بايدن في امتحان صعب.. خفض تصنيف أمريكا يكشف فشل السياسات الاقتصادية

الرئيس الأمريكي جو بايدن
الرئيس الأمريكي جو بايدن

شهدت الأسواق المالية العالمية ارتجاجات عنيفة بعد قرار مفاجئ من وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني بتخفيض تقييمها للولايات المتحدة الأمريكية من الدرجة النموذجية "AAA" إلى "AA+"، وهو ما يعد إنذاراً خطيراً بتدهور المركز المالي والائتماني لأكبر اقتصاد عالمي.

وجاء هذا القرار الصادم في وقت تواجه فيه أسواق المال العالمية تقلبات حادة بسبب مخاوف الركود وارتفاع التضخم، مما قد يؤجج موجة جديدة من عدم اليقين وانهيار الثقة في متانة الاقتصاد الأمريكي.

وحذر خبراء اقتصاديون من أن خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة قد يكبد خزينتها مليارات الدولارات سنوياً نتيجة ارتفاع تكلفة الاقتراض، كما يهدد بتدفق رؤوس الأموال إلى الأسواق الآمنة، ما قد يضعف الدولار ويزيد عجز الميزانية.

خفضت وكالة "فيتش" التصنيف الائتماني للولايات المتحدة الأميركية يوم الثلاثاء 3 أغسطس 2023 من AAA إلى AA+، في خطوة وصفها الكثير من المراقبين بالمفاجأة، على الرغم من أن الشركة حذرت في شهر مايو الماضي من أنها ستقدم على خفض التصنيف الائتماني لأكبر اقتصاد في العالم.

ويعني خفض تصنيف الائتمان يعني أن الولايات المتحدة لن تكون قادرة على الاقتراض بسعر فائدة منخفض كما كانت سابقًا، مما يزيد من تكاليف الاقتراض. وهذا يؤثر على الشركات والحكومات والأفراد الذين يعتمدون على السندات الأميركية كأداة للاستثمار والاقتراض.

وفي تقريرها، أشارت وكالة فيتش إلى أن الدين الحكومي الأمريكي يعد هو الأعلى في العالم، حيث يبلغ مستوى الدين العام 109% من الناتج المحلي الإجمالي. كما أن التقرير أشار إلى أن الاقتصاد الأمريكي بدأ في التباطؤ، وأن معدلات النمو لم تعد تلبي التوقعات.

وعلاوة على ذلك، فإن الوكالة أشارت إلى تعثر التشريعات الحكومية في الولايات المتحدة وتأخرها في اتخاذ الإجراءات اللازمة للحد من هذه المخاطر، مثل تأخر الموافقة على موازنة الحكومة والإصلاحات الضريبية.

وأشارت تقارير أمريكية إلى أن الخطوة أثارت ردود فعل سريعة على السوق، حيث تراجعت أسواق الأسهم العالمية، بدايةً من وول ستريت، إلى أوروبا، وحتى الأسهم الآسيوية، وارتفع عائد سندات الخزانة أجل 10 سنوات و30 عاما، فيما ارتفع الدولار إلى أعلى مستوى في 4 أسابيع متجاهلاً قرار "فيتش".

وأشار المحللين ومراقبي السوق وشركات الأبحاث، إلى أن خفض التصنيف الائتماني قد يؤدي إلى زيادة تكاليف الاقتراض للحكومة الأمريكية والشركات الكبرى، وقد يؤدي أيضًا إلى تقليل الاستثمارات الأجنبية في الولايات المتحدة. وعلاوة على ذلك، يمكن أن يؤدي إلى تدهور قيمة الدولار الأمريكي في الأسواق العالمية.

وأشارت شبكة سي أن ان إلى أن هذا الخفض في التصنيف الائتماني يأتي في ظل تزايد الدين العام الأمريكي، الذي تجاوز 30 تريليون دولار في عام 2023، وهو أمر يثير قلق المستثمرين والمراقبين على حد سواء، مضيفة أن خفض التصنيف الائتماني للولايات المتحدة يأتي في ظل تصاعد المخاوف بشأن تباطؤ الاقتصاد العالمي، وتأثير جائحة كوفيد-19 على الأسواق العالمية.

وتعد هذه الخطوة تعد تحذيرًا للحكومة الأميركية بضرورة التعامل مع تزايد الدين العام، والتحرك بشكل أكثر فعالية للحد من العجز في الميزانية وتحسين صحة الاقتصاد، وهي خطوة قد تؤدي إلى تحفيز الكونغرس على اتخاذ إجراءات لتحسين الوضع الاقتصادي والمالي للبلاد.

ومن جانبها، أعربت وزارة الخزانة الأميركية عن استيائها من خفض تصنيف الائتمان للولايات المتحدة، مشيرة إلى أن الاقتصاد الأميركي يتمتع بصحة جيدة وأن الحكومة تتخذ الإجراءات اللازمة لتحسين الوضع المالي للبلاد.

يذكر أن وكالة "فيتش" هي واحدة من أهم وكالات التصنيف الائتماني في العالم، وتستخدم تصنيفاتها في تحديد تكلفة الاقتراض للشركات والحكومات والمستثمرين في جميع أنحاء العالم. وتتخذ الوكالة قراراتها بناءً على تحليل شامل للوضع المالي والاقتصادي للدول والشركات، وتسعى إلى توفير تحليلات دقيقة وشفافة للمستثمرين والشركات والحكومات في جميع أنحاء العالم.