يوميات الاخبار

الزواج يطيل العمر.. أحيانا

هشام مبارك
هشام مبارك

أرجو أن تأخذها منى نصيحة بدون دراسة ولا يحزنون: لا شيء يطيل عمر الرجل أكثر من سماعه لكلام زوجته دون اعتراض أو حتى نقاش

الثلاثاء

لا أؤمن كثيرا بالدراسات التى تنشر بين الحين والآخر عن العلاقات الزوجية وعلاقتها بالصحة بشكل عام أو بعمر الرجل بشكل خاص.أتعامل مع نتائج مثل تلك الدراسات بحذر شديد وأحب أن أطلع عليها من باب العلم بالشيء وليس من باب الاعتقاد. منذ أيام قليلة مضت كنت أتصفح إحدى الصحف عندما وقعت عيناى على دراسة فرنسية تحذر الرجال فوق سن الأربعين من العزوبية! (أه والله هكذا كانت مكتوبة).الدراسة كانت تعتبر العزوبية هى الخطر الداهم على حياة الرجال وعلى سلامة قلوبهم.

وتشير الدراسة التى نشرتها صحفنا نقلا عن صحيفة فرنسية إلى أن الرجل فى سن الأربعين تضعف حالته الصحية إذا كان يعيش عازبا مقارنة بقرينه المتزوج, كما تزيد احتمالات تعرضه للوفاة المبكرة عن المتزوجين.!

شممت رائحة مريبة بين سطور تلك الدراسة المريبة واندهشت جدا من نتائجها الغريبة العجيبة، فمن المؤكد أننا كلنا كأزواج - أو أتكلم عن نفسى فقط أفضل حتى لا أجر المشاكل على بقية الأزواج، نعم كنت أعتقد أنا - أن الزواج يقصف العمر, وأن النكد الزوجى يساعد على اختصار أعمار أى زوجين خاصة الرجل.لكن الفرنسيون يرون أن العزوبية هى التى تقصف العمر..تخيلوا؟.. كنت أظن وبعض الظن إثم أنه لا يوجد زوج من الأزواج لا يحن لأيام العزوبية ليستمتع بها أكبر قدر من المتعة، فإذا بهذه الدراسة تؤكد العكس تماما على اعتبار أن العزوبية معناها أن يتحول الرجل العازب إلى فريسة سهلة لعدد من الأمراض الفتاكة.وكلما قرأت نتيجة من نتائج تلك الدراسة ايقنت أن صاحبها ليس هدفه البحث العلمى وأنه ربما يكون عاشقا لإمرأة عشق قيس لليلى التى اكتشفت بعد الزواج أن مثله مثل بقية الرجال فقررت طلب الطلاق منه أو خلعه فاراد ان يستعطفها بهذه الدراسة، وأن يرسل لها بشكل غير مباشر رسالة تفيد أن عودته للعزوبية مرة أخرى خطر على صحته وربما على صحتها هى أيضا.

حاولت قدر الإمكان أن أخفى الجريدة التى نشرت الخبر عن زوجتى إلا أنها عثرت عليها خلال حملة تفتيشية من الحملات التى تنظمها بين الحين والآخر على أوراقى ومتعلقاتى الشخصية حتى تحمينى من نفسى على حد تعبيرها, وبمجرد أن قرأت زوجتى خبر الدراسة الفرنسية تغيرت معاملتها معى تماما.بدأت ترمقنى بنظرات غريبة وتردد كلمات تؤكد بها أن زواجها منى أنقذنى من الضياع ومن الأمراض الفتاكة، وأننى يجب أن ابوس ايدى وش وظهر على هذه النعمة. برطمت فى سرى لاعنا صاحب تلك الدراسة المغرضة فإذا بزوجتى تشخط قائلة: بتقول حاجة ياروحى؟ فقلت بسرعة: لا أبدا ياحبيبتى,,أنا بقول اللهم أدمها نعمة واحفظها من الزوال.

تزامن مع نشر الدراسة عودة ظاهرة تخلص الزوجات من أزواجهن وتقطيعه إربا إربا لأتفه الأسباب كأن يرفض الزوج طلبا صغيرا لزوجته فتتعصب عليه وتجهز عليه بطعنة سكين حادة، لذا قررت منذ ذلك الحين تغيير استراتيجية معاملتى مع زوجتى تماما فإذا كانت الدراسة الفرنسية تؤكد أن الزواج يطيل عمر الرجل فقد توصلت أنا من خلال تجربتى الشخصية إلى خلاصة الخلاصة، التى أرجو أن تأخذها منى نصيحة بدون دراسة ولا يحزنون: لا شيء يطيل عمر الرجل أكثر من سماعه لكلام زوجته دون اعتراض أو حتى نقاش.

حوار مع صيدلى

الجمعة

اعتدت عند شراء أى شيء أن أطلب فاتورة الشراء. أحرص عند عودتى للبيت على مطابقة الأسعار الواردة فى الفاتورة بالأسعار المسجلة على المنتج نفسه خاصة بالنسبة للأدوية. منذ أيام وجدت علبة دواء حاسبنى الصيدلى على أن سعرها 88 جنيها لكن عند مراجعة السعر المدون على العلبة وجدته 71 جنيها. طبعا فارق كبير لا يمكن أن يكون حدث عن سهو أو خطأ. أسرعت للصيدلى وسألته عن سر هذا الفارق الكبير فقال لى بهدوء إن هذا هو السعر الجديد للدواء. سألته: ولماذا لم تضع الشركة السعر الجديد على العبوة؟ فقال لى لأن هذه العبوة تم توريدها قبل زيادة السعر.

قلت له: تمام هذا يعنى أنك قد حاسبت الشركة على سعرها القديم وحققت مكسبك منه فلماذا تبيع لى تلك العبوة بالسعر الجديد لتحقق مكسباً إضافياً على حسابى كمستهلك وهذا ليس من حقك؟ ألا تعرف أن هذا بالقطع حرام فحدث آخر ما كنت أتوقعه من الصيدلى حيث سألنى هو لو حضرتك اشتريت شقة بسعر ورغبت فى بيعها بعد ذلك هل تبيعها بنفس سعر الشراء أم بسعر السوق فى فترة البيع؟ قلت له: هذا أمر مختلف تماماً، فما تتحدث عنه يسمى عملية «تسقيع» أى شخص اشترى أرضاً مثلاً أو شقة كما تقول ثم ركنها على جنب انتظاراً لارتفاع سعرها حتى يستفيد من فارق السعر فهل هذا يعنى أنك تقوم بتسقيع الدواء عندك حتى يرتفع ثمنه ثم تبيعه بالسعر الجديد؟ هل تدرك خطورة ما تفعله؟ فقال لى دون أن يهتز له طرف: «كل الناس بتعمل كده اشمعنى أنا»؟.

الغريب أن هذا الصيدلى كان يتودد للجميع عندما افتتح الصيدلية وبدأ العمل بها بل ونجح فى جذب كثير من الزبائن بتخفيضات كان يقدمها للناس علاوة على بشاشة وجهه ولسانه الحلو. وبعد ذلك تغير كل شيء، والأغرب عندما حاولت نصحه بضرورة التأكد من شرعية ما يفعل رفض وبإصرار مصمماً على أن من وجهة نظره حلال حلال حلال. فقلت له قبل أن أغادر الصيدلة أننى مضطر لوقف التعامل معه وأننى سأبحث عن صيدلية أخرى فقال لى بكل بساطة: انت حر ونظر لباب الصيدلية وكأنه يقول: الباب يفوت جمل، لكنه بصراحة كان مؤدباً فلم ينطق بها صراحة، لكن كما يقولون «الحدق يفهم» وقد فهمت وغادرته بلا رجعة.!

ثقة الصيدلى وهو يقول إن ما يفعله هو عين الحلال جعلنى أشك فى معلوماتى ودفعنى لكتابة الحكاية وطرح السؤال لعل يكون هناك من يفيدنا فى مدى شرعية تصرف الصيدلى أو حتى أى تاجر ممن يقوم بتخزين سلعة ما ثم يطرحها بالسعر الذى يريده عندما يحتاجها السوق.

وهنا تحضرنى حكاية العربى الذى كان مسافراً لإحدى دول أوروبا عندما أراد أن يشترى علبة سجائر فخيرته البائعة بين نوعين لا يوجد فارق بينهما فى الشكل، ولكن الفارق فى السعر فلما استفسر منها شرحت له موضحة أن تلك العلبة من المخزون القديم بسعر كذا أما تلك فهى من الكمية الجديدة التى وردت إلينا بعد زيادة السعر.. طبعاً أنا على ثقة لو كنت حكيت تلك الحكاية للصيدلى لكان قد طلب منى أذهب لشراء دوائى من نفسك تلك البلدان الأوربية!

«إنت فاكرنى هندى»؟!

السبت

أقر أنا الموقع أعلاه بأنى لن أعود للسخرية من الهنود، بل وأعتذر علانية وبشدة عن كل مرة قلت فيها لشخص كان يريد أن يستعبطني: «هو إنت فاكرنى هندي؟!». فالهندى أبدا ليس عبيطا أو ساذجا كما كنت وكثيرون مثلى نعتقد ذلك. ما يفعله الهنود فى الولايات المتحدة الأمريكية يصلح نموذجا لأى شعب يريد فعلا أن يجد له مكانا بين الأقوياء فى ذلك العالم الجديد الذى لا يعترف إلا بالأقوياء.!

اكتشفت فى زياراتى المتعددة للولايات المتحدة أنه لا تخلو مؤسسة أمريكية مرموقة من هؤلاء الهنود الذى برعوا بالذات فى مجالات تكنولوجيا المعلومات وعالم البرمجيات والكومبيوتر والسوفت وير. حتى الهنود الذين فضلوا البقاء فى بلادهم ولم يجذبهم إغراء العيش فى الولايات المتحدة مثل أبناء جلدتهم، كثير منهم يعمل من داخل بلاده فى شركات أمريكية متواجدة على أرض الولايات المتحدة، حيث تتعاقد كثير من شركات تكنولوجيا المعلومات مع هؤلاء الهنود المهرة للعمل معها اون لاين للاستفادة من فارق التوقيت بسن البلدين. بمعنى أن ساعات العمل تبدأ فى الهند مثلا صباح السبت بينما الناس فى الولايات المتحدة لايزالون فى نهاية يوم الجمعة. وفى الوقت الذى يتجه فيه خبراء الكومبيوتر فى الشركة الأمريكية للنوم يتسلم زملاؤهم من الهنود العمل حيث يكون يومهم قد بدأ لتوه.

الطريف أننى كنت طرفا ثالثا فى مناقشة داخل أمريكا بين إثنين من الأصدقاء تعرفت عليهما فى احدى الزيارات، أحدهما مهندس هندى اسمه شوكت نواز والثانى محاسب باكستانى يدعى فريد باي. وهما مهاجران من سنوات طويلة تخطت الثلاثين عاما، تخرج كل منهما فى بلده ثم سافر واستقر فى الولايات المتحدة.

الاختلاف الوحيد بينهما عرفته من المهندس الهندى الذى قال: أول ما يفكر فيه أى هندى يصل لأمريكا هو الدراسة أولا، بينما الباكستانى يكون كل همه البحث عن عمل أولا ثم يبدأ البحث عن الدراسة. لم يعترض الصديق الباكستاني

وأكد على كلام صديقه الهندى معللا ذلك ربما بالظروف الاقتصادية التى هى فى الهند أفضل بكثير من باكستان. لذا لا يجد الباكستانى أى عيب فى البدء بأى عمل طالما كان شريفا ولعل أسهلها قيادة التاكسيات أو الاتجاه للعمل فى المطاعم.

فشلت فى إحداث فتنة بين الصديقين العزيزين، وبعد أن ضحكنا كثيرا توقف الهندى فجأة عن الضحك وسألني: أنت تعرف الآن عن ماذا يبحث الهندى والباكستانى عند قدومهما لأمريكا فالهندى يبحث عن الدراسة والباكستانى يبحث عن العمل، فقل لنا عن ماذا يبحث العربى عند وصوله؟! فكرت قليلا وسرحت كثيرا ثم قلت لهم بثقة: تريدون الحق أم ابن عمه؟ فقالا فى نفس واحد: الحق طبعا. فقلت لهما: بلاش تعرفوا احسن. وعدنا للضحك من جديد!

نهاية الرحلة

الشباب يتمنون الحب فالمال فالصحة، ولكن يوماً يأتى عليهم يتمنون فيه الصحة فالمال فالحب !