حكاية إسلام المريض المجهول| يعملها الآباء ويجني آثارها الأبناء.. دفع فاتورة انفصال والديه وأصيب بأزمة نفسية

إسلام المريض المجهول
إسلام المريض المجهول

■ كتبت: آمال فؤاد

..فاتورة الطلاق دائمًا وابدًا يدفع ثمنها الأبناء وحدهم؛ حين يجدون صعوبة في السيطرة على مشاعرهم في تقبل فكرة وقرار الانفصال وعدم التكيف معه، فتختلف مشاعرهم حسب فئاتهم العمرية؛ فان كانوا أطفالا قد يشعرون بالإحباط الذي يقودهم إلى العزلة وربما يصابوا بالخوف من المحيطين حولهم، وإن كانوا شبابا في مقتبل العمر قد ينتهي بهم الحال إلى مرض نفسي؛ وهذا ما حدث لشاب عاش مأساة انفصال والديه، وشهد كل أشكال الصراع والخلاف المستمرة بينهما، فكان لما رآه المسكين أثره المدمر على حياته، التي عاشها مليئة بالمتاعب والأزمات النفسية إلى أن وصل به الامر الدخول الى إحدى المصحات النفسية لتلقي العلاج اللازم لحالته، ماهي قصة اسلام ؟ والأسباب وراء سوء حالته إلى هذا الحد؟ وكيف اصبح حديث الناس عبر منصات السوشيال ميديا؟ ولماذا  تعاطف معه الجميع؟، وهنا  يأتي السؤال الأهم؛ كم من حالات مرضية لأطفال وصبية وشباب يعانون امراضًا نفسية نتيجة انفصال الوالدين؟!،ولأن الوصول إلى اسرة الشاب اسلام كان صعبًا تواصلنا مع بعض أصدقائه الذين ذهبوا اليه في المكان الذي يجلس به وقدموا له شتى سبل المساعدة تعاطفًا مع حالته وظروفه، تفاصيل أكثر إثارة نرويها في السطور التالية.

◄ د.علي عبد الراضي: مصاب باكتئاب ما بعد الصدمة

◄ أصدقاؤه : تعاطفنا معه وتكفلنا بمصاريف علاجه

بداية هذا الموضوع كانت عبارة عن «بوست» أثار تعاطف الكثير من الناس عبر وسائل التواصل الاجتماعي تجاه صاحب هذا «البوست»، بدايته عندما التقطت إحدى الفتيات صورة لشاب داخل قطار مترو الانفاق وهو في حالة يرثى لها، تبدو على ملامحه البؤس والحيرة، وتنتابه حالة من عدم الوعي والاتزان؛ يمسك  بيده فرشاة اسنان يستخدمها في تسريح شعره، لم تتردد هذه الفتاة في رفع صورة الشاب هذا عبر أحد «الجروبات» الخاصة بمنطقة حلوان بهدف الاستدلال على هويته والتأكد من سلامة قوه العقلية، طالبة مساعدة الناس له للوصول الى أهله، خاصة أن حالته  كانت غير طبيعية وتنتابه حالة من  الخلل العقلي عندما يهذي ببعض الكلمات غير المفهومة..

◄ المفاجأة
تم نشر وتداول الصورة عبر وسائل التواصل الاجتماعي «فيس بوك» وغيرها واختلفت الاقاويل عبر التفاعل مع «البوست» وعقب ذلك بدأت الناس تتفاعل مع «البوست» وتعاطف مع صورة الشاب واخذوا يشاركون بآرائهم لمساعدته في الوصول إلى أهله، وعقب ذلك  تواصلت إحدى الفتيات مع أصدقائه وكانت المفاجأة حين أكدت لهم؛ انه في الغالب شقيقها وأن هذا الشاب الذي يبدو غير مهندم في ملابسه، أشعث أغبر؛ ويمر بأزمة نفسية ومتغيب عن البيت منذ عامين، وقامت اكثر من مرة بوضع صورة لشقيقها إسلام تشبه صورة صاحب «البوست» وطلبت ضرورة التواصل معها، ولكن تبين بعد ذلك عدم صحة كلامها، والبعض أكد لها؛ ان صاحب الصورة طبيب من المعادي، تعرض  لصدمة نتج عنها عدم وعي واضطرابات نفسية، وتضاربت الاقاويل حول حكايته وغير مستدل على هويته أو اهله، وتفاعل رواد منصات التواصل الاجتماعي مع الصورة مخاطبين من يتعرف على صورته الذهاب اليه ومعرفة قصته، وإن كان يحتاج الى مساعدات للوصول إلى وذويه؛ مما دفع الكثير من رواد مواقع التواصل الاجتماعي لمعرفة قصته، وعلى اثر ذلك قامت «أخبار الحوادث» بالبحث خلف هذا الشاب وما هو السر الذي يخفيه وراء حالته وملامحه التي تحكي معاناته وأوجاعه، وفور ذلك تواصلنا مع العديد من اهل وصناع  الخير الذين وصلوا إلى المكان الذي يجلس فيه هذا الشاب الذي شير الجميع صورته عبر صفحات التواصل الاجتماعي وساعدوه، بعد أن استدل عليه اثنان من أصدقائه بنفس المنطقة التي يعيش بها وتبين؛ أنه يدعى «اسلام»، ارسلوا الى العديد من المتفاعلين والمتابعين البوستات لإخبارهم بأنه تم التوصل اليه.

◄ اقرأ أيضًا |  هل المتهم مريض نفسيا؟!.. مفاجآت في قضية مقتل مُهندس التجمع الخامس

◄ مصارف علاجه
تواصلنا مع بعض الأشخاص من فاعلي الخير وأصدقائه المقربين عبر الهاتف وعقب سؤالهم عن اسرة اسلام وطبيعة المعاناة التي يعاني منها، وهل حالته مرضية أم عارضة؟ وما هي قصته؟ قالوا لنا الحقيقة الكاملة رافضين ذكر أسمائهم.

قال احد أصدقائه وبرفقته أحد أهل الخير الذين بحثوا عنه من اجل مساعدته وتوصلوا اليه، أنه يدعى «اسلام. ر» من منطقة حلوان يعاني من حالة نفسية نتيجة انفصال والده عن والدته، ذهب الشاب ليعيش مع والده وزوجته فعانى من سوء معاملة والده وزوجته له، حيث انهما يتعديان عليه بالضرب طوال إقامته معهما لسنوات، كما ذكر أنه تواصل مع والده بمنطقة إسكان حلوان وزوجته.

واكد لنا ان اسلام اصيب بالمرض النفسي وازداد مرضه بعد طلاق وانفصال والديه، وزواج الام من شخص آخر، وزواج والده من أخرى اخذت مكان والدته وانه كان يترك البيت بالايام والاسابيع والشهور وكانت اسرته لا تعلم عنه أي شيء، لم يكمل تعليمه، وأصيب بحالة من الاكتئاب عقب انفصال والديه، وذكر انه توجه به إلى احدى المصحات النفسية عدة مرات ونظرًا لضيق الحال توقف عن  استكمال علاجه لسنوات وبدأت حالته تزداد سوءًا حتى وصل إلى المرحلة التي هو عليها الآن، وقال صديقه لنا؛ إن الناس كانوا يخافون منه ويعتدون عليه عدة مرات ونتيجة لذلك حرر محضرًا بعدم التعرض له.

واكدوا لي انهم اخبروا الاب؛ بأن نجله معهم وسوف يوفرون له مصاريف العلاج اللازم، وبالفعل قدموا له كل ما يحتاج اليه من مصاريف، ومازالوا معه ولن يتركوه حتى يستكمل علاجه لكي يعود ويعيش حياة طبيعية بعيدًا عن الازمة النفسية التي تسببت له في «عقده» ومشكلات نفسية خطيرة ترتبت على انفصال والده عن والدته.

◄ خلل عقلي
تواصلنا مع الدكتور علي عبد الراضي أستاذ الطب النفسي الذي عرضنا عليه الحكاية فقال: للأسف الانفصال ينتج عنه مشكلات متعددة لدى الأطفال والكبار والمشكلة الأكبر هي طريقة الانفصال التي تكون عبارة عن مشاجرات لا يستوعبها الاطفال والشباب في مقتبل العمر أي في سن المراهقة،فهؤلاء غير مستعدين نفسيا ليجدوا انفسهم بين عشية منقسمين نصفين ما بين الام والأب والصدمات النفسية تظل عالقة في اذهان الأطفال بمرور السنوات.

في علوم النفس والصحة النفسية هناك ما يطلق عليه المعاملة الوليدية بمعنى ان سلوك الاولاد هو خلاصة أو نتيجة المعاملة الوليدية وأي خطأ في هذه المعاملة ينتج عنها سلوكيات عدوانية او عشوائية انحرافية أو مشكلات في تكوين الشخصية عند الاطفال والكبار، فكلما كانت المعاملة سوية كلما كان الأطفال اسوياء وعلى وجه التحديد مثل هذه الحالات تعاني من تهميش وترك مطلق وعدم الرعاية النفسية وفقدان الأمان النفسي والرعاية التربوية تحت مظلة الاب والام نتيجتها الصدمات النفسية للسلوك التي تترك اثرًا سيئا وخطيرًا عند الأطفال وربما تؤدي بهم الى خلل عقلي، كما أن في بعض الأحيان يشعر المريض النفسي انه غير راضي عن نفسه فيقوم بعمل سلوك عكسي نتيجة الخلل العقلي، فيتعدى على الآخرين، لذا دائما نقول للآباء أن مناقشة المشكلات يجب ان يكون بعيدا عن الأبناء، وهذه الحالة التي تتحدثين عنها، حدث لها نوع من أنواع الخلل العقلي نتيجة الاكتئاب، فهناك نوعان من الاكتئاب اكتئاب عرضي يزول بعد فترة، واكتئاب ما بعد الصدمة يصاحبها القلق والتوتر، من المهم ان يتم الانفصال بشكل سليم حتى لا يعود بالسلب على الأبناء لكي لا نرى مثل هذه المأساة تتكرر مع ابناء آخرين.

;