حكايات| طقوس قوافل الحج بالسويس.. «خان عجرود» من أهم محطات التزود بالمؤن

صورة موضوعية
صورة موضوعية

كان لقوافل الحج استقبال خاص في السويس، يتحدث عنه، حسن أيوب الرجل الثمانيني، الذي شهد تلك الاحتفالات في صغره.

ويقول إن وصول القافلة التي يتقدمها جمل المحمل كانت حدث هام لأهل السويس لا يثقل عن استقبال العيد.

اقرأ أيضاً | سقيا المياه بطريق الحج القديم .. شاهد على عناية السعودية بضيوف الرحمن منذ 80 عاماً
 
كان للقافلة والمحمل استقبال رسمي عقب وصوله لمحطة القطار، يقول حسن ويضيف كان يحضر الاستقبال حاكم السويس قبل أن تصبح محافظة، ومعه أعيان المدينة والتجار، وبعد وصوله يطوف المحمل شوارع المدينة ويمر على مسجد الأربعين بشارع الجيش، ومسجد الغريب.

وكان الحجاج حريصين على الصلاة في مسجد الغريب، وقراءة الفاتحة للشهيد الذي خاض أول حرب ضد القرامطة الذين قطعوا طريق الحج.

ويشير إلى أن بعد تجهيز القافلة بالمؤن والخبز باللحم، كانوا يغادرون في مراكب عبر ميناء السويس، متجهين إلى الحجاز.
 
عجرود بيت للضيافة
 
كانت القلزم "اسم السويس قديماً" نقطة الانطلاق وبوابة العبور إلى مكة، وكانت قلعة وخان عجرود من أهم محطات العبور والتزود بالمؤن والمياه قبل السفر في براً أو بحراً،
 
 قلعة عجرود ملأت بشرتها ملئ السمع والبصر خاصة في كتابات من مروا بها من الرحالة المغاربة، والأندلسيين، فكانت نهلا وموردا رئيسيا للمياه على طريق الحاج المِصري، تزود به كل الحجاج من مصر وأفريقيا والأندلس"
 
يقول الدكتور سامي عبدالملك مدير عام آثار شرق الدلتا الاسبق والباحث المتخصص في القلاع وطريق الحج المصري، ويكشف أن القلعة أنشئت في عهد المماليك، وشيد الخان المٌحصن في عهد السلطان الناصر محمد بن قلاوون، وهو من سلاطين دولة المماليك البحرية، تحت إشراف الأَمير الحاج سيف الدين آل مَلَك الجوكندار الناصري نائب السلطنة بالديار المصرية.
 
البرج أو القلعة شيدها السلطان الأشرف أبو النصر قَنصوه الغَوري سنة 914هـ/ 1508-1509م، وبإشراف الأمير خاير بك المعمار شاد العمائر السلطانية" يوضح الدكتور سامي عبد الملك، ان القلعة أنشئت بجوار الحصن ثم تطور الأمر واتسعت القلعة.
 
ويضيف أن منهل عجرود الكائن على طريق الحاج المصري اشتمل على العديد من المُنشآت المعمارية مختلفة الوظائف، فيوجد خان حصين للمسافرين، ومساجد وملحقات خدمية، وبئر وبِرَك وقنوات المياه، و جبانة لدفن المتوفين من الحُجاج.
     
ويوضح الخبير الاثري، أن فحص ما تبقى من آثار القلعة يوضح أن هذه المنشآت المعمارية لم تُشيد دفعة واحدة، فالمنشآت المائية كانت أقدمها، أما أول ما تم انشاءه، كان الخان وكان لأجل تخزن ودائع وحاجات الحُجاج.
 
تجارة وحج
 
ويشير إلى أن عجرود كانت في ذلك الوقت بمثابة منهل رئيس، ومكاناً لمبيت قافلة الحاج في رحلة الذهاب والعودة، وعلى طريق التجارة بين مصر وبلاد الشام، وتجارة الشرق العابرة عبر ميناء السويس وموانئ البحر الأحمر واليمن وشرق آسيا.
 
ويقع الخان الحصين في شرق قلعة السلطان قانصوه الغَوري على مسافة 150م، ويفصل بينهما الآن شريط السكة الحديدية الذي دشن في عام 1882، وقد بُني في منطقة منبسطة تمامًا، ولا تزال أطلال الخان تدل على تخطيطه، وإن كان تجريف الأرض المجاورة لعمل السكة الحديد ساعد على ضياع قسم كبير منه.
 
انهيار القلعة
 
وتكاتفت عدة عوامل في تحديد مصير قلعة وخان عجرود، وانتهاء دورها، فقد تراجع دورها بعد عام 1883 م، عندما تغيرت وسيلة سفر القافلة من القاهرة الى السويس وبدلا من الاعتماد على الخيل والجمال، ونقل كسوة الكعبة على جمل المحمل، حلت مكانها السكة الحديد.
 
ويكشف عبد الملك، أنه وفقا للسجلات الملكية فقد هجرت قوافل الحجاج قلعة عجرود بشكل شبه كامل ورسمي في عهد الخديوي إسماعيل عام 1863م، وتم تعمير قلعة نخل والمويلَحَ والوجه، أما عَجْرُود فتم إلغاؤها فى تلك الفترة نظرًا لعدم الحاجة إليها بعد أَن تم تدشين خط سكة حدِيد للقطارات فيما بين القاهرة وميناء السويس، وبدأ العمل فيه عام 1856 م.