خبير آثار يطالب بتوثيق معطيات ثورة يوليو وتتسجيلها «تراث لامادي» باليونسكو

صورة موضوعية
صورة موضوعية

انطلق من مبنى مجلس قيادة الثورة على شاطىء النيل بيان الثورة وعاش فيه الرئيس جمال عبدالناصر اللحظات التاريخية فى تاريخ مصر ومنها عدوان 1956 وصدرت فيه قرارات الثورة فى أعوامها الأولى وخرجت منه جنازة عبد الناصر عام 1970.

ويؤكد خبير الآثار الدكتور عبد الرحيم ريحان عضو المجلس الأعلى للثقافة لجنة التاريخ والآثار، أن المبنى شيد على الطراز اليونانى القديم على شاطئ النيل مكون من ثلاثة طوابق ويضم 40 غرفة، شيده الملك فاروق عام ١٩٤٩ استراحة للملك ومرسى لليخوت الملكية واكتمل البناء عام ١٩٥١، وبعد قيام الثورة تم تحويله إلى مقر لاجتماعات مجلس قيادة الثورة وشهد أحداثًا تاريخية مهمة وفي إبريل عام ٢٠١٧ أصدرت القيادة السياسية قرارًا جمهوريًا بضم المتحف إلى القصور الرئاسية، ويضم مكتبة تعتبر متحفًا متكاملًا لوقائع الثورة بكل تفاصيلها وكفاح الشعب المصري في مواجهة العدوان وكتب التراجم والمذكرات الخاصة لأعضاء مجلس قيادة الثورة، وقاعة متعددة الأغراض تعكس الهوية المصرية بعد ثورة يوليو ومعرض لأبرز الفنانين التشكيلين الذين أثرت الثورة بوجدانهم فعبروا عنها بإبداعاتهم.        

ويوضح الدكتور ريحان، أن الطابق الأول يضم قاعات العرض المتحفي المكونة من 9 قاعات  بها تاريخ الشعب المصري، القاعة الأولى: لتاريخ محمد على  وما بعدها حيث كان بناء الجيش المصري من أهم مرتكزاتها ساعدت على تشكيل مفهوم الوطنية المصرية، والثانية تاريخ الاحتلال والفساد والخسائر الفادحة في حرب فلسطين فتكونت حركات وطنية سرية ومعلنة كانت أهمها: حركة "الضباط الأحرار" بقيادة البكباشي جمال عبد الناصر ونخبة من رفقاء الدرب والسلاح وحريق القاهرة، والثالثة تاريخ ١٨ يونيو ١٩٥٣ حين ألغت الثورة رسميًا النظام الملكي وأعلنت مصر جمهورية برئاسة اللواء محمد نجيب، والرابعة تسرد لنا تولي اللواء محمد نجيب رئاسة المجلس ثم جمال عبد الناصر والخامسة الوثائق والمسندات وثائق أزمة مارس و"حادث المنشية" والسادسة وثائق جلاء آخر جندي إنجليزي من مصر في ٨ يونيو عام ١٩٥٦ والسابعة وثائق تولي الرئيس جمال عبد الناصر رئاسة البلاد وإنجازاته والثامنة وثائق ما بعد نكسة ١٩٦٧، وحرب الاستنزاف والتاسعة وفاة ا جمال عبد الناصر. 

وينوه الدكتور ريحان، إلى نجوم من أعضاء مجلس قيادة الثورة لمعت فى ميدان الثقافة وهم الدكتور ثروت عكاشة أحد الضباط الأحرار الذى تخرج من الكلية الحربية عام 1939 كما درس فى كلية أركان الحرب خلال الفترة (1945 – 1948)، ثم حصل علي دبلوم الصحافة من كلية الآداب بجامعة القاهرة عام 1951 وعلى درجة الدكتوراه فى الآداب من جامعة السوربون بباريس عام 1960 وقد عين وزيرًا لوزارة الثقافة والإرشاد القومي فى الفترة من 8 أكتوبر 1958 حتى 19 سبتمبر 1960.                                          

وشهدت الثقافة فى ولايته نهضة الآثار والأدب والمسرح والسينما وعمت الثقافة المصرية ربوع الوطن العربى وأصبح عضوًا عاملًا فى المجمع الملكى لبحوث الحضارة الإسلامية مؤسسة آل البيت 1994 وحظى بمكانة دولية رفيعة فقد كان عضو المجلس التنفيذى لمنظمة اليونسكو بباريس 1962 - 1970 ورئيسًا للجنة الثقافة الاستشارية بمعهد العالم العربى بباريس 1990- 1993.         

تمثلت إسهامات الدكتور ثروت عكاشة فى العديد من المشروعات الثقافية والحضارية منها إنقاذ معبد أبوسمبل ومعبد فيلة وحصل على الميدالية الذهبية لليونسكو لجهوده من أجل إنقاذ معابد فيلة وآثار النوبة عام 1970 ومن مؤلفاته معجم المصطلحات الثقافية والترجمات للمسرح المصري القديم وهو من أنشأ أكاديمية الفنون ودار الكتب والوثائق القومية ومتحف محمود مختار وقصور الثقافة فى أنحاء الجمهورية وفرقة الموسيقى العربية والفرقة القومية للفنون الشعبية والسيرك القومى والصوت والضوء فى الهرم والكرنك .                

ويشير الدكتور ريحان، إلى الشخصية الثانية وهو الدكتور أحمد قدرى أحد الضباط الأحرار والمسئول عن طباعة منشورات «الضباط الأحرار»، وقد تولى رئاسة هيئة الآثار المصرية فى الفترة من 1978 إلى 1988 وهو صاحب أكبر نهضة في ترميم آثار مصر الإسلامية فى القاهرة التاريخية وكافة ربوع مصر بعد أن كانت مخازن لبضائع تجار الفاكهة والخضروات وهو من حول المنطقة بين جامع السلطان حسن والرفاعي لمزار إسلامي عالمى وأغلق طريق السيارات بين الجامعين ورمم قلعة صلاح الدين بالقاهرة وقلعته بطابا وأصدرت هيئة الآثار كتابًا عن قلعة صلاح الدين بجزيرة فرعون بطابا فى عهده كان ضمن الوثائق التاريخية التى أثبتت حق مصر فى الجزء المتنازع عليه فى طابا فى ذلك الوقت  ورمم المتحف القبطى ومتحف الفن الإسلامي .        

أشرف الدكتور أحد قدرى على إنقاذ آثار النوبة وأسس مركز إحياء الفن الذى تضمن معهد الحرف الأثرية وصاحب مشروع المائة كتاب وهى سلسلة للثقافة التاريخية والأثرية تحت عنوان نحو وعى حضارى معاصر وحظى بمكانة دولية رفيعة فقد كان عضوًا بالمعهد الأثرى الألمانى ومجلس المتاحف العالمى ومجلس الترميم العالمى والمجلس العالمى لصيانة المناطق الأثرية وجمعية الاستكشافات المصرية بالمملكة المتحدة والمركز القومى للبحث العلمى بفرنسا.

وأردف الدكتور ريحان بأن قصر حليم باشا المعروف خطأ بقصر شامبليون أمام المتحف المصرى استخدم معسكرًا لتدريب الضباط وقت ثورة يوليو 1952، والذى أنشأه الأمير سعيد حليم حفيد محمد علي باشا عام 1895م لزوجته، وأوكل المعماري الإيطالي "أنطونيو لاشياك" تصميم القصر والإشراف على بنائه، الذي استغرق 4 سنوات.

ويطالب الدكتور ريحان بتشكيل لجنة علمية فنية لتوثيق التراث اللامادى والشفهى المرتبط بثورة يوليو المجيدة على أن تقوم اللجنة بتجميع كل الوثائق والمقتنيات التي تتعلق بالثورة وكذلك الأعمال الفنية العظيمة التي خلدت الثورة ولها إلهام خاص في وجدان المجتمع المصرى مثل أغانى عبد الحليم وعبد الوهاب وأم كلثوم وكبار فنانى مصر والأعمال الأدبية والدرامية التي ارتبطت بالثورة والشخصيات التي أثرت في المجتمع المصرى والأفلام المرتبطة بالثورة القديمة والحديثة والمرتبطة بمكتسبات الثورة مثل السد العالى .

وكذلك السير الذاتية والإنجازات للضباط الأحرار الذين تولوا مناصب مدنية من شخصيات سياسية وقانونية وثقافية وفنية وقصص الإنجازات الخالدة من مشاريع قومية مثل السد العالى ومصانع الحديد والصلب والأسمنت والقطاع العام والنهضة العلمية والثقافية والمقتنيات المرتبطة بالثورة ومنها الميكرفون الذى أذاع منه الرئيس السادات بيان الثورة ومجموعة من طوابع البريد التذكارية الصادرة فى الفترة من 1952 إلى 1960 بمناسبة أعياد الثورة والعديد من الوثائق الخاصة بأحداث الثورة وزعمائها، وبعد التوثيق الكامل يقدم لتسجيله تراث لامادى باليونسكو على القائمة التمثيلية.