نبض السطور

شمس مصر تشرق فى قمة العشرين

خالد ميري
خالد ميري

٣ أسس راسخة لانطلاق العلاقات المصرية التركية

كلمتان للرئيس السيسى أمام القادة.. وقمة أفريقية أوروبية ولقاءات مع ١١ رئيسًا ومسئولًا دوليًا

مصر تُطالب بنظام دولى متعدد الأطراف ومعالجة أزمات الديون والمناخ وسد فجوة التكنولوجيا

على مدار ٤٨ ساعة كان الحضور المصرى قويًا ولافتًا فى قمة مجموعة العشرين التى انعقدت بالعاصمة الهندية نيودلهى، زعيم مصر الرئيس عبدالفتاح السيسى لم يتوقف عن العمل لحظة واحدة وسط ترحيب هندى ودولى كبير.. شارك الرئيس بكلمتين مهمتين فى الجلستين الافتتاحية والختامية برسائل واضحة، العالم يحتاج لمنظور شامل لصياغة ترتيبات مستقبلية محورها نظام متعدد الأطراف، وأهمية الإسراع بمعالجة أزمات الديون للدول النامية ومواجهة أزمة المناخ التى تستفحل وسد الفجوة التكنولوجية بين الدول المتقدمة والنامية.


كما شارك الرئيس السيسى فى قمة أوروبية أفريقية مصغرة ركزت على تعزيز التعاون بين شعوب القارتين ومساعدة أفريقيا فى خططها للتنمية المستدامة.. وعقد زعيم مصر ١١ لقاء قمة مع رؤساء ومسئولين دوليين بارزين.. وأيضًا قام بزيارة ضريح الزعيم الهندى التاريخى غاندى وزيارة معرض حضارات وثقافات الدول المشاركة فى القمة حيث كانت الحضارة المصرية بآثارها الفرعونية حاضرة وبقوة.
من نيودلهى أشرقت شمس مصر وهى تشارك فى صياغة مستقبل العالم والبحث عن حلول لأزمات دولية مستعصية ولا يمكن التأخر عن مواجهتها، ولعل شعار القمة.. أرض واحدة.. عائلة واحدة.. مستقبل واحد.. وتوصياتها المهمة تكون بادرة أمل لشعوب العالم التى تبحث عن السلام والأمان والحياة الكريمة وإنهاء الحروب والنزاعات.


المشاركة المصرية جاءت بدعوة من الهند التى ترأس القمة بعد أن استعادت مصر - السيسى دورها الإقليمى والعالمى الرائد سياسيًا واقتصاديًا وتنمويًا، كما أكد المستشار أحمد فهمى المتحدث الرسمى باسم رئاسة الجمهورية.. مصر الكبيرة عادت لتحتل مكانتها التى تستحق، بعد عمل شاق على مدار ٩سنوات قاده الرئيس السيسى بنجاح لبناء الدولة فى الداخل واستعادة مكانتها فى الخارج.. كما أن مصر تتمتع بعلاقات قوية مع كل دول المجموعة شرقًا وغربًا بسياسة متوازنة أساسها الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة.


منذ لحظة وصول الرئيس السيسى إلى نيودلهى كان الترحيب الهندى حارًا ولمسناه مع كل من قابلناه فى الهند، ورغم حرارة الجو والرطوبة المرتفعة لكن العمل لم يتوقف لحظة واحدة، كما أن الأمطار هطلت بغزارة فى بلد لا تتوقف أمطاره صيفًا وشتاء فتنتشر الأشجار والخضرة بكل مكان، وأثناء القمة كانت الإجراءات الأمنية مشددة فى كل أنحاء نيودلهى والتحرك لم يكن متاحًا لنا إلا بالتصريح الذى نحمله لممارسة عملنا.
ونعود للكلمتين المهمتين للرئيس السيسى فى الجلستين الافتتاحية والختامية.. حيث وجههما لقادة العالم وأيضًا لكل شعوب الكرة الأرضية.. فأكد أن العالم يواجه تحديات غير مسبوقة وأن مجموعة العشرين مُطالبة بعمل عاجل لمعالجة اختلالات الهيكل المالى العالمى وتطوير مؤسسات التمويل الدولية ومعالجة مشاكل الديون خاصة للدول النامية مع عدم جدوى معونات التنمية خاصة مع الشروط التى تضعها الدول المانحة، وأكد الرئيس أن العالم يحتاج لخطوات حاسمة لمواجهة التحديات التى تحول دون التعافى الاقتصادى لكل الدول، وأنه لابد من منظور شامل لصياغة ترتيبات مستقبلية محورها نظام متعدد الأطراف طبقًا للقانون الدولى وميثاق الأمم المتحدة، وعاد الرئيس فى الجلسة الختامية ليؤكد أهمية توافر الإرادة السياسية لضمان مستقبل أفضل للإنسانية، وأن هناك أولوية لمعالجة مشاكل ديون الدول النامية مع ارتفاع تكلفة أعباء خدمة الدين، وأيضًا معالجة أزمة المناخ وتنفيذ اتفاق باريس للمناخ وقرارات «Cop 27» التى استضافتها مصر فى شرم الشيخ، فالدول النامية وأفريقيا تدفع ثمنًا باهظًا لأزمة المناخ التى لم تتسبب فيها بل كان السبب الرئيسى الدول الصناعية المتقدمة، وأكد زعيم مصر أهمية التحول التكنولوجى لزيادة الإنتاج والنمو الاقتصادى وهو ما يستوجب سد الفجوة التكنولوجية بين الدول المتقدمة والنامية، وأيضًا مراعاة المخاوف ومعالجة المشاكل الناتجة عن تأثير الذكاء الاصطناعى على فرص العمل فى الدول التى تعتمد على العمالة الكثيفة.


الرئيس رَحَّب بانضمام أفريقيا أخيرًا كعضو فى مجموعة العشرين، فقارتنا السمراء بكل إمكاناتها الاقتصادية والبشرية وخططها الطموحة للتنمية ما كان يجب أن تغيب أكثر من ذلك عن المجموعة الاقتصادية الأهم فى العالم.. أفريقيا حصلت على مكان تستحقه فلا يمكن مناقشة مشاكل العالم المالية والاقتصادية والبحث عن حلول لها فى غياب القارة السمراء.
الوجود الأفريقى المؤثر انتقل أيضًا من قاعة مجموعة العشرين إلى قمة أفريقية أوروبية مصغرة بحضور الرئيس السيسى وقادة جنوب أفريقيا ونيجيريا وجزر القمر الرئيس الحالى للاتحاد الأفريقى وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا وهولندا وفرنسا مع قادة الاتحاد الأوروبى والبنك الدولى وصندوق النقد الدولى، حيث تم مناقشة قضايا مهمة للتعاون بين القارتين وتحقيق الأمن الغذائى ومواجهة مشاكل الهجرة غير الشرعية ومساعدة دول أفريقيا فى تحقيق خطط النمو المستدام ووقف الحروب ومواجهة الإرهاب.


عمل الرئيس لم يتوقف لحظة واحدة على مدار يومين فكانت لقاءات القمة الـ ١١ التى جمعته أولًا مع رئيس وزراء الهند ناريندرا مودى الذى كان فى استقبال الرئيس عند وصوله لمقر القمة ورَحَّب به بحفاوة بالغة، والتقى الرئيس السيسى مع سيريل رامافوزا رئيس جنوب أفريقيا وعثمان غزالى رئيس جزر القمر ولولا دا سيلفا رئيس البرازيل ورجب طيب إردوغان رئيس تركيا وفوميو كيشيدا رئيس وزراء اليابان ولى كيانج رئيس وزراء الصين وأورسولا فورديرلاين رئيس المفوضية الأوروبية وشارل ميشيل رئيس المجلس الأوروبى وتيدروس إدهانوم مدير منظمة الصحة العالمية، كما جمعه أيضًا لقاء قمة مع المستشار الألمانى أولاف شولتز.
اللقاءات ركزت على تعزيز التعاون الاقتصادى والتجارى والتنسيق السياسى مع قادة هذه الدول والمنظمات، لتحقيق مصالح وطموحات الشعب المصرى وتحقيق المصالح المشتركة بما يساهم فى جذب المزيد من الاستثمارات لمصر وتوفير فرص العمل المناسبة للشباب.
وفى السابعة صباح أمس كان الرئيس يزور ضريح الزعيم الهندى غاندى، ومساء أول أمس تفقد معرض حضارات وثقافات الدول المشاركة فى القمة حيث كانت حضارتنا الفرعونية حاضرة وبقوة ومشرقة وسط آثار وحضارات الدول المشاركة.
وبالأمس كان لقاء القمة الذى جمع الزعيمين المصرى والتركي، حيث تم الاتفاق على ٣ أسس راسخة لانطلاق العلاقات المصرية التركية إلى الأمام، ودفع مسار العلاقات بين البلدين واستكمال التقدم الملموس الذى نشهده فى مسار العلاقات، وهى الاحترام المتبادل والمصالح المشتركة والنوايا الصادقة.. وبحثت القمة تعزيز التعاون الإقليمى والتعاون الاقتصادى والتجارى.
قمة مجموعة العشرين غاب عنها الرئيس الروسى بوتين بسبب تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية وشارك من روسيا وزير خارجيتها لافروف.. والذى شارك مع الرئيس السيسى فى زيارة ضريح غاندى، كما غاب عنها الرئيس الصينى لأسباب مختلفة، منها الخلافات مع الغرب وأمريكا والخلاف الحدودى مع الهند وشارك بديلًا عنه رئيس الوزراء الصينى الذى التقى بالرئيس السيسى، القمة ناقشت التحديات والأزمات العالمية وعلى رأسها أزمة المناخ وأهمية دعم الصناعة لتحقيق تنمية مستدامة والتقدم التكنولوجى الذى يشهده العالم.
انتهت قمة مجموعة العشرين بحضور مصرى وأفريقي قوى ومؤثر، والأهم أن يبدأ العمل فورًا لتنفيذ التوصيات المهمة وعلاج أزمات الديون واختلال الهيكل العالمى وعلاج أزمات المناخ والغذاء والطاقة فهذا هو الأهم، مع إنهاء الحروب والنزاعات والمواجهة الحاسمة للإرهاب، هى أرض واحدة تجمعنا جميعًا كعائلة واحدة ولنا مستقبل واحد، ولن نستطيع الانطلاق للمستقبل بدون إرادة سياسية حقيقية لمواجهة الأزمات التى استفحلت وطالت الجميع بلا استثناء.


مصر كانت حاضرة وبقوة فى قمة العشرين، وشمس مصر أشرقت من نيودلهى برسائل حاسمة واضحة وجهها زعيم مصر الرئيس عبدالفتاح السيسى إلى العالم، يد مصر ممدودة بالسلام والتعاون للجميع، ومستقبل العالم مرهون بتعاون الجميع لحل الأزمات ومواجهة المشكلات لننطلق معًا إلى المستقبل الأفضل الذى تستحقه شعوب العالم.