«لا يموت».. قصة قصيرة للكاتب أحمد فؤاد الهادي

أحمد فؤاد الهادي
أحمد فؤاد الهادي

التفت الساق بالساق.. أدرك أنه الفراق. حَلَّتْ صحوة الموت... ذهب الألم.. صَوَبَ عينيه إلى الحاجز الزجاجي الذي يراه من خلاله زائروه.. لم يتمكن من رؤيتها.. يشعر بعينيها ملتصقة بزجاج النافذة... أومأ بجفنيه... التقطت إشارته.. لمحت ابتسامة تنضح من عينيه... إنه يستدعيها على عجل... هرولت بلا هدى باحثة عن طبيب العناية المركزة الذي أدرك لهفتها فصحبها إلى حيث يرقد محاطا بأجهزة الرصد والمتابعة والإنذار.. الوصلات تتلصص على أداء أعضائه.

اقتربت منه.. بدا كمن يهم بالجلوس من رقدته.. قناع التنفس يحتل معظم وجهه.. رأت ابتسامته بقلبها.. انحنت تقبل جبهته وتحتضن كفيه بكفيها.

برودة تسري في أوصاله تحسها بكلتا يديها.. عيناها لم تغادرا عينيه.. دقائق تمر.. زاغ بصره.. انتفض قلبها.. لم يعد معها الآن.. يبدو مشغولا بآخرين.. لا ترى أحدا سوى الطبيب والممرضة.. أدركت أن هناك من يسلب روحه في رفق.. تركت يديه وأخذت تشيح بذراعيها في الفضاء المحيط بجسده.. تحاول أن تبعد من لا ترى.

أسدلت الجفون وارتخى الجسد.. علت أصوات الإنذار واختفى كل ما كانت تبثه الشاشات.. انكفأت على صدره وعلا نحيبها.. كف صوت الإنذار.

قُضْيَت مراسم الدفن والعزاء.. رفضت كل عروض الأهل أن تقضي ليلتها معهم.. عادت إلى بيتها.. أسرعت إلى غرفة نومه.. رأته نائما في سلام... لم تشأ أن تزعجه.. افترشت الأرض.. راحت في سبات عميق.