إنها مصر

«التنوير» و «التخريف»!

كرم جبر
كرم جبر

لم تنطل على المصريين تخاريف الجماعة الارهابية مثل قدوم جبريل لصلاة الفجر فى رابعة اثناء اعتصامهم، أو أن نبينا الكريم صلى الله عليه وسلم طلب «مرسى» أن يؤمهم فى الصلاة، ولم يبتلع الطعم سوى من حاولوا خداعهم فخدعوا أنفسهم، ويعرفون أنها أكاذيب يتظاهرون بتصديقها لخداع البسطاء.

ووظف المصريون قوتهم الناعمة لتعضيد القوة الصلبة، فى الحشد التاريخى العظيم فى 30 يونيو، ووقفت «ثقافة مصر» حائط صد قوياً لاعلاء شأن «التنوير» فى مواجهة «التخريف»، وانتصرت الهوية المصرية الضاربة فى اعماق التاريخ، والتى خاف المصريون عليها من الإخوان، وهى عصارها وعى طوابير طويلة من عظماء الفن والأدب والثقافة والسياسة الذين يتجاوز عددهم عناصر الإخوان وتنظيماتهم المتطرفة.

استهان الإخوان بتلك القوات الناعمة ولم يفهموها، وظنوا أن مظاهر «الإسلام الشكلي» التى جاءوا بها ونصبوا شباكها حول البسطاء والطيبين، مشفوعة بأكياس الأرز والسكر وزجاجات الزيت، يمكن أن تكون قوتهم الناعمة وتجذب الناس لهم.

فوجئ الإخوان بـ «إسلام حقيقي» يتسلح به المصريون، ويتوافق مع تسامحهم وحضارتهم وثقافتهم، ولا يمكن أن يزايدوا عليه أو يلعبوا به، مكوناته الحضارة والثقافة والفنون والآداب وسماحة الاديان، وهى مزيج من عظمة الفراعنة وعناق المسيحية والإسلام على ضفاف النيل، تحت ظلال التسامح والمودة والتلاحم والانسجام المجتمعي.. أما قوة الإخوان الخشنة التى استعرضوها فى حكمهم فكانت خلطة خشنة، مكوناتها الدفوف الصاخبة و«صليل الصوارى».
■■■ 

« لو» ركب الرئيس الراحل انور السادات رأسه واغتر بقوته بعد انتصار اكتوبر واعتمد على وعود الآخرين، لكانت الدنيا غير الدنيا واستمرت مصر فى دوامة اللاسلم واللاحرب، وظلت مواردها وقدراتها مرهونة على حرب لا تنتهى وسلام لا يتحقق، ولا يمكن لدولة أو شعب أن يتحملا ذلك لسنوات طويلة هذه هى حكمة مصر وخبرة زعمائها.. مصر أولا.

واختار السادات السلام، لأنه يعلم جيداً أن قوته فى بلده وليست فى الآخرين، وأن الدعم الخارجى لبلده يأتى لصالح الآخرين قبل مصلحته، وأن أمريكا ألقت بكل ثقلها بجانب إسرائيل، لتنتصر فى معركة توازن القوى العالمية، وبقائها على رأس النظام العالمي.

 لم يعبأ السادات بأن يغضب منه الحليف الاستراتيجى فى ذلك الوقت «الاتحاد السوفيتي»، بلدى أولاً وأخيراً، ولم يخدع أحداً عندما قال إن 99% من أوراق اللعبة فى يد أمريكا، لأنه يعلم أنها الطرف الوحيد القادر على إجبار إسرائيل على قبول السلام.. اقرأ الفاتحة على روحه كلما استمعت لأخبار المنطقة.