«غادة» ترفرف بين الطرب والأدب وتقول:لدىَّ صوتان: مقروء ومسموع

د. غادة العبسى
د. غادة العبسى

لا تضع الأديبة والمطربة والطبيبة د. غادة العبسى أى حواجز بين مواهبها المتعددة، فالحياة ما هى إلا تجاوز للحواجز، وإطلاق لقدراتنا الكامنة، هكذا تتعامل مع موهبتيها فى الغناء والكتابة، وكذلك مع عملها كطبيبة، حيث لا قواعد تحكم الزوايا الثلاث التى تجول بينها، وحتى زاوية حياتها الشخصية وعثراتها تعتبرها جزءًا من هويتها، وتعلو فوقها وتبدع، ما يدفعها إلى الاستمرار فى العطاء ، وفى الأسابيع الماضية قامت العبسى بإحياء حفل على مسرح معهد الموسيقى العربية، وهو ثالث حفلاتها فى إطار عودتها إلى الغناء، حيث كانت «صوليست» فى دار الأوبرا المصرية بين عامى 1999 و2020.

قدمت إلى الحياة الأدبية خمس روايات، وأحدثها روايتا: «سدرة» عن دار روافد، و«كوتسيكا» عن مركز المحروسة للنشر، بالإضافة إلى ثلاث مجموعات قصصية، وحصدت خلال رحلتها الإبداعية عدة جوائز منها جائزة «دبى الثقافية» عن مخطوط روايتها الأولى «الفيشاوى» الصادرة عن دار الساقي، إضافة إلى جائزة «نازك الملائكة» للإبداع النسوي، وغيرها من الجوائز المحلية والعربية، كما وصلت روايتها «ليلة يلدا» الصادرة عن دار التنوير إلى القائمة القصيرة فى جائزة الشيخ زايد، وجائزة «ساويرس» الثقافية. وحصلت «العبسى» على الزمالة الفخرية فى الكتابة من جامعة «آيوا» الأمريكية.


وتبدو اختيارات «غادة» الغنائية مرتبطة بطبيعة أدبها، وانحيازها لما هو كلاسيكي، وتقول عن ذلك: «قدمت على مدار العام الماضى ثلاث حفلات على مسارح دار الأوبرا المصرية، وبموافقة وتشجيع من رئيس دار الأوبرا د.خالد داغر، الذى أود توجيه خالص شكرى وامتنانى له على هذه الفرصة التى أعادتنى إلى خشبة المسرح بعد انقطاع حوالى عشرين عامًا، وهيأت لى تحقيق حلم عزيز المنال: أن أغنى ما أريد، دون أن يتدخل أحد فى اختياراتي، أو يفرض ذوقا أو لونا غنائيا على صوتي، فغنيت لموسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب وكوكب الشرق أم كلثوم، وغيرهما من رواد الطرب القديم، وكم أنا سعيدة بنجاح أغنيتى الخاصة الأولى «جرى إيه يا ظروف» كلمات الشاعر رضا أبو النجا، وألحان رمزى صبري، لأن الجميع توقع أن الحب سيكون بالطبع هو موضوع الأغنية، لكن فوجئ جمهور معهد الموسيقى العربية المعروف بذوقه الراقى فى حفلى الأخير حيث قدمت أغنيتى للمرة الأولى أن لها حسًا ساخرًا على طريقة الضحكة المصرية الممرورة، بالتنكيت والسخرية».


ونسألها: كيف يمكن رؤية هذا التبادل بين إبداعك الأدبى ونشاطك الغنائي؟
- بالنسبة إلي، كلاهما واحد: الغناء والأدب، كلاهما صوتي، وقتما شئت التعبير بصوتى المقروء كتبتُ، ووقتما شئت التعبير بالموسيقى غنيتُ، ولا يختلف التوجه الفنى للكتابة عن الموسيقى فى مشروعى كثيرا، الوجهة واحدة، والفنان نتاج ما يقرأ ويسمع، فى الأدب يأسرنى المهجور والمنسى من التراث والتاريخ، مغرمة بالشخصية المصرية، وتكوينها وتطورها وتحولها فكرًا ووجدانًا، وفى الموسيقى أبحث دومًا عن نوادر الطرب والتى لا يعرفها الكثيرون، حتى وإن كانت حديثة نسبيا، ويبقى العنصر الأهم فى هذا المشروع المزدوج هو البصمة الخاصة، الخيال، ما الذى بوسعى تقديمه بشكل مختلف عن السائد والشعبوي؟  
 تجاربك الإنسانية لها حضورها فى بعض نصوصك الأدبية خصوصا روايتك «سدرة» هل كانت الكتابة آنذاك وسيلة للتخلص من الألم؟
   - للكتابة سحر خاص، فكما يستطيع كتاب جيد أن ينقلك فى الزمكان، يستطيع الأديب أن يغير واقعه وقدره فى سطور، فإذا كان القدر أراد أن ترحل ابنتى «سدرة» عن عالمي، فكانت محاولاتى فى رواية «سدرة» أن أعيدها إلى الحياة من خلال السطور، والأمر أكثر تعقيدا من المداواة أو العلاج، معروف للجميع الآن مصطلح العلاج بالفن، ولكن يبقى التحدى أن الكتابة قد تخص المؤلف، وتمسه وتعبر عنه، ولكن هى فى الوقت ذاته تخص كل من قرأ وشعر وتفاعل. أعمل حاليا على روايتى الجديدة والتى ستكون فكرتها مفاجأة للقاريء، وبالطبع متأثرة بتجربة إنسانية خالصة عشتُها، وأتمنى أن أنجزها فى أقرب وقت.


هل لديك النية للكتابة فى مجال الموسيقى؟
- فى الحقيقة لدىَّ نية لدراسة الموسيقى، هذا شغفى القديم، وأريد استكمال تعلّم العزف على آلة العود، وبالكثير من القراءة والدرس قد أُمنح بعض الجرأة للكتابة عن الموسيقى: حلم آخر يتجدد كل عام ولا أملّ منه.