«سنة أولى صالون».. قصة قصيرة للكاتب فراج أبو الليل

الكاتب فراج أبو الليل
الكاتب فراج أبو الليل

ما إن دخلت الصالون وألقيت السلام حتى تهدأ انفاسى الغائبة وترجع .. بدأت عيناي تبحث عن صديق ..المكان مزدحم ...الأعمار مختلطة ..الفتيات والفتيان ..والشيوخ والشبان ...وجدت سيدة تجلس على كرسى وأمامها جهاز (لاب توب) ..سألتها أريد تسجيل الاسم فأشارت بلا اهتمام ..

هناك في الغرفة المجاورة ...امتعضت وسألت نفسى  لماذا الصالون ؟..كنت السيد مع الكتاب أشتمة فلا يرد ...ألقية فلا يغضب...وتذكرت عندما ألقيت بخوسية سراماجوف في خزانة الكتب  وعندما أفرجت عنه وأزحت عنه التراب بعد عام من السجن في تلك الخزانة الموحشة .. ابتسم لى وهش لقدومي... الآن أبحث لك عن صديق تعرفه ....  انتبهت برهة  وأزحت الأفكار بإصبع مرتعش، وأخذت نفس من الهواء الشارد ودخلت في الحجرة التى أشارت اليها السيدة الجميلة  ...

آة لو ابتسمت كانت بعثت بالمساء المعطر لقلبي التائه....رأيت شاباً ثلاثيني العمر جالسا على مكتب فخم ...فقلت في نفسي ربما هو صاحب الصالون  فسلمت عليه  وبادرته بالقول  أنت الدكتور محمد صاحب الصالون ...أومأ برأسه وخرجت كلمة نعم ضعيفة، زادتنى توترا على قلقي ...عاودت الاتكاء على ما تبقى لي من قوة، وقلت بصوت مرتعش أنا شاعر وأكتب الشعر، وكدت أقول قصة قصيرة، ولكنها هربت وأطبقت على شفتاي بالسكوت، وخطفت الهواء خلسة حتى لا يرانى مرتبك، وقلت أريد تسجيل الاسم .. فرد بلامبالاة بعد ربع ساعة في الخارج .. خرجت أبحث عن مكان أجلس فيه.

بدأت أتفحص الوجوه ربما أجد وجها أعرفه أو يعرفني .. ولكني لم أجد .. قلت في نفسي اجلس ولا تتكلم حتى ترى .. بدأ الحفل  بغناء لفتاة بضة جميلة باللغة الإنجليزية .. كدت أصرخ وأثور نحن في حضرة العربية  والشعر والقصة .. وقلت في نفسى يا ليتني قبعت مع كتبي وصديقاتي من القصص الملقاة على مكتبي ...عشرون عاما وهم لا يملون منى  وأملُ منهم .. أصرخ فيهم ويبتسمون لي .. لماذا الصالون وأنت لم تخرج مطلقا إنها المرة الأولى التي أرتاد فيها صالونا أدبي..

تنهدت بحرقة وضممت صدري بزراعي حتى يهدأ.. المكان بدأ بالازدحام أكثر فأكثر .. انتبهت على صوت عذب ينساب بالإنجليزية، فألقيت العربية وارتميت أداعب شعرها الخمري،  ونسيت العربية.. سكت الغناء وقلت يا ليتها تستمر ..الفقرة التالية فيلم قصير .. تنهدت وقلت في نفسي أن تنسحب من توترها وتركز في الفيلم .. انتهى الفيلم وبدأ التعليق .. رفعت إصبعى لأعلق على الفيلم ولكني أنزلته سريعا ربما لا أعجب أحد.. أخفيت إصبعي في جيبي .. تكلم شخص من الحاضرين ربما هو عليم أكثر بالقصة أو جريئ ...ومتمرس في الصالونات ..ولكن وجهه يدل على صغر سنه، ربما في الثلاثين أو الخامسة والثلاثين من عمره .. كرت الفقرات نفسها وبدأت أنسجم مع الجو الجديد.. وأزحت زراعى جانبا  وتنفست لأول مرة منذ جلست تنفسا طبيعيا ... تقدمت فتاة أنيقة  للمقدمة وبدأت تقرأ قصتها على الحضور.. فارتطمت كلماتها بوجهى البارد .. فتنبه لحرارة تلسع قلبي، جعلتني أتجاوب مع المناخ المزدحم والحوارات المثمرة والفضاء الجديد.. تمالكت نفسى وتشجعت وبدأت أتبادل أطراف الحديث مع الشخص المجاور لي .. وخرجت من الصالون وأنا لا أريد الخروج .. وبدأت أبحث عن صالون آخر بعيدا عن غرفتي المغلقة.