« قُبلة الحياة» قصة قصيرة للكاتبة سهام الوهيبي

الكاتبة سهام الوهيبي
الكاتبة سهام الوهيبي

احتضنتُها مع قبلة حارة على الجبين، أودِّعُها، وبداخلي أمنية أن تعود؛ كما تمنيت قدومها من سنوات، التفتُّ لأرى تلك السيدة البيضاء تحمل وعاءً به ماءٌ ساخنٌ و تأتي مهرولة، استأذنتُها في اختبار دفء المياه حتى لا تجرحها درجة الحرارة العالية، اطمأننت وهدأت نفسي بعد ملامستها، قلت لها: هيا لنبدأ، لقد كانت تفضل المياه دافئة؛ فهي ذات بشرةٍ حساسة.

 

تأهبَت لاستكمال مهمتها، وانتزعت ملابسها لتستهل بالجانب الأيمن، وبلا وعيٍ بدأَت دموعي تهطل بلا توقف.

وقلت: أهذه هي النهاية؟

لا رفض.. لا امتناع.. لا رأي!

هذه ليست طبيعتها! لقد كانت تعترض وبشدة على كل شيء، وفي أي وقت!

إلى أين تذهبُ أصواتنا، إيماءاتنا؟

نبهتني السيدة على استحياء احتراما لأحزاني وقالت: عليكِ مساعدتي فأنتِ الأقرب.

اقتربتُ منها كما كنت أفعل وهي طفلة، ضممتها في صدري، وسط دموعي المتراكمة والتي أزحتها عن عينيَّ لأشبع من دفئها؛ حينها رأيتُ مشدًا طابقّا على جسدِها، تحاول السيدة وحدها جاهدةّ أن تفكَّ حصارَه عنها، دون جدوى!

لذا طَلبَت أن أشاركها في العمل، تذكَّرتُ، كنتُ أساعدها في ارتدائه وأعلم خفاياه.

قلت لها: انتظري، عند المنتصف يوجد جزءٌ فاسدٌ يعرقل الغلق أو الفتح في تلك المنطقة.

تحايلتُ عليه مثلما كان الحال من قبل، حتى تم نزعه.

سمعت شهقةً غريبة، فإذا بها تتنفس من جديد، وتعود إشراقتُها و لونُها الوردي!

تهللتُ مستبشرةً لتحقيق أمنيتي، لقد عادت!

في حين صرخَت السيدة، وولَّت مُدبِرة من هولِ الحدث, لم أتمالك نفسي، وجدتُني أعيدُ ترتيبَ هندامِها من جديد؛ استعدادًا لاستقبالِها كمولودٍ جديدٍ انتظرناه.