فى الصميم

جريمة حرب.. والفاعل ليس مجهولًا!!

جلال عارف
جلال عارف

على وجه السرعة اجتمع مجلس الأمن لبحث التطور الخطير الذى يمثله تفجير سد "كاخوفكا"، فى الأراضى الأوكرانية الواقعة تحت سيطرة روسيا. وكان الرئيس الأوكرانى قد طلب التعامل مع الأمر على أنه "جريمة حرب"، ارتكبتها روسيا ولابد من محاسبتها دوليا عليها. لكن ما حدث فى الساعات القليلة قبل انعقاد المجلس ألقى بظلاله الكثيفة عليها، ليبدو الأمر وكأنه بالنسبة لمعظم الأعضاء عبء ثقيل يودون الخلاص منه!!

قبل الجلسة ثارت الشكوك حول الرواية الأوكرانية للحادث. واضطر الرئيس بايدن إلى الإعلان بأن المتسبب فى الحادث لم يتم تحديده بعد! ورغم التعتيم الإعلامى المقصود فقد بدأ الجميع يدركون أن تفجير السد يلحق الأضرار بالأراضى الواقعة تحت السيطرة الروسية، وأن أزمة نقص مياه الشرب ستكون فى "القرم" التى ضمتها روسيا قبل تسعة أعوام، وأن أكبر الدمار سيصيب الأراضى التى فقدتها أوكرانيا التى ستستفيد أيضا عسكريا بتعطيل حركة القوات الروسية فى الأراضى التى غمرتها مياه السد والواقعة تحت سيطرتها!

وربما من باب المصادفة نشرت "الواشنطون بوست" وثيقة مسربة جديدة عن حادث تفجير خط الأنابيب "نوردستريم"، يؤكد مسئولية أوكرانيا عنه، ويشير إلى أن المخابرات الأمريكية كانت تعلم مسبقا بأن أوكرانيا تخطط لذلك!! وكانت روسيا تطلب من بلجيكا توضيح موقفها بعد أن ثبت استخدام أسلحة بلجيكية فى الهجوم الأخير الذى تم داخل الأراضى الروسية"!!"

.. وهكذا تحولت الجلسة إلى "مكلمة" أو أحاديث مكررة عن أن روسيا هى التى بدأت الحرب فى العام الماضى، وعن أضرار التفجير وانتظار نتائج التحقيق إلى هجوم معاكس من روسيا واتهام لأمريكا والغرب بالمسئولية عما حدث!!

أمريكا أعلنت أنها مستمرة فى دعم أوكرانيا، وهذا أمر طبيعى فالحرب هى بين روسيا وبين التحالف الغربى بقيادة أمريكا. وهذا يعنى أن المأساة مستمرة وتدمير البنية الأساسية فى أوكرانيا يتم الآن من جانب روسيا وحكومة زيلانسكى معا والأسئلة هنا كثيرة ومنها إلى متى؟ وبأى ثمن؟ وهل ستكون هناك قيمة حقيقية للوعود بعدم استخدام السلاح الأمريكى والأوروبى داخل روسيا بعد الآن؟ وماذا إذا ثبت للغرب مسئولية أوكرانيا عن نسف السد كما عن تفجير خط الأنابيب فى العام الماضى؟!

مراجعة المواقف "من كل الأطراف"، مطلوبة بشدة.. وقد تكون الوسيلة لفتح باب التفاوض قبل أن يقع الكبار فى كارثة الصدام المباشر!