حريات

إدارة عموم المترو

رفعت رشاد
رفعت رشاد

من القصص التى لا تنسى قصة كتبها د. حسين مؤنس بعنوان «إدارة عموم الزير».

تحكى القصة عن تلافيف البيروقراطية المصرية العريقة جدًا. عندما وجدت السلطات فى القصة أن الأهالى فى حاجة إلى طريقة ليشربوا منها فى طريق لا مشرب فيه، قررت وضع زير ليشرب منه الناس، وبالفعل تم شراء الزير وبدأ الاستعداد لاستخدامه، لكن تبين أن الزير لابد أن يملأ بالماء والماء يحتاج إلى سقا ليحضره، فتقرر تعيين سقا لإحضار الماء للزير يوميًا.

بعدها اكتشفت السلطات أن مكان جلب الماء بعيد لدرجة أن السقا لا يمكنه حمل القربة كل هذه المسافة، لذلك اجتمعت اللجنة المسئولة وقررت تأجير حمار يساعد السقا فى جلب الماء.

سعد أعضاء اللجنة بتلك الفكرة العبقرية، لكن اكتشفوا أن الحمار لابد أن يتناول وجبة أو أكثر خلال ساعات العمل وإلا لن يستطيع القيام بعمله كما يجب، لذلك اتخذت اللجنة قرارًا بشراء البرسيم للحمار لكن تبين أنه لابد من تعيين شخص يكون مسئولًا عن شراء البرسيم خاصة أن البرسيم عهدة. وتم تعيين شخص يكون مسئولًا عن إطعام الحمار.

أحد أعضاء اللجنة رأى أن ترك الزير فى العراء يعرضه للسرقة لذلك لابد من تعيين حارس الزير فهو مال عام، وتم بالفعل تعيين حارس للزير وتخصيص مرتب له، وكان لابد للحارس من سلاح يحمى به الزير فتقرر شراء سلاح للحارس وترخيصه. وفكرت اللجنة أن الحارس لابد أن يعمل ساعات محددة بعدها يعود إلى بيته ففكر أعضاء اللجنة أنه يمكن بناء بيت صغير للحارس بجوار الزير وبالفعل بنوا بيتًا للحارس بجوار الزير. لكن البيت لا يمكن أن يبقى خاليًا من الأثاث وأدوات الطبخ وبقية احتياجات البيوت فتقرر تشكيل لجنة لتشترى هذه الأشياء.

بالنظر إلى كل هذه المصروفات كان لابد من وجود قسم للمراجعة المالية حتى لا يهدر المال العام وتم بالفعل إنشاء قسم للمراجعة المالية. بعد فترة تبين أن هؤلاء الأشخاص صاروا موظفين بشكل رسمى لذلك كان لابد من تسوية أحوالهم الوظيفية فخُصص لهم قسم فى الشئون الإدارية يقتصر عمله على متابعة أحوالهم.

هكذا نمت وترعرعت شبكة العاملين فى مشروع الزير لدرجة أن السلطات الأعلى رأت ضرورة إنشاء إدارة تسمى إدارة عموم الزير ويرأسها مدير عام ويستكمل بقية الأقسام بها وذلك لضبط العمل المرتبط بالزير.

لو دخلت أى محطة مترو خاصة فى وسط القاهرة، اقرأ الفاتحة للدكتور حسين مؤنس.