الحوار الوطنى يناقش أولويات الاستثمارات العامة

الخبراء يضعون روشتة الإصلاح الهيكلى .. ومطالبات بإعادة بناء الثقة مع المستثمرين

جانب من مناقشات جلسة لجنة الاستثمارات العامة بالحوار الوطنى
جانب من مناقشات جلسة لجنة الاستثمارات العامة بالحوار الوطنى

المشاركون: الالتزام بالحياد التنافسى وإعادة النظر فى البنية التشريعية والتنظيمية للهيئات العامة الاقتصادية

شهدت جلسة لجنة أولويات الاستثمارات العامة وسياسة ملكية الدولة .. المندرجة تحت المحور الاقتصادى بالحوار الوطنى مناقشات مهمة حول أولويات الاستثمارات العامة وملكية وإدارة أصول الدولة وتمويل الاستثمار العام، حيث أوصى المشاركون بضرورة بناء الثقة مع المستثمرين من خلال تنفيذ وثيقة سياسات ملكية الدولة بالتخارج من القطاعات المختلفة .. من خلال إعلان برنامج تنفيذى مرتبط بإطار زمنى ومؤشرات قياس أداء واضحة.


كما شددوا على ضرورة الالتزام بالحياد التنافسى وإعادة النظر فى البنية التشريعية والتنظيمية للهيئات العامة الاقتصادية، كذلك شركات القطاع العام ، واتفق المشاركون على ضرورة الالتزام بإنفاذ التعاقدات وتعزيز الشفافية والإفصاح الحكومى وتوسيع مجال الشراكة بين القطاعين الخاص والعام ، من خلال وضع أدلة ونماذج استرشادية لأنواع الشراكات المختلفة وتبسيط وخفض تكلفة الامتثال الضريبى والقانونى للشركات المختلفة.
استيعاب الواقع
وخلال كلمته أكد د. أحمد جلال مقرر عام المحور الاقتصادى أن المناقشات فى الاقتصاد تحتاج إلى استيعاب الواقع الفعلى وفرصه والتحدث على أساس ذلك.. مشيراً إلى أن موضوع الجلسة موضوع مهم ومعقد ويحتمل آراء كثيرة، مؤكدا أن المناقشات ستكون مهمة، نظرا لأهمية الاستثمارات العامة ودور الدولة فى الاقتصاد، وما يحتويه من وجهات نظر مختلفة وأطروحات مختلفة.
وأكد أن ما يصلح فى وقت ما قد لا يصلح فى أوقات أخرى، فإن كان وجود الدولة فى الاقتصاد صحيحا فى أوقات استثنائية قد لا يصلح للمرحلة المقبلة، موضحا أن الإدارة الرشيد هى التى تتفهم مقتضيات كل مرحلة وأن الدول لا تعيش على الاستثناء.. كما أوضح أن هناك عدة منطلقات عند الحديث عن الاقتصاد ودور الدولة فيه، بعضها أيديولوجى وبعضها الآخر أكاديمى وغيرها، مشيرا إلى ضرورة دراسة الواقع الفعلى وفرصه والتحرك والتحدث على أساسها.


عدالة المنافسة
من جانبه قال د. أيمن محسب مقرر لجنة أولويات الاستثمارات العامة وسياسة ملكية الدولة بالحوار الوطنى إن مناقشات اللجنة ستهتم بمناقشة أولويات الاستثمارات العامة ومحور ملكية الدولة وإدارة أصولها .. مشيرا إلى أن صندوق مصر السيادى نجح فى جذب استثمارات بقيمة 3.3 مليار دولار من الصناديق السيادية العربية الأخرى خلال العام المنصرم 2022 وكانت أهم القطاعات التى تلقت تلك الاستثمارات: الهيدروجين الأخضر، والسياحة، والاستثمار العقاري، وتطوير الآثار، والصناعة، والخدمات المالية، والتحول الرقمي، والتعليم.
ولفت محسب الى أن لجنة أولويات الاستثمارات العامة وسياسة ملكية الدولة، معنية بمناقشة أولويات الاستثمارات العامة، مع تسليط الضوء على هيكل الاستثمارات العامة ومدى إسهامها فى تحقيق التنمية المستدامة، والجهات المعنية التى تقوم بالاستثمارات العامة، ومدى التزامها بقواعد عدالة المنافسة مع القطاع الخاص، وأولويات الاستثمارات العامة والمجالات التى يُرى أن تركز عليها الحكومة فى المرحلة القادمة.


وأضاف أن اللجنة ستناقش كذلك محور تمويل الاستثمار العام والذى يتضمن الاقتراض من أجل تمويل الاستثمارات العامة ودوره فى مزاحمة القطاع الخاص، ودور صندوق مصر السيادى فى التمويل، وأنظمة التمويل من خلال الشراكة مع القطاع الخاص والتمويل الشعبى والتعاونيات.


وأشار إلى أن اللجنة ستهتم بمحور ملكية وإدارة أصول الدولة عبر مناقشة تشغيل الأصول المعطلة، والاستحواذ على أصول الدولة ومدى تنفيذها طبقًا لمعايير حوكمة سليمة، وبرنامج الحكومة بخصوص شركات القطاع العام وقطاع الأعمال العام، وإسهام الطروحات الحكومية فى تنمية البورصة المصرية، ومناقشة وثيقة ملكية الدولة والنظر فى إقرارها أو تعديلها، أو ما يترتب عليها من ضرورة إصدار تشريعات تكفل تنفيذها من عدمه، فضلًا عن دور صندوق مصر السيادى فى تعظيم استخدام الأصول العامة، وتقاطع نشاطه مع الهيئات العامة الأخرى.
وأكد أن المحور الاقتصادى هو أهم محاور الحوار نظراً للأزمات العالمية الاقتصادية وتفاقمها، معبراً عن ثقته فى جميع المشاركين بالحوار الوطنى وجلساته للخروج بآراء وطروحات تساهم فى دعم ودفع عجلة الاستثمار.
رؤية استراتيجية
ومن جانبه، وجه المهندس أحمد صبور عضو مجلس الشيوخ الشكر إلى الرئيس عبد الفتاح السيسى صاحب الفضل فى وجود الجميع على مائدة واحدة فى الحوار الوطني، بكل التنوعات والاختلافات الفكرية والإيديولوجية من أجل مناقشة حاضر هذا الوطن، ولكى يساهم الجميع فى صناعة مستقبله.
وقال صبور: إن الاستثمار أصبح أحد الملفات التى تضعها الدولة على رأس أولوياتها، فالاستثمار سواء كان محلياً أو أجنبياً، يعد أهم وسائل الانفتاح على الأسواق الخارجية، ومكونا أصيلا فى خطط التنمية، وهو ما يتطلب رؤية استراتيجية واضحة دقيقة، لأن المستثمر يهدف إلى تعظيم أرباحه بصرف النظر عما يتحقق من أهداف إنمائية للدول المضيفة، لذلك تأتى أهمية تحديد أولويات الاستثمار فى الدولة بما يتفق مع الرؤية الاستراتيجية.
وأضاف: لذلك فمن الضرورى أن تُترجم الأولويات فى خرائط استثمارية توضح الفرص الاستثمارية التى يجب التركيز عليها فى عملية الجذب والترويج للاستثمارات؛ فزيادة حجم الاستثمار فى حد ذاته ينعكس على معدلات النمو الاقتصادى إيجابا ولكن .. يكون على المدى القصير فقط.
وأكد عضو مجلس الشيوخ أن النجاح الحقيقى يتمثل فى تخصيص الاستثمارات بكفاءة، باعتباره الضامن الوحيد لتحقيق نمو اقتصادى على المدى الطويل، لذلك يجب العمل على تحديد الأولويات على النحو الذى يسمح بإعادة تخصيص الموارد لتنفيذ البرامج والمشروعات الأكثر جدوى من الجوانب الاقتصادية الكلية، والجوانب الاجتماعية، والبيئية بهدف إنتاج السلع والخدمات الأساسية، وتطوير الصادرات وإحلال الواردات، وتوفير فرص العمل، وكذلك التأكيد على أهمية التحديث الدائم للخريطة الاستثمارية وتحسين جودة بياناتها، وإطارها الشامل قطاعياً وجغرافياً لكى تعمل كدليل استرشادى للمستثمرين فى جميع القطاعات.
وأشار صبور إلى ضرورة اتخاذ خطوات سريعة لفك التعقيدات التى تواجه المستثمرين على كافة المستويات، والإعلان عن إجراءات ميسرة تساهم فى سرعة البدء فى مشروعاتهم والانتهاء منها بسلاسة ودون أى تعقيداتٍ على أرض الواقع.


ولفت إلى أن الفترة الماضية شهدت اهتماما كبيرا من جانب القيادة السياسية بتنمية القطاع الصناعي، لقدرته على دفع عجلة الإنتاج وزيادة معدل النمو الاقتصادي، بالإضافة إلى أنه من القطاعات الأساسية التى توفر فرص عمالة وتساهم فى علاج مشكلة البطالة، كما يساهم قطاع الصناعة فى توفير موارد النقد الأجنبى وعلاج مشاكل عجز ميزان المدفوعات، وبناء على ذلك لابد من إطلاق استراتيجية الصناعة المصرية 2022-2026 والتى سبق الإعلان عنها فى سبتمبر الماضي، والتى تستهدف تنمية وتطوير الصناعة المصرية وزيادة نسبة مساهمة الناتج الصناعى فى الناتج القومى الإجمالي، وتعزيز مشاركة القطاع الخاص فيها، وميكنة الخدمات، وتوفير الأراضى بأسعار مناسبة، وترفيق المناطق الصناعية، وتوحيد جهات الولاية وفض التشابكات، وتفعيل قانون تفضيل المنتج المصري.


وأكد صبور أن الاستثمار فى مجال التكنولوجيا هو رهان العالم الرابح، لذلك لابد أن تكون مصر جزءاً منه، من خلال دعم الأفكار والابتكار لجذب مزيدٍ من الاستثمارات وصناديق الاستثمار المتخصصة فى التكنولوجيا، وهو ما يساهم فى تطوير العديد من القطاعات.
وشدد على أنه من الضرورى تعزيز دور الوساطة والتسوية الودية بين المستثمرين كركيزة أساسية لتهيئة المناخ الجاذب للاستثمار، وهو ما يتطلب تقنين الوساطة بما يتوافق مع التشريعات الدولية خاصة قانون الأونسيترال النموذجي، والترويج للوساطة وتقديم الحوافز الداعمة لها.


واستكمل: محور آخر، أريد الانتقال إليه يتعلق بوثيقة ملكية الدولة ، «وثيقة سياسة ملكية الدولة» التى تعدُ خطوة رئيسية فى إطار زيادة فرص مشاركة القطاع الخاص فى الاقتصاد، حيث تمثل رسالة اطمئنان للمستثمر المحلي، وعنصر جذب للاستثمار الأجنبي، كما تسهم فى تعزيز ثقة المؤسسات الدولية، بما يجعلها خطة متكاملة تستهدف تمكين القطاع الخاص وتنظيم تواجد الدولة فى النشاط الاقتصادي، حيث تستهدف مشاركة أكبر للقطاع الخاص فى الاقتصاد المصرى ليمثل 65% خلال 3 سنوات مقبلة.


وأضاف: لكن ظهر فى إطار برنامج الطروحات الحكومية أن كياناتٍ عديدةً، سواء شركاتٍ أو أصولاً، مملوكة إلى 10 أو 12 جهة بالدولة، وإن طرح هذه الكيانات يحتاج إلى سلسلة من الإجراءات البيروقراطية، التى تستغرق أمدا زمنيا بعيدا، فكان التحرك السريع من جانب المجلس الأعلى للاستثمار بإنشاء وحدة تابعة لمجلس الوزراء تكون معنية بتجميع بيانات هذه الشركات واتخاذ القرارات الملزمة، سواء بالدمج أو التصفية أو بيع نصيب الدولة، دون الرجوع إلى كل هذه الجهات، وهو ما يساهم فى إحداث تقدم حقيقى فى هذا الملف.