أوراق شخصية

عندما غضب طليمات

آمال عثمان
آمال عثمان

أسّست فرنسا عام 1911 أول جمعية للحمير، للتعبير عن امتنان البشر واعترافهم بفضلهم عليهم، وظهرت فكرة تخصيص يوم عالمى للاحتفال بهذا الحيوان عام 2018، لجهوده فى خدمة الإنسان على مر التاريخ، أما فى مصر فقد أسّس زكى طليمات جمعية للحمير فى يوليو1930، كرد فعل على ضغوط الاحتلال البريطانى لإغلاق معهد الفنون المسرحية، لما للحمار من صبر ودأب وقوة تحمل.

 شارك فى الجمعية عدد من المثقفين أمثال شكرى راغب وطه حسين والعقاد ونادية لطفى وأحمد رجب وسيف وانلي، وبلغ عدد أعضائها 30 ألف عضو خلال رئاسة المرسى خفاجة للجمعية، وكان يردد: «يكفى الحمار فخراً أن يكون شعاراً للحزب الديمقراطى الأمريكى»، والحمار ليس حيواناً غبياً كما يدعى البشر، وإنما أكثر ذكاءً من الثعلب الذى يُضرب به المثل فى الذكاء، لكنه يوظف ذكاءه لخدمة نفسه، أما الحمار فيوظف ذكاءه لخدمة الإنسان! ومع ذلك لا يلقى من البشر سوى الجحود ونكران الجميل.

وحينما أراد الشاعر العراقى الساخر أحمد مطر انتقاد البشر، كتب قصة حمار أضرب عن الطعام، فضعف وتدهورت صحته. سأله أبوه: ما بك يا بنى لقد أحضرت إليك أفضل أنواع الشعير وما تزال رافضا الأكل، هل أزعجك أحد؟ رفع رأسه قائلاً: نعم إنهم البشر يسخرون منّا ويصفون أغبياءهم بالحمير، أنحن حقاً كذلك؟! ارتبك الأب ثم أجاب: يا بنى إن معشر البشر خلقهم الله وفضّلهم على سائر المخلوقات، لكنّهم أساءوا لأنفسهم قبل أن يتوجهوا لنا بالإساءة، فهل رأيت حماراً يسرق مال أخيه، أو يقتل حماراً لأنه أضعف؟ هل رأيت حماراً يعامل الآخرين بعنصرية أو يُفرّق بين أهله على أساس طائفي؟ هل سمعت أن حماراً عميلاً لدولة أجنبية يتآمر ضد حمير بلده؟ طبعا لم تسمع بتلك الجرائم الإنسانية فى عالم الحمير، حكِّم عقلك ودعهم يقولوا ما يشاءون، ويكفينا فخراً أننا لا نكذب أو نـقـتـل أو نسرق أو نغتاب بعضنا البعض  أعجب الابن بتلك الكلمات، وقام يلتهم الشعير قائلاً: نعم سأبقى على عهدك بي، أفتخر أننى حمار ابن حمار، ثم أكون تراباً ولا أدخل النار التى وقودها الناس والحجارة.