معاناة السوريين بين الترحيل القسرى والعودة طواعية

أطفال سوريون لاجئون فى لبنان
أطفال سوريون لاجئون فى لبنان

لا تزال أزمة النزوح السورى إحدى أكثر أشد العواقب الوخيمة والممتدة للحرب منذ بداية النزاع المسلح فى 2011 الذى أُجبِر حوالى 13 مليون شخص على الفرار خارج البلاد أو النزوح داخل حدوده وهو ما جعل أعداد النازحين واللاجئين السوريين تشكل أرقاماً هائلة.

حيث استضافت دول جوار سوريا أكثر من 5.6 مليون لاجئ سورى، وهى أكبر مجموعة من اللاجئين حول العالم، إضافة إلى أعداد كبيرة فى دول أخرى، وأصبح السوريون يشكلون أكبر عدد من اللاجئين فى العالم.

حيث ينتشرون فى أكثر من 127 دولة، ويتواجد العدد الأكبر منهم فى تركيا، بينما يستضيف لبنان والأردن أعلى نسبة لاجئين مقارنة بعدد السكان، ومع الانهيار الاقتصادى الخطير فى لبنان، أصبح أكثر من 90 فى المئة من النازحين السوريين يعيشون فى فقر مدقع، ويعتمدون على الاقتراض والديون المتزايدة للبقاء على قيد الحياة، ووفقًا لآخر الإحصاءات، يستضيف لبنان 15.5٪ من إجمالى اللاجئين السوريين المسجلين فى منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وهو ما أدى التوسع المفاجئ فى حجم العمالة إلى انخفاض أجور اللبنانيين والسوريين على حدٍ سواء.

وأصبحت الخدمات التعليمية والصحية التى كانت غير كافية من قبل تتعرض لمزيد من الضغوط حيث يقيم اللاجئون فى مستوطنات غير صحية.

وأمام الوضع الاقتصادى المتردى أعلن عصام شرف الدين، وزير المهجرين فى حكومة تصريف الأعمال، فى يوليو الماضى عن خطة حكومية لبدء إعادة 15 ألف لاجئ سورى إلى سوريا شهريا.

 أما فى الأردن، يشكل اثنان فى المئة فقط من أسر اللاجئين التى تستطيع تلبية احتياجاتها الغذائية الأساسية. وعلى رغم أن بعض أجزاء سوريا لم تشهد أى أعمال عدائية منذ 2018، إلا «أن سوريا ما زالت بلداً غير آمن»، بحسب ما تؤكد «المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين»، وأنها لن تسهل عمليات العودة الجماعية إليها فى غياب شروط الحماية الأساسية، لكنها ذكرت أنها ستساعد اللاجئين الأفراد الذين يقررون العودة طواعية. ومع هذا، لم تشهد أعداد اللاجئين العائدين إلى سوريا، بشكل طوعى، ارتفاعاً كبيراً، ولا تزال السلامة والأمن فى سوريا فى طليعة المخاوف بالنسبة إلى اللاجئين عند اتخاذ قرار العودة إلى ديارهم.

ينتظر قرابة 4 ملايين لاجئ سورى تحديد مصيرهم بعد فوز الرئيس التركى رجب طيب أردوغان بولاية جديدة.

وفى خضم الانتخابات التركية، كشف استطلاع للرأى أجرته صحيفة «الغارديان» البريطانية، إن 80 بالمئة على الأقل من الأتراك يريدون عودة السوريين إلى وطنهم.

ويرجع مراقبون تنامى هذا الشعور وخصوصا بالنسبة للأحزاب المناهضة للمهاجرين، إلى دور الأزمة الاقتصادية التى تؤجج المشاعر المعادية للاجئين فى البلاد التى تتصاعد إلى سوريا التى مزقتها الحرب.

وقدمت حكومة أردوغان تعهدات بإعادة توطين السوريين فى المناطق التى تحتلها تركيا شمال سوريا.

وبدأ يلوح تحرك الدنمارك المثير للجدل لتصنيف أجزاء من سوريا على أنها «آمنة»، وبالتالى فتح الباب أمام عودة محتملة لمئات اللاجئين السوريين، الا أن هذا الجدل فقد مصداقيته عندما قرر مجلس الدولة الهولندى أنه لا يمكن إعادة طالبى اللجوء السوريين فى هولندا تلقائيا إلى بلادهم رغم تصنيف الدنمارك، حيث اكدت معظم الدول الأعضاء فى الاتحاد الأوروبى والمفوض السامى للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن سوريا ليست آمنة لعودة اللاجئين.

ويخشى اللاجئون العائدون إلى سوريا من مواجهة صعوبات اقتصادية شديدة، وعدم تمكنهم من تحمل تكاليف المواد الغذائية الأساسية. كما وجد معظمهم منازلهم مدمرة كليا أو جزئيا.