روشتة النقاد لتستعيد السينما المصرية حضورها الدولي

ماجدة موريس- طارق الشناوى -عصام زكريا- الفيلم «ستاشر»
ماجدة موريس- طارق الشناوى -عصام زكريا- الفيلم «ستاشر»

مصر هوليوود الشرق، أول الدول العربية التى عرفت الطريق للمشاركة بالمهرجانات السينمائية الدولية وفى مقدمتها مهرجان «كان» السينمائى منذ دوراته الأولى، وكان الحضور لأعمدة الفن المصرى يوسف بك وهبى والمخرج محمد كريم بالفيلم الروائى الطويل «دنيا»، وعشرة أفلام متنوعة بتوقيع المخرج الراحل يوسف شاهين..

الآن  لم يعد للسينما المصرية حضورها المتميز فى المهرجانات الكبرى، فلا تشارك إلا على استحياء. 

 فى الدورات الأخيرة لمهرجان «كان» الأشهر والأكثر بريقا، كانت السينما المصرية غائبة عن المسابقة الرسمية تماما، واقتصرت المشاركة فى المسابقات الموازية وعلى الأفلام القصيرة، كان أهمها «ستاشر» لسامح علاء الذى فاز عام ٢٠٢٠ بالسعفة الذهبية لأفضل فيلم قصير، ثم «ريش» ٢٠٢١ لعمر الزهيرى وهو فيلم طويل فاز بالجائزة الكبرى لأسبوع النقاد..

وهذا العام كان لمصر فيلمان قصيران هما «عيسى» للمخرج مراد مصطفى وهو أيضا بأسبوع النقاد، و«الترعة» لجاد شاهين.. وهذا الغياب يقابله حضور لافت للسينما العربية..

هذا العام احتفى المهرجان بمشاركة ٧ مخرجين عرب أو من أصول عربية وأكد على ذلك تييرى فريمو مدير «كان» فى كلمته قائلا «تُعيد السينما العالمية اختراع نفسها، هناك حضور قوى من شمال إفريقيا وشرق وغرب إفريقيا، وهناك العديد من النساء بين هذا الجيل الجديد»، وعليه كانت السينما العربية حاضرة فى المسابقة الرسمية من خلال الفيلم التونسى «بنات ألفة» لكوثر بن هنية، وفى المسابقات المختلفة كانت المغرب حاضرة بفيلمين هما «كلاب الصيد» لكمال لازرق و «كذب أبيض» لأسماء المدير، ومن السودان «وداعا جوليا» لمحمد كردفانى، ومن الأردن «إن شاء الله ولد» لأمجد الرشيد، والفيلم القصير «البحر الأحمر يبكى» وهى المشاركة فى المهرجان العريق لكل من الأردن والسودان، وكان للجزائر «عمر الفراولة» الياس بلقدار.

فى هذا التحقيق الذى أجرته «الأخبار» حول  أسباب غياب السينما المصرية عن المهرجانات الدولية ، يكشف لنا النقاد أسباب هذا التراجع ، ويقدمون روشتة علاجية لمحاولة استعادة السينما المصرية حضورها وتواجدها من جديد.

أفلام تجارية !

أشار الناقد الفنى طارق الشناوى أن أسباب الغياب فى الأفلام الطويلة الروائية فى حين تواجدت الدول العربية وحصولها على جوائز مثل الأردن والسودان، يرجع لغياب اللغة السينمائية العالمية واعتماد الأفلام على اللغة التجارية المصرية، حيث كانت وزارة الثقافة تقدم عام ٢٠١٦ دعم أفلام بقيمة ٢٥ مليون جنيه للأفكار الإنتاجية الجديدة ، ومنذ توقف الدعم أصبح من الصعب تقديم أفلام جادة، ووهناك ايضا السيطرة الرقابية على الأفلام، لذا نحن فى حاجة للمرونة الرقابية لتستوعب الكثير من الأفكار الفنية.

كما إن الإنتاج خارج الحدود يلاقى الكثير من المشاركة فنجد مشاركة حكومية وأجنبية لإنتاج الأفلام فى كثير من الدول العربية وعلى رأسها الأفلام المغربية، أما فى مصر فالباب موصد ولابد من اتساعه لخلق مناخ جيد تنمو فيه المواهب الفنية المصرية، كما يمكن للدولة المشاركة فى دعم الأفلام التى تستحق العمل عليها من خلال تقليل تكلفة التصوير فى الأماكن العامة وبذلك تعد مساهمة إنتاجية غير مباشرة.

اختفاء المنتج الفنان!

أما الناقدة ماجدة موريس فأشارت بأن مصر لا تزال تحرص على وجودها العالمى حتى وإن كان على استحياء فى الآونة الأخيرة بالأفلام القصيرة الذى يكاد يحاول تعويض الغياب الواضح بالمشاركة بالأفلام الطويلة والمسابقات الرسمية، وذلك من خلال فيلم «عيسى» للمخرج مراد مصطفى وفيلم «الترعة» وكلاهما أفلام قصيرة استطاعت جذب أنظار النقاد وفنانى العالم بما قدمته من أفكار جديدة وغريبة عن المجتمع المصرى، والدليل على ذلك حصول «عيسى» على جائزة «رايل» الذهبية لأفضل فيلم قصير فى مسابقة أسبوع النقاد بمهرجان «كان»، أما فيلم «الترعة» والمشاركة فى مسابقة الطلبة فى قسم CINEF LA فحصل على إشادة، وأكدت على أن وجود تلك الأفلام دليل على تواجد أجيال شابة واعية سينمائياً فى مصر تحارب من أجل فن جاد يعبر عن المجتمع.

وأشارت بأن أزمة السينما المصرية قديمة منذ سنوات طويلة لاختفاء كبار المنتجين الفنانين وأن أغلب المتواجدين يسعون لحصد الأموال سريعا، وهو ما أثر على الصناعة فضلا عن اختفاء دور العرض السينمائية من جميع المحافظات بمصر، وترى أنه من أجل حل تلك الأزمة لابد من تكاتف الجهود مع الدولة بتوفير مبادرات تدعم صناعة الأفلام الجادة والتى تستحق التواجد فعليا باعتباره من أنواع القوة الناعمة التى تعكس صورة جيدة بمصر خارجيا، وتقليل تدخل الرقابة، ولابد من عودة افتتاح دور العرض من جديد لتواجه المنصات الإليكترونية.

غياب الدعم

أكد الناقد الفنى عصام زكريا بأن فن السينما فى مصر يعانى من أزمة حقيقية أو على الشقين الفنى والصناعة وهذا يرجع إلى أن السينما تواجه مشاكل متعددة المتداخلة منها عدم توافر الدعم المالى وتفضيل المنتجين إدارة أموالهم بشكل يدر عليهم دخلا كبيرا دون الاهتمام بالمضمون المقدم فى الغالب، بالإضافة لتردى الوضع الثقافى بين الجمهور وغياب المؤلفين ذوى الأفكار والخبرات الدرامية والسينمائية الثقيلة الغنية بمفردات تعبر عن المجتمع، وأضاف بأن هناك حربا جديدة تخوضها السينما مع المنصات الإليكترونية التى باتت تهدد وجودها، ويرى بأنه لابد من تضافر الجهود من جميع محبى فن صناعة السينما من الجانب الخاص والجانب الحكومى، وتقليل الشروط الرقابية التى قد تمنع بعض الأفلام من الظهور للنور.