آخر صفحة

حامد عزالدين يكتب: باسم الله

حامد عزالدين
حامد عزالدين

عندما دعانى الصديق الغالى والزميل العزيز عصام السباعي رئيس التحرير، لتولى مسئولية كتابة الصفحة الأخيرة بمجلة «آخر ساعة»، شكرته على الثقة أولا، وحيرته معى فى العنوان الثابت للمقال لأننى كنت أحب أن أستعيد عنوان «بلا حدود» الذى كان هو عنوان المقال اليومى الأول لى عندما كنت مديرا لتحرير صحيفة «الشرق» القطرية اليومية فى العام 1990، واستمر عنوانا لمقالى بعد انتقالى إلى صحيفة «السياسة» الكويتية.

وذلك قبل أن يتم السطو على العنوان فى برنامج لقناة «الجزيرة» القطرية قدمه أحمد منصور، ورفض أن يستجيب لطلبى له بتغييره بحجة أن هناك فارقا فى الوسيلة الإعلامية. المهم أننى وجدتنى أقول باسم الله بمجرد أن تأهبت للكتابة على الكومبيوتر .. فرأيت أنه عنوان مناسب للغاية يستخدمه المصريون كثيرا، حتى حين دعوة الآخرين للمشاركة فى تناول الطعام. وعلى رغم أن الفارق كبير بين طعام يملأ المعدة وطعام آخر يحرك العقل للعمل، فالعنوان أراه موفقا ما لم يكن لديك عزيزى القارئ اعتراض.  

وكتبت العنوان «بِاسْم» وليس «بِسْم»، لأنه يتعين إذا كتبت البسملة كاملة أن تحذف الألف من «اسم»: بسم الله الرحمن الرحيم . أما إذا كتبتها مجتزأة وبعد «اسم»، فالأرجح أن ترد إليها الألف: باسم الله - باسم الله الرحمن - باسم الله الرحيم. واذا كان ما بعد «اسم» لفظا غير لفظ الجلالة فلا تحذف الألف مطلقا: باسمك، باسم رب العالمين.   

وقد تصادف أن سألنى الصديق الغالى إبراهيم المنيسي مدير تحرير صحيفة «الأخبار» ورئيس تحرير مجلة «الأهلى»، فى جلسة جمعتنا مع بعض الأصدقاء منذ نحو الأسبوع فى النادى الأهلى، عن معنى لفظ الجلالة الله فى اللغة العربية. فقلت له إن الله تعنى «واجب الوجود بذاته المعبود لصفاته».. ذلك أن كل ما فى الكون سبقه عدم، وبالتالى يكون وجوده جائزا. ومن هنا يكون منطقيا وجود واجب الوجود بذاته. فالله «واجد لذاته، موجد لمخلوقاته».

وضربت له مثلا فى كونه جالسا إلى جوارى على مقعد وكيف أن المقعد كان فارغا قبل جلوسه عليه، وبالتالى فقد كان يمكن أن يأتى هو أو لا يأتى، وبالتالى يكون وجوده جائزا. وأيضا المقعد فى حد ذاته قبل أن يوجد كان مكانه فارغا، وهو بالتالى جائز الوجود، والأرض الموجود فوقها كذلك لم تكن موجودة وبالتالى هى جائزة الوجود. من هنا يصبح المنطق حتمية وجود واجب الوجود بذاته المعبود لصفاته، وأولها أنه الخالق البارئ المصور العزيز الجبار.

وأردفت أن لفظة «الله» فى ذاتها تحمل إعجازا فى كونها اللفظة العربية غير القابلة للتثنية أو الجمع، فأنت لا يمكن أن تقول «اللهان أو اللاهون».

كما أنها اللفظة التى لا يتغير معناها مهما حذفنا من حروفها. فالله لا إله إلا هو .. ولله ملك السموات والأرض، وله ملك السموات والأرض، وهو الله الملك. والأخيرة أبقينا على الهاء المضمومة وحدها، وعلى رغم ذلك لم يتغير المفهوم من اللفظة التى أبقينا فيها حرفا واحدا.

وأنت تنطق لفظ الله من خلال حركة واحدة «هى رفع طرف اللسان إلى سقف الحلق وباقى الحروف تخرج هواءً من الصدر، على رغم أن أى حرف من حروف الأبجدية يحتاج إلى ثلاث حركات على الأقل . ردد ألف «فتح الشفتين ثم ضمهما ورفع حرف اللسان إلى سقف الحلق»، وهكذا. 

ولكن المفاجأة أن الأستاذ السباعى بعد ما قرأ المقال، نبهنى إلى أن العنوان هو ذاته الذى يكتب تحته الأستاذ محمد حسن البنا رئيس تحرير الأخبار الأسبق مقاله فى صحيفة «الأخبار». وظللت متحيرا فى البحث عن عنوان حتى اكتشفت أننى أكتب الصفحة الأخيرة فى مجلة «آخر ساعة»، وأن هذه المساحة هى الصفحة الأخيرة، فكيف لا يكون عنوانها على نفس المنوال «آخر صفحة»؟!

ونستكمل الأسبوع المقبل إن شاء الله رب العالمين إن كان فى العمر بقية .