بدء توافد القادة العرب على جدة.. وحسام زكي: بشار الأسد يشارك في القمة غدا

فعاليات إجتماع وزراء الخارجية التحضيري للقمة العربية بالسعودية
فعاليات إجتماع وزراء الخارجية التحضيري للقمة العربية بالسعودية

يبدأ غداً الخميس توافد القادة العرب على مدينة جدة بالمملكة العربية السعودية للمشاركة في أعمال القمة العربية الـ ٣٢، والتي أُطلق عليها قمة التجديد والتغيير، وسط استعدادات مكثفة من القيادة السعودية لإنجاح أعمالها في ظل توقعات بحضور كبير من القادة العرب، حيث سيغيب فقط عن القمة لأسباب مختلفة، منها الفريق عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني حيث أناب عنه السفير دفع الله الحاج علي مبعوث رئيس مجلس السيادة السوداني، كما يغيب أيضاً سلطان عُمان السلطان هيثم بن طارق آل سعيد حيث يترأس وفد عُمان أسعد بن طارق، وكذلك يغيب أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد، وسيحضر بدلاً منه ولي عهده الشيخ مشعل الأحمد.

هذا وقد انتهي وزراء الخارجية العرب من وضع اللمسات الأخيرة لمشروعات القرارات التي تم بحثها في العديد من الاجتماعات التحضرية علي مستوي المندوبين، وكذلك أنهت أعمال اللجان الثلاثة الخاصة أعمالها وهي اللجنة العربية الخاصة بفلسطين وتركيا وإيران، قبل الجلسة العامة لوزراء الإعلام برئاسة وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان بعد ترأس بلاده المستضيفة  أعمالها خلفاً للجزائر. 

وكانت اجتماعات وزراء الخارجية العرب قد بدأت أعمالها اليوم بتسليم وتسلم الرئاسة من الجزائر إلى السعودية، حيث أكد أحمد عطاف وزير الخارجية الجزائري خلال كلمته، أن اجتماع وزراء الخارجية يُعقد في ظرف إقليمي خاص يعرف تطورات نوعية سريعة ومتسارعة تستدعي مواصلة العمل من أجل رص الصفوف وتوحيد الكلمة بغية تجاوز العقبات والتحديات التي تحول دون ضمان مكانة تليق بالأمة العربية، لاسيما في ظل الاختلالات التي تطال منظومة العلاقات الدولية القائمة. فالتحولات التي يشهدها العالم حالياً وما تنبئ به من بوادر إعادة تشكيل موازين القوى، يجب أن تستوقفنا لتدارس واستكشاف سبل التأقلم معها والمساهمة كمجموعة موحدة في صياغة ملامح منظومة علاقات دولية نريدها أن تكون مبنية على أسس السيادة المتساوية للدول والأمن المتكافئ وتوازن المصالح والترابط المنصف.

وأعرب عن تطلع الجزائر إلى قمة جدة كفرصة متجددة وجب أن نواصل من خلالها جهودنا وأن نكثف من أجلها مساعينا لكسب رهانات العمل العربي المشترك واستكشاف آفاقه الواعدة عبر تثمين ما يجمع الدول العربية من مقومات أصيلة وتحييد ما يفرقها من تجاذبات هامشية.. وأوضح أن الجزائر وضعت تحت قيادة الرئيس عبدالمجيد تبون، هذه الأهداف في صلب أولويات رئاستها الدورية.. وأشار إلى أن الجزائر رحبت أيما ترحيب ببوادر تكريس هذا التوجه الذي بدأت تتجلى ملامحه مع استئناف الجمهورية العربية السورية الشقيقة شغل مقعدها بمنظمتنا والخطوات التي تم اتخاذها لتطوير وتقوية العلاقات العربية-السورية والمساهمة بشكل جماعي في حل الأزمة في هذا البلد الشقيق، فضلا عن التقارب الحاصل في العلاقات العربية مع الجارتين تركيا وإيران. "وفي نفس أجواء الانفراج، نحيي وندعم المؤشرات الإيجابية للوصول إلى حل مستدام للأزمة في اليمن الشقيق بما يحقق إرادة وطموح الشعب اليمني في استعادة أمن بلاده واستقرارها".

صورة المنطقة العربية

ومن جهته، أكد أحمد أبو الغيط الأمين العام للجامعة العربية خلال كلمته، أن المنطقة العربية مرّت خلال الفترة الماضية، ومنذ انعقاد قمة الجزائر في نوفمبر الماضي بعدد من الأحداث والتطورات التي تستحق التوقف عندها، وربما كان من حسن الطالع أن تنعقد قمتان عربيتان في أقل من عام في هذه الظروف التي أقل ما يُقال في وصفها أنها استثنائية وضاغطة، مشيراً إلى أنه ما زالت البيئة العالمية حافلة بالمخاطر والأزمات، وبعض هذه الأزمات لم تشهد الساحة الدولية لها مثيلاً منذ عقود طويلة، وقد امتدت آثارها وتبعاتها إلى كل بقعة في العالم تقريباً مخلفة مخاوف جمة، وحالة خطيرة من انعدام اليقين.

صراعات القوى الكبرى

 وأوضح أن صراعات القوى الكبرى، التي تمثل الحرب في أوكرانيا واحدة من حلقاتها، تخصم من الأمن العالمي، وتُشيع الاضطراب في الاقتصاد الدولي، وتضع على كاهل الكثير من الدول تكاليف إضافية، سواء في تعزيز الأمن أو في الحصول على الموارد، لا سيما الطاقة والغذاء، ويقيني أن هذه الصراعات تُمثل تطوراً سلبياً، خاصة على الدول البازغة الساعية إلى النمو، والأسواق الناشئة التي تحتاج للاستقرار، ومن بينها الكثير من دول منطقتنا العربية، وبالرغم من الصعوبة الشديدة في اتخاذ المواقف في زمن الاستقطاب بين القوى الكبرى، فإن علينا دائماً التشبث بالمصالح الوطنية لدولنا كبوصلة هادية لمواقفنا، وهذا بالضبط ما فعلته الجامعة العربية إبان اندلاع الحرب في أوكرانيا، وأظن أن علينا الاستمرار في التحرك والعمل ككتلة موحدة، تنسق في المواقف وتتحدث بلسان واحد، فهذا ما يُعطي مواقفنا ثقلاً ويمنحها وزناً ويوفر المظلة الحامية لمنطقتنا من شرور الاستقطاب والصراع في قمة النظام الدولي.

مخاطر جديدة تُثير القلق

وأشار "أبو الغيط" إلى أن الصورة في المنطقة العربية خلال الشهور الماضية مختلطة، تحمل بعض المؤشرات المطمئنة جنباً إلى جنب، مع مخاطر جديدة تُثير القلق الشديد.

وقد اندلع نزاع مسلح في السودان شهدنا جميعاً مدى خطورته على شعب السودان الذي رُوِّع أبناؤه وواجهوا الموت والتشريد جراء صراع لم يتسببوا فيه، وخطورته على الدولة السودانية واستقرارها ووحدتها الترابية وسلامة مؤسساتها الوطنية، فالسودان بلد عربي مهم، واشتعال الصراع العسكري في مدنه وشوارعه على هذا النحو المؤسف أدمى قلوب العرب، وإننا نعتبر قمة جدة فرصة يتعين اغتنامها من أجل وضع حد لكافة المظاهر المُسلحة كخطوة أولى نحو استعادة الهدوء والعودة لمسار السياسة.

 وقال: "إن العرب لن يتركوا إخوانهم في السودان وحدهم، فنحن نواكب التطورات ونُقدم كل الدعم الممكن، وقد شكل مجلسكم الموقر مجموعة اتصال لهذا الغرض في السابع من هذا الشهر، ورأينا جهداً كبيراً محموماً ومتواصلاً للوساطة قامت به المملكة العربية السعودية، هنا في جدة، ولكن الأمر مرهون في المحصلة بإرادة السودانيين وقياداتهم لوضع حد لهذا الانحدار، وإسكات البنادق في أسرع وقت.

وبرغم أن الأزمات في سوريا واليمن وليبيا ما زالت قائمة من دون حل شامل أو تسوية نهائية، إلا أنها تمر بمرحلة من الجمود التي تسمح بمقاربات جديدة، وقد حدث بالفعل تحريك للمياه الراكدة في عدد من هذه الأزمات، واتخذ مجلسكم الموقر قراراً في 7 مايو الجاري حول سوريا انطوى على مقاربة شاملة للأزمة، ومهد الطريق لانخراط عربي أكبر وأكثر فاعلية في تعزيز التسوية ومعالجة التبعات والآثار التي لحقت بسوريا ودول الجوار في السنوات الماضية، فسوريا دولة لها إسهام حضاري بارز في هذه المنطقة على مر تاريخها، وهي دولة مؤسسة في هذه الجامعة. وإننا جميعاً نتطلع لتفاعل سوري بنّاء وإيجابي مع هذا الحراك العربي لصالح شعبها، وتعزيزاً لدورها وحضورها".

كما شدد أبو الغيط بقوله: "نلمس بعض التطورات الإيجابية في مواقف دول الجوار وإدارتها لعلاقاتها مع المنطقة العربية، أتحدث هنا عن إيران وتركيا على وجه التحديد، وليس خافياً ما عانته منطقتنا العربية، ولا زالت، من الآثار السلبية الخطيرة للتدخلات في شئونها الداخلية. إننا نَنشُد علاقات تقوم على الاحترام المتبادل ومبدأ السيادة وعدم التدخل في الشئون الداخلية للدول. من هذا المنطلق، أعاود في هذا المقام الترحيب بالاتفاق الذي تم التوصل إليه بين السعودية وإيران في بكين بمبادرة مشكورة ومحمودة من الرئيس الصيني. ونتطلع إلى أن يُمثل هذا الاتفاق خطوة حاسمة لحل الخلافات والنزاعات الإقليمية بالطرق الدبلوماسية، وأن يؤسس لعلاقة جديدة قوامها حسن الجوار واحترام السيادة والالتزام بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة الناظمة للعلاقات بين الدول".

إشادة بدور مصر

ومن جهة أخرى، حظي الوضع في السودان باهمية استثنائية حيث تم عقد الاجتماع الأول لمجموعة الاتصال العربية الوزارية المعنية بمتابعة تطورات الوضع في السودان، والتي تشكلت بموجب قرار مجلس الجامعة العربية في دورته غير العادية بتاريخ 7 مايو الجاري بعضوية مصر والسعودية والأمين العام للجامعة العربية، وتُعنى المجموعة بالتواصل مع الأطراف السودانية والدولية للعمل على معالجة أسباب الأزمة، وبذل المساعي للتوصل لوقف كامل ومستدام لإطلاق النار.

وأوضح المتحدث باسم الخارجية السفير احمد ابوزيد ومدير إدارة الدبلوماسية العامة، بأن الاجتماع، الذي شارك فيه وزيرا خارجية مصر والسعودية وامين عام الجامعة العربية، أكد على أهمية التوصل لوقف فوري ومستدام لإطلاق النار حفاظاً على مقدرات شعب السودان الشقيق ومؤسساته الوطنية، بالإضافة إلى أهمية التعامل مع الأزمة السودانية باعتبارها شأناً داخلياً، ومحورية دور دول الجوار ومجموعة الاتصال العربية فى معالجة الأزمة. كما حذرت المجموعة من التدخل في الشأن السوداني، وأعربت عن دعمها لإعلان جدة الإنساني الخاص بحماية المدنيين وتسهيل العمل الإنساني وتلبية الاحتياجات الإنسانية العاجلة.

وأضاف السفير أبو زيد، بأن أعضاء مجموعة الاتصال أشادوا بجهود عدد من الدول العربية، ومنها مصر، في تخفيف معاناة الشعب السوداني الشقيق، وأكدوا على مواصلة المجموعة جهودها ومساعيها الحميدة مع كافة الأطراف السودانية، وتنسيقها مع التجمعات والشركاء الإقليميين والدوليين، للتوصل إلى حلول للأزمة، مع دعوة المجتمع الدولي لتوفير الدعم الإنساني والطبي العاجل للشعب السوداني.

توافق حول سوريا 

وكانت سوريا بنداً مهماً في مناقشات المندوبين الدائمين خاصة وان الجدول الاعمال في الدورات السابقة كان يتضمن بند خاصة بالوضع في سوريا يتضمن رصد سلبي للاوضاع خلال الـ١٢ عاماً الماضية وتم التوافق خلال هذا العام علي ان تتولي سوريا صياغة هذه القرار في ضوءً استعادة عضويتها خلال الايام الماضية ومشاركتها لاول مرة في اجتماعات الجامعة.

كان المشروع المقدم من دمشق خالي من بعض الشواغل التي تهم عدد من الدول العربية والتي تمثل توابع الازمة السورية ويمكن تلخيصها في السعي الي اعادة احياء العملية السياسية وفقا للقرارات الدولية ومنها استعادة الوحدة الوطنية، عن طريق العمل الجاد لاحياء اعمال اللجنة الدستورية، التي تضم الحكومة مع كل اطياف المعارضة السورية، والمجمدة ، منذ يوليو من العام الماضي، نتيجة مطلب روسيا بتغيير مكان عقدها من جنيف ،الي أي مدينة آخري،  والمستمرة منذ يناير ٢٠١٨ دون تحقيق آي تقدم علي كافة الاصعدة .

وكذلك اللاجئين في السوريين في الخارج، وعددهم يتجاوز ٥ مليون نسمة، وهي ازمة تعاني منها لبنان والاردن بصفة اساسية ومنها ايضا المساهمة السورية النشطة من الحكومة في وقف تهريب المخدرات وهي قضية ملحة للاردن ودول الخليج  حيث تشير احصائية اردنية تتحدث عن وصول عدد الحبوب المهربة الي اكثر من مليار حبة من الكبتاجون خلال الربع الاول من هذا العام فقط خاصة وان هناك رغبة عربية في المساهمة في ورشة التعمير المتوقعة والارقام المتداولة تتحدث عن مابين ٣٠٠ الي ٤٠٠ مليار دولار، قابلة للارتفاع، ومازالت في انتظار رفع العقوبات الامريكية والاوربية واشهرها قانون قيصر، الذي دخل حيز التنفيذ في بدايه عام ٢٠٢٠ والذي يمثل عائق كبير من امام مشاركة الجهتين في التعمير، وتخوف من دول وشركات عربية، من الدخول علي خط الاعمار، تحسبا لفرض عقوبات عليها، وهو الامر الذي عطل المشروع المهم، لتوفير الطاقة والكهرباء للبنان مرورا بالاردن وسوريا من مصر ، حيث اشترطت الشركات المنفذة للمشروع، الحصول علي ضمانات للمشاركة وظلت الامور الخاصة بهذ البند معلقة في اجتماعات المندوبين.

مشاركة القادة

وفي ختام اجتماع وزراء الخارجية مساء اليوم، أعلن السفير حسام زكي الأمين العام المساعد للجامعة العربية، أن قمة جدة ستشهد مستوى حضور طيب من القادة، موضحاً أن الرئيس السوري بشار الأسد سوف يحضر القمة، كما أنه السودان سوف يمثله مبعوث رئاسي موفد من رئيس مجلس السيادة السوداني الفريق عبدالفتاح البرهان.. وقال إن اجتماع وزراء الخارجية العرب جرى في أجواء جيدة وهادئة وإيجابية، وكان به تفاهمات عديدة أدت إلى أن الاجتماع لم يستمر وقتًا طويلاً، وكان التوافق هو السمة الرئيسية لكافة القرارات التي تم رفعها للقادة بعد غد الجمعة.

وفيما يتعلق بعودة سوريا، قال زكي إن هذه العودة تدشن لمرحلة جديدة من التعامل مع الوضع في سوريا وتطوراته، مشيراً إلى أن "هناك مشروع قرار في هذا الشأن"، واصفا إياه بأنه "مشروع واقعي يتعامل مع الوضع الحالي في ضوء الاجتماعات التي سبق أن جرت، سواء في جدة أو في عمّان، والتفاهمات التي تمت في هذا الخصوص مع الجانب السوري أيضاً".. وأضاف: "بالفعل هذا تطور إيجابي يجب أن يأخذ الجميع به علماً"، متوقعاً أن "يكون هناك إسهام عربي ملموس في استعادة الهدوء والاستقرار والأمن في سوريا ومحاولة مساعدتها في التعامل مع المشاكل العديدة التي تواجهها".