يا فاطمـــة أنـــا علـــى ..قصة يرويها لكم: هانئ حسين حسن مباشر

يا فاطمـــة أنـــا علـــى ..قصة يرويها لكم: هانئ حسين حسن مباشر
يا فاطمـــة أنـــا علـــى ..قصة يرويها لكم: هانئ حسين حسن مباشر

التاريخ الاسلامى مليىء بالقصص العظيمة فى شتى المجالات، فى الحرب مثلًا ستجد عشرات من القصص فى التضحية والفروسية،  وفى السياسة ستجد العشرات من القصص فى الحكمة والقيادة، وكذلك الأمر فى الحب ستجد عشرات القصص فى الإسلام عن الحب فحتى فى العشق والحب المسلمون يعلموك أصوله!.


هوأول من صدق الرسول صلى الله عليه وسلم - وإنضم إلى صفوف المسلمين من الصبيان، كما إنه إبن عمه أبى طالب وكان لقبه الأثير «كرم الله وجهه» لأنه لم يسجد لصنم قط..
( هى )..

اقرأ ايضاً| أحمد عطية صالح يكتب:مصطفى بكرى فى كتابه الطريق إلى ٣ يوليو..لماذا انتصر الجيش لثورة الشعب


إبنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والسيدة خديجة بنت خويلد رضى الله عنها، وقد ولدت قبل البعثة النبوية بخمس سنوات، وكانت هى الأبنة الرابعه، وبعد وفاة أمها تولت رعاية رسول الله وصد الأذى عنها بكل ما أوتيت حتى أُطلق عليها لقب «الزهراء.. أم أبيها»!..


لم يكن مجرد زواج تقليدى ذلك الذى جمع بين الإمام على بن أبى طالب «كرمه الله وجهه» والسيدة فاطمة «الزهراء»، صحيح أنه كان متوقعا، فعلى «رضى الله عنه» قد تربى فى بيت النبى - عليه الصلاة والسلام - ومن الطبيعى أنه يعرف فاطمة «الزهراء» ويعرف طباعها وتفاصيل حياتها وطريقة تفكيرها وغيرها من الصفات..


لكن كل ذلك فى كفة وما كتب وقدر فى المكتوب شيئ آخر..كتب وقدر أن يكون «الحب» هو الرابط،لقد كان «على كرم الله وجهه» أول هاشمى من أبوين هاشميين، واجتمعت له خلاصة الصفات التى اشتهرت بها هذه الأسرة الكريمة، كما يقول الكاتب الكبير عباس محمود العقاد - وهو ما ساهم فى تقارب سماته وملامحه فى كثير من أعلامها المقدمين، وهى فى جملتها النبل والأيد والشجاعة والمروءة والذكاء، عدا المأثور فى سماتها الجسدية التى تلاقت أو تقاربت فى عدة من أولئك الأعلام..


عندما أصاب القحط قريشا أهاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعميه حمزة والعباس أن يحملوا ثقل أبى طالب فى تلك الأزمة جاءوه، وسألوه أن يدفع إليهم ولده ليكفوه أمرهم، فأخذ العباس طالبا، وأخذ حمزة جعفر، وأخذ النبى عليه السلام «عليًّا»..


وفى البيت الشريف عوضه إيثار النبى بالحب عن إيثار أبيه، لقد كان طفلا مبكر النماء سابقا لأنداده فى الفهم والقدرة، لأنه أدرك فى السادسة أو السابعة من عمره شيئا من الدعوة النبوية التى يَدِقُّ فهمها، فكانت له مزايا التبكير فى النماء كما كانت له أعباؤه ومتاعبه التى تلازم أكثر المبكرين، ولا سيما المولودين منهم فى شيخوخة الآباء..


فنشأ - كرم الله وجهه - رجلا مكين البنيان فى الطفولة والشباب والكهولة، حافظا لتكوينه المكين حتى ناهز الستين..وفى ذات البيت تعلق قلبه الصغير بتلك «الزهراء» الصغيرة، لكنه وكما قلنا رجل منذ صغره فكتب حبه فى قلبه وإن نطقته عيناه.. 


جاء العام الثانى للهجرة، وتبلغ السيدة فاطمة الزهراء الثامنة عشرة من عمرها، ويكثر خطابها من أصحاب الشأن والمكانة، بينما ظل سيدنا على كرم الله وجهه الذى كان يكبرها ببضع سنوات صامتا لا يجرؤ على الكلام، ووالد فاطمة - الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم - يتمنى من قلبه أن ينطق الاحب إليه من الفتية برغبته..


لقد أحب على كرم الله وجهه السيدة فاطمة بنت الحبيب محمد صل الله عليه وسلم كثيرا، وتمنى خطبتها ولكنه لم يتقدم لخطبتها لأنه لا يملك شيئا يليق بمقام العروس ولا بمقام والدها الحبيب صل الله عليه وسلم، واكتفى بالصبر والألم الذى ادمى قلبه، فقد تقدم أبوبكر الصديق وعمر بن الخطاب وعبدالرحمن بن عوف لخطبتها لكن النبى صل الله عليه وسلم رفض طلبهم لزواج من أبنته لعلمه بميل قلبها الطاهر لعلى ابن أبى طالب..


حتى أن بعض المقربين من سيدنا على قالوا له: هل علمت أن فاطمة خُطِبَت من رسول الله؟ فقال: لا، فقالوا: فقد خطبت، فما يمنعك أن تأتى رسول الله فيزوجك بها؟!..
فقال: أو عندى شيء أتزوج به؟!
فقالوا: إنك إن جئتَ رسول الله صلى الله عليه وسلم زوجك..
وظلوا يلحون عليه...
حتى دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما أن قعد بين يديه أُفْحِمُْ، فوالله ما استطعاع أن يتكلم جلالة وهيبة.. 
- قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ما جاء بك، ألك حاجة)؟!..
«لم ينطق على وظل على سكوته»
قبل أن يقول له الرسول صلى الله عليه وسلم: (لعلك جئت تخطب فاطمة )؟!..
• فنطق علي: نعم.
- فقال الرسول: (وهل عندك من شىء تستحلها به)؟!
• علي: لا والله يا رسول الله
- الرسول: (فأين «دِرْعُكَ الْحُطَمِيَّة» التى سلحتك بها يوم كذا)؟!..
• علي: هى عندى - درع يستخدمها المحاربين - فوالذى نفس على بيده إنها لحُطَمِيَّة ما قيمتها أربع مائة دراهم..
- الرسول: ( هى «صداق» فاطمة.. قد زوجتك إياها )
•• وعلى الرغم موافقة النبى - عليه الصلاة والسلام - على سيدنا على، فقد كان يحبه ويعتز به، إلا أن ذلك لم يكنه من أخذ رأى السيدة فاطمة، فلما سألها «سكتت»  فعرف النبى،  عليه السلام أنها موافقة...
- لقد كان جهاز بيت العروسين السيدة فاطمة الزهراء والإمام على كرم الله وجهه عبارة عن «قطيفة»، و»قِرْبَة»، ووسادة من جلد «حشوها ليف أو نبات» اشتراهم سيدنا علي، وجهز لها رسول الله صلى الله عليه وسلم سريراً مشرطاً بالشرط!..
لتبدأ حياة زوجية هى النموذج الأروع للحب، على الرغم من انهما عاشا حياة كلها بساطة وتواضع فقد كانت هى رضى الله عنها تعمل فى بيتها مما ترك أثرا على يديها ورقبتها..
ويوما شعرت بالتعب فلجأت لوالدها النبى صل الله عليه وسلم وطلبت منه أن يعطيها خادمة تعينها على أعمال المنزل التى لا تنتهي، فنصحها النبى صل الله عليه وسلم أن تواظب على ذكر الله تعالى لكى يسهل عليها إلا أن الإمام على بن أبى طالب رضى الله عنه وأرضاه كان من أكثر المتغزلين فى حبيته السيدة فاطمة الزهراء ابنة الرسول الكريم فلم يستح فى أن يسطر فيها شعر التغزل وهى لم تستح فى أن تبادله حبها بأبيات شعرية..
- لقد اعتاد الإمام أن يقبل يد زوجته، وكان حديثهما فى غاية التأدب، وكانا لا يعطيان ظهورهما لبعضهما أثناء الحديث، وهو ما ترجمه الإمام فى شهادته بحبه لابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حينما قال: فأحببتها حباً عظيماً فوالله ما ناديتها يوماً يا فاطمة ولكن كنتُ أقول يا بنت رسول الله، وما رأيتها يوما إلا وذهب الهم الذى كان فى قلبي، والله ما أغضبتها قط ولا أبكيتها قط ولا أغضبتنى يوما ولا آذتنى يوما، ووالله ما رأيتها يوماً إلا وقبلت يدها»!..
- وبلغ حجم غيرته عليها انه‏‎ «كرم الله وجهه» عندما دخل عليها، رآها تستاك بسواك من أراك فقال لها فى بيتين جميلين عجيبين:
«حظيت يا عود الأراك بثغرها - أما خفت يا عود الأراك أراكَ
لو كنت من أهل القتال قتلتك - ما فاز منى يا سِواكُ سِواكَ»..
• وعندما أراد سيدنا على ابن أبى طالب أن يتزوج من ابنة أبى جهل وهو متزوج من السيدة فاطمة ابنة النبى عليه الصلاة والسلام، فقال النبى: «إِن فاطمة بضعة منى وإنى أكره أن يسوءها، والله لا تجتمع بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبنت عدو الله عند رجل واحد فترك»..
وأضاف «إِن بنى هاشم بن المغيرة ‏استاذنوا فى أن ينكحوا ابنتهم على بن أبى طالب، فلا آذن ثم لا ‏‏آذن ثم لا آذن ثم لا آذن إِلَّا ان يريد ابن أَبى طالب أن يطلق ابنتى وينكح ابنتهم»..
‏وهنا اشترط النبى أن تطلق ابنته إذا تزوج أخرى!.
«يقول الإمام ابن القيم إن النبى هنا كأنه اشترط عليه ألا يتزوج على فاطمة أو يتصرف بما يؤذيها»
•• ذات يوم كانت زوجات الرسول «صلى الله عليه وسلم» عنده، فى بداية مرضه الأخير وقبل أن يشتد عليه، وفجأة طلب دعوة السيدة فاطمة الزهراء حيث قال:
«ادعُ فاطمة فإنّها أنسه فوق كل أُنس»!..
فجاءت فاطمة - والله ما تخطى مشيتها مشية رسول الله، وإنها لأصدق الناس لهجة وأشبه الناس به فى كل شيء؛ سمتاً وقولاً وخلقاً وكلاماً ووجهاً - فدخلت عليه صلى الله عليه وسلم، فابتعدن الأزواج عنه قليلا فأدنی بنته فاطمة فسارها فى أذنها بكلام فإذا بفاطمة تبكى ثم أدناها فسارها أخرى فضحكت!..
- تقول السيدة عائشة: عجبا ما رأيت ضحكة أقرب إلى بكاء من هذا اليوم!.. کیف بإنسان يبكى ويضحك مباشرة هكذا!!..
• فتعجبت وأخذت تقول لفاطمة: «ما قال لك أبوك»؟!..
- «والله ما كنت لأفشى سر رسول الله»..
•• بعد ذلك بفترة قصيرة توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكته ونعته وقالت لأنس لما رجع من دفن رسول الله وكان عليه أثر الغبار: «يا أنس ما صنعتم»؟!..
- قال: «دفنا رسول الله»!..
• قالت: «أطابت أنفسكم يا أنس أن تحثّو التراب على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم»؟!..
- قال لها: «والله يا بنتَ رسول الله ما ندرى ما صنعنا فوالله ما أن وضعناه وأهلنا التراب حتى أنكرنا أنفسنا»!..
• فأقبلت تمشى حتى جاءت إلى قبرِ أبيها فوضعت يدها على القبر وعلى التراب ثم مسحت عينيها وقالت: 
ماذا على من شمَّ تُربة أحمد | أن لا يشم مدى الزمانِ غواليا
صبَّت عليَّ مصائبٌ لو أنّها | صبَّت على الأيامِ عُدنَ لياليا
•• أصبحت لا تطيق الحياة بعد ذلك، فقد فقدت أمها وأخواتها واليوم تفقد هذا الحبيب، فكيف تستطيع أن تعيش بعده وقد تقطعت أكبادها رضى الله عنها!..
- وتزورها السيدة عائشة - رضوان الله عليها - وتسألها: «بحقى عليك يا فاطمة ألا ما أخبرتينى ماذا قال لك أبوك»؟!..
- قالت: إنه لما سارنى فى المرة الأولى قال: «يا فاطمة إن جبريل يدارسنى القرآن فى كل عام مرة، ولقد دارسنى فى رمضان هذا العام مرتين، وإنه قد دنا منى الأجل وإنى ميت من مرضى هذا.. فبكيت، ثم قال: «أما ترضين يا فاطمة أن تكونى سيدة نساء العالمين، وأن تكونى أول أهل بيتى لحوقا بي» ففرحت!..
لحظتها انهمرت الدموع من عين سيدتنا عائشة رضوان الله عليها ثم تحتضن السيدة فاطمة الزهراء التى كان عمرها فى ذلك الوقت ٢٩ سنة..
قبل ذلك وبعد عدة أيام من وفاة الحبيب المصطفى مال عليها سيدنا على كرم الله وجهه محاولا إخراجها من حالة الحزن التى هى فيها، فأخبرته بحديثها مع الرسول صلى الله عليه وسلم فبكى علي، وقال أبيات من الشعر يقول فيها:
«لكل اجتماع من الخليلين فرقة - وكل الذى دون الفراق قليل»
وقالت فاطمة لعلى أوصيك أن تدفنى بنفسك ولا تبكى على فراقى ولا تضرب الحسن ولا الحسين..
- وجاءت لحظة الفراق..
حتّى توفّيت رضى الله عنها بعد ٩٥ يوما من وفاة الرسول..
جلس على شاردا، على الرغم من إنه من هو فى قوة إيمانه وأحد رموز الإسلام الكبار، والمثال والقدوة فى الصبر والجلد
قبل أن يجمع قواه بالعافية، ويأمر كل من كان فى الحجرة بالخروج منها وتركه معها وحدهما..
وما أن أغلق الباب عليه وعلى جثمانها، إلا وإقترب منها وهمس فى أذنها:
(يا فاطمة أنا علي)!..
ويسمع كل من كان خارج الغرفة بكائه بحرقة..
لقد غسلها وكفنها بنفسه!..
وحين ساعة الخروج بالجسد الطاهر إلى المستقر الأخير، ينهار ذلك الرجل الذى حمل «باب خيبر» وحده وهو صائم، وقد عجز عن حمله سبعون رجلا، وتخور قواه وهو يبكي، ويخرج الصوت من بين شفتيه ضعيفا واهنا ويقول: 
«أعينونى على حملها»!..
- رفقا بقلوبنا يا علي
ينطقها سيدنا أبوبكر الصديق وهو يسنده مع صاحبه عمر إبن الخطاب، لقد كان الفراق موجع للإمام، فقد غلبه الحزن والألم فى فراق محبوبته، وعند قبرها جلس يتأمل - لا... لقد كان يرى أمامه ملامح وجهها الكريم ويتأمله وهو يقول:
«ما لى وقفتُ على قبورِ مُسلِّمًا..
 قبرَ الحبيب فلمْ يرُدّ جوابي
 أحبيبُ ! ما لك لا تردُّ جوابنـا
 أنسيتَ بعدى خُلَّةَ الأحبـــاب»..
•• فعلا..
«لا شيء أثقل على الإنسان من فراق من يحب»!..