراء‭ ‬اغتياله‭ ‬ولكن‭ ‬مايهم‭ ‬هنا‭ ‬هذا‭ ‬العنوان‭ ‬أوالمصطلح‭ ‬الذى‭ ‬صاغه‭ ‬المفكر‭ ‬وعالم‭ ‬الاجتماع‭ ‬على‭ ‬شريعتى،‭ ‬رغم‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬الكتاب‭ ‬صدر‭ ‬منذ‭ ‬سنوات‭ ‬بعيدة‭ ‬إلا‭ ‬أن‭ ‬المفهوم‭ ‬الذى‭ ‬يحمله‭ ‬هذا‭ ‬العنوان‭ ‬أو‭ ‬المصطلح‭ ‬يحضر‭ ‬بقوة‭ ‬الآن‭ ‬خاصة‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬استولت‭ ‬وسائط‭ ‬السوشيال‭ ‬ميديا‭ ‬على‭ ‬أغلب‭ ‬تفاصيل‭ ‬المجتمع‭ ‬البشرى‭ ‬وأصبحت‭ ‬فاعلا‭ ‬رئيسيًا‭ ‬فى‭ ‬تشكيل‭ ‬العقل‭ ‬الانسانى‭ ‬ورؤية‭ ‬ملايين‭ ‬البشر‭ ‬تجاه‭ ‬أى‭ ‬حدث‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تدفق‭ ‬مليارات‭ ‬الكلمات‭ ‬والصور‭ ‬والفيديوهات‭ ‬وأطنان‭ ‬المعلومات‭ ‬مجهولة‭ ‬المصدر‭. ‬

بالتأكيد‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬يقصد‭ ‬شريعتى‭ ‬بعنوانه‭ ‬أو‭ ‬مصطلحه‭ ‬العالم‭ ‬الافتراضى‭ ‬لأن‭ ‬هذه‭ ‬الوسائط‭ ‬ظهرت‭ ‬بعد‭ ‬وفاته‭ ‬بأكثر‭ ‬من‭ ‬عقدين‭ ‬لكن‭ ‬المفهوم‭ ‬الذى‭ ‬تحمله‭ ‬عبارة‭ " ‬النباهة‭ ‬والاستحمار‭" ‬تجد‭ ‬فيه‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬الدقة‭ ‬عندما‭ ‬تراقب‭ ‬ما‭ ‬يحدث‭ ‬على‭ ‬السوشيال‭ ‬ميديا‭. ‬

يقصد‭ ‬شريعتى‭ ‬هنا‭ ‬بالنباهة‭ ‬الوعى‭ ‬الذى‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬يمتلكه‭ ‬المواطن،‭ ‬المثقف،‭ ‬الإنسان‭ ‬عمومًا‭ ‬للحكم‭ ‬على‭ ‬ما‭ ‬يعرض‭ ‬عليه‭ ‬وألا‭ ‬يصدق‭ ‬بسذاجة‭ ‬كل‭ ‬مايراه‭ ‬،‭ ‬يسمعه‭ ‬،‭ ‬يقرأه‭ ‬أو‭ ‬يقال‭ ‬له‭ ‬لأن‭ ‬عدم‭ ‬امتلاك‭ ‬هذا‭ ‬الوعى‭ ‬أو‭ ‬النباهة‭ ‬سيقود‭ ‬الإنسان‭ ‬إلى‭ ‬فخ‭ ‬الاستحمار‭ ‬أى‭ ‬يتحول‭ ‬الإنسان‭ ‬العاقل‭ ‬إلى‭ ‬حمار‭ ‬يقوده‭ ‬من‭ ‬يتحكم‭ ‬فيه‭ ‬بالزيف‭ ‬والخداع‭ ‬وبالنظر‭ ‬إلى‭ ‬مايحدث‭ ‬فى‭ ‬السوشيال‭ ‬ميديا‭ ‬سنجد‭ ‬أن‭ ‬مستويات‭ ‬النباهة‭ ‬عند‭ ‬سكان‭ ‬العالم‭ ‬الافتراضى‭ ‬منخفضة‭ ‬كثيرًا‭ ‬أما‭ ‬السائرون‭ ‬إلى‭ ‬فخ‭ ‬الاستحمار‭ ‬فحدث‭ ‬ولا‭ ‬حرج‭. ‬

هل‭ ‬تبدوالنسبة‭ ‬بين‭ ‬النابهين‭ ‬والسائرين‭ ‬إلى‭ ‬الفخ‭ ‬غير‭ ‬واقعية‭ ‬أو‭ ‬بها‭ ‬تجنى‭ ‬على‭ ‬سكان‭  ‬العالم‭ ‬الافتراضى؟‭  ‬الحقيقة‭ ‬أن‭ ‬من‭ ‬يقدم‭ ‬الإجابة‭ ‬على‭ ‬السؤال‭ ‬طبيعة‭ ‬العلاقة‭ ‬على‭ ‬السوشيال‭ ‬ميديا‭ ‬بين‭ ‬التدفق‭ ‬الحادث‭ "‬للمعلومات‭" ‬بشتى‭ ‬صورها‭ ‬والمتلقى‭ ‬أو‭ ‬ساكن‭ ‬هذا‭ ‬العالم‭ ‬الافتراضى‭ ‬والأمثلة‭ ‬كثيرة‭ ‬التى‭ ‬تؤكد‭ ‬أو‭ ‬تنفى‭ ‬هذه‭ ‬النسبة‭. ‬

فجأة‭ ‬تجد‭ ‬مجتمع‭ ‬السوشيال‭ ‬ميديا‭ ‬يحتفى‭ ‬ويصدق‭ "‬معلومة‭ " ‬واستخدام‭ ‬لفظ‭ ‬المعلومة‭ ‬هنا‭ ‬مجازى‭ ‬فأغلب‭ ‬ما‭ ‬يتم‭ ‬نشره‭ ‬لا‭ ‬ينتمى‭ ‬إلى‭ ‬مجال‭ ‬المعلومات‭ ‬بأى‭ ‬صلة‭ ‬ومايزيد‭ ‬من‭ ‬الدهشة‭ ‬أن‭ ‬المروج‭ ‬لهذه‭ ‬‮«‬المعلومة‮»‬‭ ‬لم‭ ‬يخف‭ ‬هويته‭ ‬بل‭ ‬يعلنها‭ ‬صراحة‭ ‬وبالنظرة‭ ‬العابرة‭ ‬فصاحب‭ ‬المعلومة‭ ‬المحتفى‭ ‬بها‭ ‬هو‭ ‬بكافة‭ ‬المقاييس‭ ‬السياسية‭ ‬والتاريخية‭ ‬والحضارية‭ ‬حتى‭ ‬الجغرافية‭ ‬منها‭ ‬هو‭ ‬عدو‭ ‬صريح‭ ‬لهذا‭ ‬المتلقى‭ ‬السعيد‭ ‬بتلك‭ ‬المعلومة‭ ‬ولم‭ ‬يتريث‭ ‬المتلقى‭ ‬لثوانى‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬فحص‭ ‬مايتلقاه‭ ‬من‭ ‬العدو‭ ‬الذى‭ ‬أعلن‭ ‬عن‭ ‬نفسه‭ ‬صراحة‭. ‬

من‭ ‬أجل‭ ‬أن‭ ‬تزداد‭ ‬الدهشة‭ ‬لا‭ ‬يكتفى‭ ‬المتلقى‭ ‬بالسعادة‭ ‬بل‭ ‬يسهم‭ ‬مع‭ ‬عدوه‭ ‬فى‭ ‬ترويج‭ ‬ما‭ ‬تلقاه‭ ‬بهمة‭ ‬ويتفاعل‭ ‬بنشاط‭ ‬مع‭ ‬هذا‭ ‬الزيف‭ ‬المعلوماتى،‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬اختفت‭ ‬معدلات‭ ‬النباهة‭ ‬بشكل‭ ‬كامل‭ ‬عند‭ ‬المتلقى‭ ‬ولم‭ ‬يقع‭ ‬فى‭ ‬الفخ‭ ‬المنصوب‭ ‬بسبب‭ ‬الغفلة‭ ‬ودهاء‭ ‬صانعى‭ ‬الفخ‭ ‬لكن‭ ‬بعد‭ ‬أن‭ ‬أعلن‭ ‬العدو‭ ‬عن‭ ‬نفسه‭ ‬صراحة‭ ‬فالمتلقى‭ ‬يسرع‭ ‬بنفسه‭ ‬الى‭ ‬الاستحمار‭ ‬وإن‭ ‬تأخر‭ ‬عليه‭ ‬سيطلب‭ ‬الاستحمار‭ "‬دليفرى‭". ‬

ننتقل‭ ‬إلى‭ ‬حالة‭ ‬أو‭ ‬مثال‭ ‬آخر‭ ‬وستجده‭ ‬أكثر‭ ‬وضوحًا‭ ‬على‭ ‬منصة‭ " ‬أكس‭ " ‬تويتر‭ ‬سابقًا،‭  ‬بدون‭ ‬مقدمات‭ ‬أو‭ ‬سابق‭ ‬إنذار‭ ‬يهبط‭ ‬على‭ ‬التايم‭ ‬لاين‭ ‬للمنصة‭ ‬شخصية‭ ‬مجهولة‭ ‬الهوية‭ ‬والتوجه‭ ‬وتصنع‭ ‬لنفسها‭ ‬حسابًا‭ ‬على‭ ‬المنصة‭ ‬،‭ ‬هذا‭ ‬التجهيل‭ ‬أو‭ ‬عدم‭ ‬معرفة‭ ‬الهوية‭ ‬قد‭ ‬يصبح‭ ‬أمرًا‭ ‬غير‭ ‬مهم‭ ‬عندما‭ ‬نصادف‭ ‬هذه‭ ‬الحالة‭ ‬فى‭ ‬تعليق‭ ‬أو‭ ‬تعقيب‭ ‬لكن‭ ‬حساب‭ ‬هذه‭ ‬الشخصية‭ ‬على‭ ‬منصة‭ " ‬أكس‭ " ‬يتحول‭ ‬إلى‭ ‬مركز‭ ‬ضخ‭ " ‬للمعلومات‭ " ‬بواقع‭ "‬معلومة‭" ‬كل‭ ‬ثانية‭ ‬،‭ ‬تغطى‭ ‬معلومات‭ ‬الحساب‭ ‬الغامض‭ ‬وصاحب‭ ‬الحساب‭ ‬الأكثر‭ ‬تجهيلا‭ ‬كافة‭ ‬الأحداث‭ ‬الجارية‭ ‬والتى‭ ‬جرت‭ ‬وما‭ ‬ستجرى‭ ‬ولو‭ ‬وقف‭ ‬الأمر‭ ‬عند‭ ‬هذه‭ ‬التغطية‭ ‬أو‭ ‬نقل‭ ‬الحدث‭ ‬لكان‭ ‬تقييم‭ ‬الحساب‭ ‬أن‭ ‬صاحبه‭ ‬يعانى‭ ‬من‭ ‬حالة‭ ‬فراغ‭ ‬قاتل‭. ‬

تأتى‭ ‬المرحلة‭ ‬الثانية‭ ‬فلا‭ ‬يكتفى‭ ‬صاحب‭ ‬الحساب‭ ‬المجهول‭ ‬بهذا‭ ‬الضخ‭ "‬المعلوماتى‭" ‬فهو‭ ‬يتحول‭ ‬فى‭ ‬أيام‭ ‬قليلة‭ ‬عقب‭ ‬ظهور‭ ‬حسابه‭ ‬الى‭ ‬جهاز‭ ‬استخبارات‭ ‬سوشيالى‭ ‬يقدم‭ "‬المعلومات‭ " ‬السرية‭ ‬والحصرية‭ ‬حول‭ ‬أى‭ ‬أمر‭ ‬حدث‭ ‬أو‭ ‬يبتكر‭ ‬هو‭ ‬وحسابه‭ ‬أمرًا‭ ‬سيحدث‭ ‬لأنه‭ ‬عليم‭ ‬بكل‭ ‬مايجرى‭ ‬وله‭ ‬مصادره‭ ‬المنتشرة‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬ركن‭ ‬من‭ ‬أركان‭ ‬هذا‭ ‬الكوكب،‭ ‬المفترض‭ ‬هنا‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬النباهة‭ ‬هى‭ ‬المقياس‭ ‬فى‭ ‬الحكم‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬الحساب‭ ‬وصاحبه‭ ‬المجهول‭ ‬فيبتعد‭ ‬المتلقى‭ ‬عن‭ ‬هذا‭ ‬العبث‭ ‬لكن‭ ‬يحدث‭ ‬العكس‭ ‬فتجد‭ ‬آلاف‭ ‬المتابعين‭ ‬يلهثون‭ ‬وراء‭ ‬ما‭ ‬يقدمه‭ ‬هذا‭ ‬المجهول‭ ‬من‭ ‬زيف‭  ‬فقد‭ ‬استطاع‭ ‬المجهول‭ ‬وحسابه‭ ‬إيقاع‭ ‬هؤلاء‭ ‬فى‭ ‬فخ‭ ‬الاستحمار‭.‬

لماذا‭ ‬يجب‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬النباهة‭ ‬هى‭ ‬المقياس؟‭ ‬لأسباب‭ ‬تبدو‭ ‬منطقية‭ ‬لكل‭ ‬ذى‭ ‬عقل‭ ‬فالعبقرى‭ ‬المجهول‭ ‬يضخ‭ ‬كمًا‭ ‬من‭ "‬المعلومات‭" ‬فى‭ ‬الساعة‭ ‬الواحدة‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬مؤسسة‭ ‬كاملة‭ ‬لتقدم‭ ‬هذا‭ ‬الكم‭ "‬المعلوماتى‭" ‬وشبكة‭ ‬جبارة‭ ‬من‭ ‬المصادر‭ ‬التى‭ ‬تغطى‭ ‬كل‭ ‬شئون‭ ‬النشاط‭ ‬الإنسانى‭ ‬من‭ ‬السياسة‭ ‬إلى‭ ‬الرياضة‭ ‬ولا‭ ‬يمكن‭ ‬لفرد‭ ‬القيام‭ ‬بهذا‭ ‬العمل‭ ‬إلا‭ ‬لوكان‭ ‬شخص‭ ‬ذو‭ ‬مواصفات‭ ‬خاصة‭ ‬لا‭ ‬يشرب‭ ‬أو‭ ‬يأكل‭ ‬ولا‭ ‬يعمل‭ ‬ثم‭ ‬لا‭ ‬يفارق‭ ‬موبايله‭ ‬على‭ ‬مدار‭ ‬الساعة‭. ‬

تشير‭ ‬النباهة‭ ‬على‭ ‬صاحبها‭ ‬عندما‭ ‬يتعامل‭ ‬مع‭ ‬هذه‭ ‬البديهية‭ ‬الأولى‭ ‬أنه‭ ‬ليس‭ ‬أمام‭ ‬شخص‭ ‬طبيعى‭ ‬بل‭ ‬أمام‭ ‬جهة‭ ‬ما‭ ‬تريد‭ ‬إقحام‭ ‬وعى‭ ‬زائف‭ ‬فى‭ ‬رأس‭ ‬المتلقى‭ ‬بهذا‭ ‬الكم‭ ‬من‭ "‬المعلومات‭ " ‬الغريبة‭ ‬وغير‭ ‬الواقعية‭ ‬ولكن‭ ‬يترك‭ ‬الكثير‭ ‬من‭ ‬المتلقين‭ ‬فعل‭ ‬النباهة‭ ‬ويسيرون‭ ‬فى‭ ‬سعادة‭ ‬إلى‭ ‬فخ‭ ‬الاستحمار‭.‬‭ ‬

لا‭ ‬يحتاج‭ ‬الأمر‭ ‬إلى‭ ‬علم‭ ‬غزير‭ ‬أو‭ ‬نباهة‭ ‬مفرطة‭ ‬من‭ ‬المتلقى‭ ‬ليكتشف‭ ‬أن‭ ‬الحساب‭ ‬وصاحبه‭ ‬المجهول‭ ‬يطبقان‭ ‬بديهيات‭ ‬استراتيجيات‭ ‬التسويق‭ ‬على‭ ‬السوشيال‭ ‬لترويج‭ ‬السلع‭ ‬المباعة‭ ‬أون‭ ‬لاين،‭ ‬الفارق‭ ‬أن‭ ‬المجهول‭ ‬سلعته‭ ‬المعلومات‭ ‬الزائفة‭ ‬،‭ ‬ستجد‭ ‬هذه‭ ‬الاشتراطات‭ ‬الأولية‭ ‬مطبقة‭ ‬بدقة‭ ‬على‭ ‬الحساب‭ ‬المروج‭ ‬للزيف،‭ ‬ستجد‭ ‬اسمًا‭ ‬جذابًا‭ ‬يحمله‭ ‬الشخص‭ ‬المجهول‭ ‬أو‭ ‬الحساب‭ ‬نفسه،‭ ‬صورة‭ ‬فوتوغرافية‭ ‬مميزة‭ ‬لصاحب‭ ‬الحساب‭ ‬وبالتأكيد‭ ‬هى‭ ‬صورة‭ ‬مصنعة‭ ‬وإذا‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬هناك‭ ‬صورة‭ ‬فأيقونة‭ ‬الحساب‭ ‬ستجدها‭ ‬أكثر‭ ‬جذبًا‭ ‬بالنسبة‭ ‬للمحتوى‭ ‬المقدم‭ ‬فهو‭ ‬لا‭ ‬يكتفى‭ ‬بالنص‭ ‬المكتوب،‭ ‬بل‭ ‬يقدم‭ ‬محتوى‭ ‬متنوعًا‭ ‬من‭ ‬الفيديو‭ ‬والصور‭ ‬والجرافيك‭ ‬والإحصاءات‭ ‬وكلها‭ ‬تخضع‭ ‬لقاعدة‭ ‬واحدة‭ ‬وهى‭ ‬الزيف‭ ‬الكامل‭ ‬،‭ ‬بالنسبة‭ ‬للتعريف‭ ‬المصاحب‭ ‬لشخصية‭ ‬صاحب‭ ‬الحساب‭ ‬ستجد‭ ‬تعريفًا‭ ‬فخمًا‭ ‬لأن‭ ‬صاحب‭ ‬الحساب‭ ‬يحمل‭ ‬شهادات‭ ‬أو‭ ‬يمتلك‭ ‬خبرات‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬مجالات‭ ‬الحياة‭ ‬وفى‭ ‬نفس‭ ‬الوقت‭ ‬لن‭ ‬تستطيع‭ ‬الاستدلال‭ ‬من‭ ‬هذا‭ ‬التعريف‭ ‬الفخم‭ ‬على‭ ‬طبيعة‭ ‬العمل‭ ‬الذى‭ ‬يمارسه‭ ‬المجهول‭ ‬صاحب‭ ‬الحساب‭. ‬

الأمر‭ ‬الآخر‭ ‬الذى‭ ‬يطبقه‭ ‬المجهول‭ ‬وحسابه‭ ‬وهو‭ ‬الأكثر‭ ‬أهمية‭ ‬فى‭ ‬اشتراطات‭ ‬التسويق‭ ‬هو‭ ‬التفاعل‭ ‬النشيط‭ ‬،‭ ‬فمع‭ ‬كل‭ ‬تعليق‭ ‬من‭ ‬الواقعين‭ ‬فى‭ ‬الفخ‭ ‬يعقب‭ ‬المجهول‭ ‬وحسابه‭ ‬فيشعر‭ ‬المعلق‭ ‬أو‭ ‬المستحمر‭ ‬أنه‭ ‬شخص‭ ‬مهم‭ ‬وذو‭ ‬حيثية‭ ‬لأن‭ ‬صاحب‭ ‬الحساب‭ ‬يخصه‭ ‬بالتعقيب‭ ‬ويرى‭ ‬فى‭  ‬تعليقه‭ ‬عمقًا‭ ‬فلسفيًا‭ ‬خطيرًا‭ ‬،أيضا‭ ‬من‭ ‬ضمن‭ ‬اشتراطات‭ ‬التسويق‭ ‬أن‭ ‬يتوقف‭ ‬المجهول‭ ‬وحسابه‭ ‬عن‭ ‬ضخ‭ ‬المعلومات‭ ‬الزائفة‭ ‬فجأة‭ ‬ثم‭ ‬يقدم‭ ‬للواقعين‭ ‬فى‭ ‬الفخ‭ ‬قصة‭ ‬إنسانية‭ ‬مفبركة‭ ‬أو‭ ‬قصة‭ ‬نجاح‭ ‬غير‭ ‬واقعية‭ ‬ومسلية‭  ‬وبالتأكيد‭ ‬تتجه‭ ‬نفس‭ ‬القصص‭ ‬المزيفة‭ ‬لتحقيق‭ ‬نفس‭ ‬الغرض‭ ‬وهوإحكام‭ ‬الفخ‭ ‬على‭ ‬الواقعين‭ ‬فيه‭ ‬ولكن‭ ‬بالطرق‭ ‬العاطفية‭. ‬

يمكن‭ ‬أن‭ ‬نطلق‭ ‬على‭ ‬هذا‭ ‬المثال‭ ‬أو‭ ‬الحالة‭ ‬أنها‭ ‬حالة‭ "‬الوثيقة‭ " ‬أو‭ "‬التسريب‭"‬وهى‭ ‬لا‭ ‬تخص‭ ‬منصة‭ ‬بعينها‭ ‬ففجأة‭ ‬تجد‭ "‬وثيقة‭" ‬أو‭ " ‬تسريب‭ " ‬ينتشران‭ ‬كالنار‭ ‬فى‭ ‬الهشيم‭ ‬على‭ ‬كافة‭ ‬جغرافيا‭ ‬السوشيال‭ ‬ميديا‭ ‬وسبب‭ ‬الانتشار‭ ‬ولهاث‭ ‬الواقعين‭ ‬فى‭ ‬فخ‭ ‬الاستحمار‭ ‬ورائهما‭ ‬والمساهمة‭ ‬فى‭ ‬الترويج‭ ‬لهما‭ ‬أنهما‭ ‬يحملان‭ ‬أسرارًا‭ ‬خطيرة‭ ‬ورهيبة‭ ‬وبالتأكيد‭ ‬المستحمرين‭ ‬تعطل‭ ‬عندهم‭ ‬فعل‭ ‬النباهة‭ ‬وتناسوا‭ ‬أن‭ ‬مع‭ ‬ظهور‭ ‬السوشيال‭ ‬ميديا‭ ‬والتطور‭ ‬التكنولوجى‭ ‬الذى‭ ‬لا‭ ‬يتوقف‭ ‬لثانية‭ ‬واحدة‭ ‬أصبح‭ ‬هناك‭ ‬الذكاء‭ ‬الاصطناعى‭ ‬والتزييف‭ ‬العميق‭ ‬اللذان‭ ‬يستطيعان‭ ‬خلق‭ ‬واقع‭ ‬كامل‭ ‬وهمى‭ ‬وغير‭ ‬حقيقى‭ ‬بالصوت‭ ‬والصورة‭ ‬والنص،‭ ‬لكن‭ ‬مع‭ ‬تعطل‭ ‬فعل‭ ‬النباهة‭ ‬يصبح‭ ‬الاستحمار‭ ‬هو‭ ‬السيد‭ ‬ويرى‭ ‬الواقعون‭ ‬فى‭ ‬فخه‭ ‬أن‭ ‬ما‭ ‬يتعاملون‭ ‬معه‭ ‬من‭ ‬زيف‭ ‬مكتمل‭ ‬الأركان‭ ‬هو‭ ‬عين‭ ‬الحقيقة‭. ‬

بالتأكيد‭ ‬لو‭ ‬قررنا‭ ‬تتبع‭ ‬كل‭ ‬الأمثلة‭ ‬والحالات‭ ‬التى‭ ‬تجيب‭ ‬على‭ ‬السؤال‭ ‬الذى‭ ‬طرحناه‭ ‬فى‭ ‬البداية‭ ‬وترصد‭ ‬معدلات‭ ‬ونسب‭ ‬النباهة‭ ‬والاستحمار‭ ‬على‭ ‬السوشيال‭ ‬ميديا‭ ‬سنحتاج‭ ‬إلى‭ ‬مجلدات‭ ‬ولن‭ ‬تكفى‭ ‬هذه‭ ‬السطور‭. ‬

يبقى‭ ‬أن‭ ‬امتلاك‭ ‬فعل‭ ‬النباهة‭ ‬يحتاج‭ ‬من‭ ‬المتلقى‭ ‬أن‭ ‬يعمل‭ ‬على‭ ‬عقله‭ ‬ونفسه‭ ‬أما‭ ‬الذهاب‭ ‬إلى‭ ‬فخ‭ ‬الاستحمار‭ ‬فلا‭ ‬يحتاج‭ ‬من‭ ‬المتلقى‭ ‬سوى‭ ‬أن‭ ‬ينسى‭ ‬عقله‭ ‬ونفسه‭. ‬


 

;