«كونديرا» يثير الجدل بعد رحيله

 كونديرا
كونديرا

حين تقرأ ما كتبه بعض المثقفين المصريين عن الروائى الفرنسى  كونديرا، ذى الأصل التشيكي، على صفحاتهم الشخصية بعد وفاته، وحكم البعض على نتاجه الأدبى من موقع مواقفهم السياسية، أو قول البعض أن أعماله لا تنتمى إلى فن  الرواية، وفقا لمفهومهم عنه، لا يمكن أن تجد ردا أكثر تعبيرا من قوله فى إحدى تصريحاته الصحفية بصحيفة النيورك تايمز عام 1980، والتى نشرت جريدة الجاريان فور وفاته مقتطفات منه، بأن الناس فى الوقت الحاضر يفضلون الحكم بدلاً من الفهم، والإجابة بدلاً من السؤال، بحيث يصعب سماع صوت الرواية على حماقة اليقين البشرى الصاخبة على حد قول صاحب كتاب «فن الرواية» وروايات «حفلة التفاهة»، و»الحياة فى مكان آخر»، «المزحة»، «الخلود» وغيرها من الأعمال التى حملت تأملاته الفلسفية والفكرية فى إطار مفهومه عن فن الرواية، التى أشار إلى أن لا مكان لها فى عالمنا، حيث أننا نعيش فى عالم من الإجابات وليس أسئلة كما عبر فى تصريحاته الصحفية سابقة الذكر. رحل كونديرا يوم الأربعاء الماضى عن عمر يناهز 94 عاما تاركا مساحة من الجدل حول نتاجه الأدبى وحياته.


ولد كونديرا فى الأول من أبريل عام 1929 فى مدينة برنو التشيكية، وتعلّم ميلان العزف على البيانو من والده لودفيك كونديرا عالم موسيقى ورئيس جامعة جانكيك للآداب والموسيقى ودرس علوم الموسيقى والسينما والأدب. نشر أثناء فترة دراسته شعراً ومقالات ومسرحيات، وألتحق بقسم التحرير فى عدد من المجلات الأدبية، وتخرج عام 1952 عمل كأستاذا مساعدا ومحاضرا فى كلية السينما فى أكاديمية براغ للفنون التمثيلية، ونشر أول دواوينه الشعرية عام 1953، لكنه لم يُعرف على نطاق واسع إلا عام 1963 بعد نشر مجموعته القصصية الأولى «غراميات مضحكة». ألتحق بالحزب الشيوعى فى عام 1948، وتعرّض للفصل عام 1950 بسبب أرائه وإنحيازاته الشخصية، وعاد بعد ذلك عام 1956 إلى صفوف الحزب، ثم فُصل مرة أخرى عام 1970، وبسبب إنخراطه فى العمل السياسى فقد عمله عند دخول الإتحاد السوفياتى تشيكوسلوفاكيا، واضطر إلى الهجرة إلى فرنسا عام 1975 بعد منع كتبه من التداول لمدة خمس سنوات، وعمل هناك فى السلك الأكاديمى حتى حصل على الجنسية الفرنسية عام 1981 وهو فى الثانية والخمسين من عمره، بعد إسقاط الجنسية التشيكوسلوفاكية عنه عام 1978،

على إثر صدور كتابه «الضحك والنسيان»، وفى عام 1995 قرّر كونديرا أن يكتب بالفرنسية، وأصدر روايته «البطء»، ورواية «كائن لا تحتمل خفته» ذات الصيت الأكبر على مستوى العالم، والتى صدرت عام 1984 ثم تحولت إلى فيلم عام 1988 من بطولة دانيل لويس وجوليت بينوش، وعلى الرغم من حصول الفيلم على عدد من جوائز الأوسكار إلا أن رؤية المخرج فيليب كوفمان لم تعجب كونديرا، وقرر عدم السماح بتحويل أعماله مرة أخرى لأعمال درامية، وظل اسم كونديرا بين أبرز الترشيحات قبل إعلان جائزة نوبل فى الأدب، ورغم عدم تتويجه بها إلا أنه حصد عدد من الجوائز الكبرى خلال ست عقود من الكتابة الأدبية إلى جانب منجز أدبى معتبر ترجم إلى عدد كبير من اللغات، وحظت اللغة العربية بعناوين مهمة من هذا المنجز.