«خطبة الوداع»| حج النبي لمرة واحدة وهذه وصاياه للأمن والاستقرار

بيت الله الحرام
بيت الله الحرام

حج النبيُ محمد صلى الله عليه وسلم، مرة واحدة في عُمره، في السنة العاشرة من الهجرة وذلك بعد فتح مكة، ودَّع فيها أصحابه وأُمَّته؛ ولذلك سميت بحجة الوداع.


خطبة للأمن والاستقرار
وخلال حجة الوداع قدم النبي -صلى الله عليه وسلم- للمسلمين، القواعد التي تضمن للإنسان والمجتمع حياة آمنة ومستقرة، وكذا التطور والنَّماء للفرد خاصة وللمجتمع بصفة عامة، من خلال خطبته.

خرج النبي محمد صلى الله عليه وسلم إلى حجة الوداع، في الخمس الأواخر من شهر ذي القعدة من السنة 10هـ؛ من المدينة المنورة متوجّهاً إلى الحجّ، مؤذنا في الناس بالحجّ؛ فخرجوا معه.

نزول آية إتمام الدين:
خطب الرسول عليه الصلاة والسلام خطبة تحدث فيها عن حرمة يوم النحر، وفضله عند الله، وعن حرمة مكة، وأمر الناس بالسمع والطاعة، وبأخذ المناسك عنه، وبعد أن انتهى أذّن المؤذن وأقام، وصلّى الرسول بالنّاس صلاة الظهر، ثم صلى صلاة العصر، وبعد ذلك توجه حتى وصل موقف عرفات، واستقبل القبلة، واستمر على هذه الحال حتى غروب الشمس، وفي تلك الأثناء نزل عليه قول الله تعالى: «الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا».

 

خطبة حجة الوداع:
«إنَّ دماءَكُم وأموالَكُم علَيكُم حرامٌ كحُرمَةِ يَومِكُم هذا في شَهْرِكُم هذا في بلدِكُم هذا، ألا إنَّ كلَّ شيءٍ من أمرِ الجاهليَّةِ تحتَ قدميَّ مَوضوعٌ، ودماءُ الجاهليَّةِ مَوضوعةٌ، وأوَّلُ دمٍ أضعُهُ دماؤُنا: دمُ ربيعةَ بنِ الحارثِ بنِ عبدِ المطَّلبِ كانَ مُستَرضعًا في بَني سعدٍ فقتلَتهُ هُذَيْلٌ، ورِبا الجاهليَّةِ مَوضوعٌ، وأوَّلُ رِبًا أضعُهُ رِبانا: رِبا عبَّاسِ بنِ عبدِ المطَّلبِ فإنَّهُ مَوضوعٌ كلُّهُ، اتَّقوا اللَّهَ في النِّساءِ، فإنَّكم أخذتُموهنَّ بأمانةِ اللَّهِ، واستحلَلتُمْ فروجَهُنَّ بِكَلمةِ اللَّهِ، وإنَّ لَكُم علَيهنَّ أن لا يوطِئنَ فُرشَكُم، أحدًا تَكْرهونَهُ، فإن فعلنَ فاضربوهنَّ ضربًا غيرَ مُبرِّحٍ، ولَهُنَّ علَيكُم رزقُهُنَّ وَكِسوتُهُنَّ بالمعروفِ، وإنِّي قد ترَكْتُ فيكُم ما لن تضلُّوا بعدَهُ إنِ اعتصَمتُمْ بِهِ: كتابَ اللَّهِ وأنتُمْ مَسئولونَ عنِّي، فما أنتُمْ قائلونَ قالوا: نشهدُ أنَّكَ قد بلَّغتَ، وأدَّيتَ، ونصحْتَ، ثمَّ قالَ: بأُصبعِهِ السَّبَّابةِ يرفعُها إلى السَّماءِ وينكبُها إلى النَّاسِ: اللَّهمَّ اشهدْ، اللَّهمَّ اشهدْ، اللَّهمَّ اشهدْ».
اقرأ أيضا:المفتي: فتح مكة انتصارٌ عظيمٌ للإسلام والمسلمين
 

ما فعله النبي بعد طواف القدوم:
بعد طواف القدوم، خرج النبي صلى الله عليه وسلم من باب الصفا، فلما دنا من جبل الصفا قرأ:«إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا وَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَإِنَّ اللَّهَ شَاكِرٌ عَلِيمٌ» [البقرة: 158].

 
وعن عَمْرُو بْنُ دِينَارٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: «قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكَّةَ فَطَافَ بِالْبَيْتِ، ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ، ثُمَّ سَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالمَرْوَةِ»، ثُمَّ تَلاَ: «لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ إِسْوَةٌ حَسَنَةٌ». أخرجه البخاري.


«فَبَدَأَ بِالصَّفَا، فَرَقِيَ عَلَيْهَا، حَتَّى بَدَا لَهُ الْبَيْتُ، فَقَالَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، يُحْيِي وَيُمِيتُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، فَكَبَّرَ اللَّهَ وَحَمِدَهُ، ثُمَّ دَعَا بِمَا قُدِّرَ لَهُ، ثُمَّ نَزَلَ مَاشِيًا، حَتَّى تَصَوَّبَتْ قَدَمَاهُ فِي بَطْنِ الْمَسِيلِ».


« فَسَعَى حَتَّى صَعِدَتْ قَدَمَاهُ، ثُمَّ مَشَى حَتَّى أَتَى الْمَرْوَةَ، فَصَعِدَ فِيهَا، ثُمَّ بَدَا لَهُ الْبَيْتُ، فَقَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ، وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، قَالَ ذَلِكَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ: ثُمَّ ذَكَرَ اللَّهَ، وَسَبَّحَهُ، وَحَمِدَهُ، ثُمَّ دَعَا عَلَيْهَا بِمَا شَاءَ اللَّهُ فَعَلَ هَذَا حَتَّى فَرَغَ مِنَ الطَّوَافِ». أخرجه النسائي.