محمد قناوي يكتب: حسن حداد يرصد ثنائية القهر والتمرد في أفلام عاطف الطيب

محمد قناوي
محمد قناوي

أهم ما يميز أفلام المخرج عاطف الطيب والذي أطلق عليه النقاد"مخرج البسطاء"، انها كانت تحمل ثنائية واحدة محددة وهى ثنائية القهر/التمرد.. تحدث عنها ببراعة وقام بتحليلها بعمق الناقد السينمائى البحريني "حسن حداد" فى دراسة نقدية لأفلام عاطف الطيب، وكانت الطبعة الأولى قد صدرت قبل 23 عاما وتحديدا في مارس 2000 ضمن مطبوعات مهرجان السينما العربية الأول بالبحرين، بالرغم من أنه تم انجاز الكتاب في ديسمبر 1995 وها هو يصدر طبعة ثانية ولكنها منقحة.

وقال حداد في مقدمته: "بالرغم من مرور أكثر من ربع قرن على رحيله، ما زال عاطف الطيب وأفلامه حاضرة بقوة ويُحتفى بها في الكثير من المناسبات، حيث يتناول فيه بالتحليل والنقد تجربة هذا المخرج العربي الشاب الذي رحل عن عالمنا في سن مبكرة بعد أن قدم العديد من الأفلام التي حققت العديد من الجوائز وأكدت على وجود سينما مصرية جديدة لها لغتها الخاصة في معالجة القضايا العربية. 

لا شك أن عاطف الطيب نال إشادات كثيرة من النقاد، الذين أجمعوا على أنه برع في استخدام ممثليه لتوصيل فكرة بشكل واع وجميل حيث استفاد من قدراتهم التمثيلية، بل إنه في بعض أفلامه اعتمد وبشكل أساسي علي تلك القدرات الأدائية مثل أداء العبقري أحمد زكي في فيلمى"الهروب"و"البريء" وأداء نور الشريف، في "ناجي العلي" ومحمود عبدالعزيز في "الدنيا علي جناح يمامة"، لقد جعلنا نتعايش معهم ونتحرك بتحركهم ونتعاطف معهم ، فمن المعروف عنه أنه حريص جدا في اختيار ممثليه وإدارتهم بشكل ملفت للنظر حيث كان الممثل في أغلب أفلام "عاطف الطيب" في أفضل حالاته. لم يتمكن عاطف الطيب من اتمام فيلمه الاخير جبر الخواطر بسبب وفاته فى 23 يونيو 1995.

 الثنائية التي يتحدث عنها الناقد حسن حداد" في كتابه واتفق معه عدد كبير من النقاد ايضا فى أفلام الطيب تبرز قهر السلطة والقانون والمجتمع التى تؤدى إلى التمرد والرفض والثورة من الفرد تجاه السلطة والمجتمع، فقد كان عاطف الطيب حريصاً على أن يقدم أفلاماً تسعى دائماً إلى الصدق الفنى وتتطرق إلى مشاكل الواقع، وتهتم بالمواضيع التى تعبر عن الإنسان البسيط.. الإنسان المحاط بظروف اجتماعية وسياسية واقتصادية ومعيشية صعبة غير آمنة ، كما يتميز عاطف الطيب بجرأة يندر توافرها لدى أقرانه أو من سبقوه في اختيار المشاكل التي يتناولها في أفلامه ، كما تتميز أفلامه عن أفلام كل من سبقه وكل أقرانه بأنها - في أغلبيتها - تعبير ذاتي عن جيله، أو هي تعبير عن جيل الفنان من خلال خبراته الذاتية، فكل أبطال أفلامه رجالا ونساء من جيله تقريبا، فهم جميعا بين شباب ما فوق العشرين في بدايات حياتهم العملية،وحتى منتصف الأربعين، و كل أبطاله تقريبا لا يقبلون الاستسلام للأوضاع المنحرفة المفروضة عليهم، فهم ليسوا شخصيات منسحقة، ربما يكونون مغيبين أو مخدوعين في البداية أحيانا، لكنهم لا يلبثون أن يستردوا وعيهم ويدخلوا في صراع عنيف مع هذا الواقع.

ذكرى رحيل أجرأ مخرجي السينما المصرية 

ويري الناقد "حسن حداد" أن هذا الفنان- يقصد الطيب- آثر إلا أن يُعبر عما يجيش في قلوب وعقول الجماهير، من لوعة وحسرة وانكسار..فأفلامه دائما ما تحمل في أفكارها وموضوعاتها قضايا اجتماعية وسياسية تهم المواطن البسيط، المهموم بقوت يومه، منذ صحيانه في الصباح، حتى ذهابه للنوم في المساء، خلال الإعداد للطبعة الثانية من الكتاب، حرص"حداد" على مشاهدة جميع أفلام عاطف الطيب، مرة أخيرة، ومع نهاية مشاهدة كل فيلم، تتأكد عنده التيمة التي اختارها للكتاب (ثنائية القهر والتمرد في أفلام الطيب).. قهر السلطة والقانون والمجتمع/ التمرد والرفض من الفرد تجاه السلطة والمجتمع. فقد كان عاطف الطيب حريصا على أن يقدم أفلاما تسعى دائما إلى الصدق الفني وتتطرق إلى مشاكل الواقع، وتهتم بالمواضيع التي تعبر عن الإنسان البسيط.. وما أراده عاطف الطيب، قد وجده عند كُتاب السيناريو الأكثر بروزا في الوسط السينمائي "وحيد حامد ـ بشير الديك ـ أسامة أنور عكاشة ـ مصطفى محرم"، وهم كتاب اشتركوا مع عاطف الطيب في طرح نفس الهموم والمشاكل التي تهم المواطن البسيط وتعالج قضاياه الحياتية اليومية"

ينقسم الكتاب إلى فصليين، يستعرض في الفصل الأول بانوراما سينما المخرج عاطف الطيب بالنقد والتحليل، والتي يصل عددها بعشرين فيلماً بدأً من فيلمه الأول (الغيرة القاتلة) الذي أخرجه في عام 1981م، ووصولاً إلى الفيلم ما قبل الأخير وهو فيلم (ليلة ساخنة) في عام 1995، وفي الفصل الثاني من الكتاب، يقدم الناقد حسن حداد رؤية نقدية متفحصة لثيمة القهر والتمرد في سينما المخرج عاطف الطيب، من خلال المواضيع التي يختارها المخرج. يقول الناقد (ينحصر اهتمام عاطف الطيب في اختياره لمواضيع أفلامه، في ثنائية واحدة محددة، ألا وهي ثنائية: القهر / التمرد .. قهر السلطة والقانون والمجتمع / التمرد والرفض من الفرد تجاه السلطة والمجتمع). ولكي يحقق الناقد رؤيته فأنه يبدأ في هذا الفصل بقراءة عناصر العمل السينمائي في تجربة المخرج عاطف الطيب من خلال العديد من الثيمات الهامة والتي يؤكدها المخرج في غالبية أفلامه، هذه الثيمات هي: الموضوع ، السيناريو والحوار ، الزمن ، المكان، عناصر الإخراج الفنية، لذلك يعتبر الكتاب من الكتب النادرة في السينما العربية، والتي تتخصص في قراءة وتحليل تجربة مخرج محدد