«كوم ماريا».. استراحة لمدة ٢٤ ساعة على التل

كوم ماريا
كوم ماريا

13 كيلومترا هى المسافة التى قطعناها من مطرانية ملوى إلى دير أبو حنس، الطرق غير ممهدة تماما، على جانبى الطريق ترعة مياه والأراضى الزراعية فى مشهد يعود بك فى رحلة ذكريات مع الماضى، رأيت أيقونة الريف «الطرمبة» لم تختف والتى كانت من القطع الرئيسية فى البيوت المصرية القديمة ولا يعرفها الكثير من الشباب وحتى من شاهدوها فى طفولتهم قد نسوها بفعل الزمن، شاهدت الفلاحين بالاراضى الرزارعية وهم يطعمون المواشى والحمير وهى تنقل البرسيم.

بعد دقائق وصلنا إلى كنيسة السيدة العذراء رحب بنا كاهنها الأب بموا وبدأ الحديث معنا عن رحلة العائلة المقدسة ومباركتها لعدد كبير من المناطق فى ملوى ومن أهمها كوم ماريا وهو عبارة عن تل من الرمال يعد واحدا من أهم المعالم الأثرية فى مصر، حيث أمضت فيه العائلة يوما واحدا للاستراحة من مشقة الرحلة، وقد استقبلهم الاهالى بحفاوة واكرام.

وقد بنى على هذا التل مبنى على شكل خيمة تذكاراً لزيارة العائلة المقدسة، ويوجد أعلى واجهة المبنى ايقونة كبيرة تمثل زيارة العائلة المقدسة، ويوجد على التل ايضا جدارية تحمل كلمات «مبارك شعبى مصر» تم ترجمتها إلى أربع لغات الكتابة الهيروغليفية والقبطية والعربية والإنجليزية على أربع جدرايات.. ويشهد هذا المبنى احتفالا بمناسبة هروب العائلة الى ارض مصر، وذكرى استشهاد اطفال بيت لحم يوم 3 طوباى الموافق 11 يناير من كل عام، ويعقد الاحتفال غالباً فى أوائل شهر فبراير حتى يتسنى لأكبر عدد ممكن حضور الاحتفال، حيث يشترك فيه عشرات الآلاف من كل الطوائف.

اما الاحتفال الثانى فيكون بمناسبة معجزة العذراء «حالة الحديد» يوم 21 باؤنى والموافق 28 يونيو من كل عام، وأضاف الاب بموا أن التراث المسيحى يروى أن السيدة العذراء أنقذت متياس الرسول فى مدينة برطس اليونانية، بعد أن طلب شفاعتها فجاءت اليه على سحابة وحلت الحديد الذى كان مقيدا به هو ومن معه وانفتحت أبواب السجن وذاب الحديد الذى كان فى المدينة كلها، وعندما علم الوالى بما حدث امن هو وأهل بيته، ولهذا العيد مكانة خاصة وكبيرة فى قلوب الأقباط داخل مصر وخارجها.

ويشهد الاحتفال فى ملوى تجهيز مراكب عليها صور العذراء والعائلة المقدسة ويلبس رجال الدين ملابس الخدمة ويرتلون الألحان وتنشد المدائح ويرفعون صور القديسين ويسيرون نحو 2 كيلو متر يسبحون الله ومعهم الآلاف من الأقباط، ويتحركون من كرمة دير أبو حنس إلى كوم ماريا ليكملوا الاحتفال المهيب.
يضم دير أبو حنس الكنيسة الأثرية التى أنشئت على الطراز البازيليكى وهى ذات ثلاث قباب، وبها هيكلان واحد للعائلة المقدسة والآخر للقديس يوحنا القصير، وبالكنيسة أيقونة يرجع تاريخها إلى 1837 م مرسوم بها القديس يوحنا القصير، وهناك ايقونة رسمها أحد اليونانيين فى أورشليم تمثل زيارة قدسية للأقباط فى القرن 19 إلى أورشليم. وهناك بعض الكتابات اليونانية يعتقد أنها كتبت للرحلة إلى الأراضى المقدسة.